من هديل الصايغ
دبي (رويترز) - أصبحت إدارة صناديق الثروة السيادية في الخليج عملا صعبا في ظل النفط الرخيص حيث يواجه المديرون ضغوطا متنامية من الساسة والرأي العام كي يثبتوا أنهم يستثمرون الاحتياطيات الوطنية بطريقة رشيدة.
وعندما كانت أسعار النفط مرتفعة لم تتعرض الصناديق الخليجية -وبعضها من اضخم صناديق الثروة السيادية في العالم- لتدقيق عام يذكر. وكانت خزائن الحكومات تفيض بإيرادات الطاقة وبدا المستقبل المالي لدول الخليج العربية آمنا.
لكن في ظل السعر الحالي لخام برنت الذي لا يزيد كثيرا على نصف مستواه في يونيو حزيران الماضي فربما ان الدول بصدد حقبة مالية هي الأشد صعوبة منذ التسعينيات وهذا احدث تغييرا في المناخ السياسي.
فالحكومات تريد تحقيق أقصى عائد على أموالها. والرأي العام يصبح في مواجهة احتمال تباطؤ نمو الإنفاق الاجتماعي أشد حساسية لفكرة أن بعض الموارد الوطنية ربما تتعرض للهدر.
وفي ظل عدم إعلان معظم الصناديق معلومات تذكر عن حساباتها ينقب المشرعون في بعض الدول عن اداء ضعيف أو ربما مخالفات.
ويحقق البرلمان الكويتي وهو الأكثر استقلالية في الخليج في أنشطة مكتب لندن للهيئة العامة للاستثمار. وبحسب معهد صناديق الثروة السيادية في الولايات المتحدة الذي يتابع القطاع فإن هيئة الاستثمار الكويتية تدير اصولا قيمتها 548 مليار دولار.
وقال فيصل الشايع رئيس لجنة الشؤون المالية بالبرلمان الكويتي لرويترز "تشكلت لجنة تحقيق قبل عدة أشهر للنظر في حالات تتعلق بمخالفات لهيئة الاستثمار مثل بيع عقارات بسعر غير مناسب أو القيام باستثمارات رديئة."
وقال الشايع إن اللجنة ستتوجه إلى لندن لفحص طريقة تنفيذ الاستثمارات وما إذا كانت تخضع لإشراف رسمي كاف. ولم ترد هيئة الاستثمار على طلب للتعقيب.
وفي وقت سابق هذا العام بدأ برلمان البحرين تحقيقا بشأن صندوق البلاد للثروة السيادية (ممتلكات) الذي تقدر قيمة الأصول تحت إدارته بحوالي 11 مليار دولار.
وقال عيسى الكوهجي عضو البرلمان إن التحقيق ينظر في مزاعم بخصوص مخالفات "إدارية" في الصندوق بعد أن كشف تقرير لمراجعة الحسابات عن سلسلة مخالفات في شركات بحرينية مملوكة للدولة. ولم يرد صندوق ممتلكات على طلب للتعقيب.
ومن غير الواضح ما إذا كانت التحقيقيات ستكشف عن مخالفات خطيرة لكنها قد تشجع على الأقل الصناديق في أنحاء الخليج على توخي المزيد من الحذر والعمل بشكل أكثر تحفظا لبعض الوقت.
وقد يتقرر إرجاء بعض الخطوات المثيرة للجدل مثل صفقات الاستحواذ الضخمة وقد يزيد التركيز على تحسين العوائد في الأجل القصير وعلى خفض التكاليف.
وقال ماكيل مادويل رئيس معهد صناديق الثروة السيادية "يمكن افتراض أن البرلمانات الخليجية تضغط على أداء مثل تلك النوافذ السيادية مع تباطؤ قطار الأموال.. إذا ظلت أسعار النفط متدنية والأداء الاستثماري ضعيفا إلى سلبيا فأتوقع مزيدا من التحقيقات البرلمانية." وأضاف أن الضغوط قد تكون على أشدها في الكويت والبحرين لكنها قد تزيد أيضا في السعودية ودول الخليج الأخرى.
السرية
ويعمل معظم الصناديق السيادية في العادة في سرية كبيرة وقد تعمل الحكومات الخليجية الحريصة على تجنب الدعاية السلبية على حماية ذلك الوضع.
وشكك مادويل في أن تكشف التحقيقات عن الكثير. وقال "بعضها مسرحيات سياسية فالسلطة الحقيقية بيد الأسر الحاكمة."
وفي العام الماضي شكا الملياردير السعودي الأمير الوليد بن طلال - أحد أكبر مستثمري المملكة في الخارج - من أن البنك المركزي لا يحقق عائدات كبيرة على احتياطياته لتعويض تراجع أسعار النفط.
وحث على إنشاء صندوق جديد لإدارة الاحتياطيات التي تبلغ حاليا نحو 690 مليار دولار بشكل أكثر نشاطا. وبحث مسؤولون من مجلس الشورى مقترحا من هذا القبيل.
لكن في ديسمبر كانون الأول أعلن وزير المالية إبرهيم العساف أنه لا حاجة الي مثل هذا التغيير ومنذ ذلك الحين توقف النقاش العام للفكرة.
غير أن حكومات المنطقة لا تتجاهل الرأي العام. لذا إذا ظلت أسعار النفط منخفضة لسنوات فقد يتزايد الضغط لإحداث تغيير في الصناديق مثل زيادة الشفافية.
ويمس الأمر وترا في الكويت بسبب الاستياء العام الذي ثار أوائل التسعينيات بشأن استثمارات في مجموعة جروبو توراس الاسبانية.
ففي الفترة بين 1986 و1992 ضخ صندوق لندن التابع للهيئة العامة للاستثمار حوالي خمسة مليارات دولار في توراس التي وضعت تحت الحراسة. وأدت الفضيحة إلى إجراءات قضائية في بضع دول وأدانت محكمة كويتية شخصين بتهمة الاختلاس وتم اقرار قانون يفرض تدقيقا برلمانيا لقرارات الاستثمار.
وحتى في الدول التي لا يوجد بها ضغط شعبي واضح على صناديق الثروة السيادية فيبدو أن مزاجا أشد حرصا بدأ يترسخ.
وقال مصرفي يعمل عن كثب مع جهاز قطر للاستثمار الذي يدير ما يقدر بنحو 256 مليار دولار إن الصندوق أصبح أكثر تحفظا في الاشهر الأخيرة. وأصبح الصندوق أكثر تركيزا على الأصول الناضحة التي يمكن أن تحقق إيرادات فورية بدلا من المشاريع التي قد تستغرق وقتا طويلا لكي تؤتي ثمارها.
ولم يعلن صندوق مبادلة التابع لحكومة أبوظبي وتقدر قيمة أصوله بنحو 66 مليار دولار أي استثمارات كبيرة جديدة منذ نحو ثمانية أشهر. وقال عاملون بالصندوق إنه طلب منهم في الأشهر القليلة الماضية إبقاء التكاليف منخفضة. ولم يرد جهاز قطر للاستثمار ولا مبادلة على طلبات للتعقيب.
(شاركت في التغطية آمنة بكر في الدوحة وستانلي كارفالو في أبوظبي وأندرو تورشيا في دبي - إعداد أحمد إلهامي للنشرة العربية - تحرير وجدي الالفي) OLMEBUS Reuters Arabic Online Report Business News 20150520T150722+0000