اعتبر تقرير نشره موقع محطة “سي إن بي سي” أن قرار الصين بالسماح لصناديق التقاعد بالاستثمار في الأسهم لم ينجح في كبح جماح الخسائر الكبيرة للسوق.
وسجل مؤشر “شنغهاي المركب” المركب في الصين انخفاضًا بلغت نسبته 8.5% بنهاية جلسة تداولات أمس الاثنين، ليصل لمستوى 3210 نقاط، مع استمرار موجة المبيعات القوية من قبل المستثمرين، ليمحو مكاسبه المسجلة منذ بداية العام الجاري، كما يواصل خسائره اليوم أيضاً.
وكانت الحكومة الصينية قد وافقت يوم الأحد الماضي على السماح لصناديق التقاعد باستثمار ما لا يزيد على 30% من أصولها البالغ قيمتها تريليوني يوان (322 مليار دولار أمريكي)، وذلك للمرة الأولى، بعد أن كان مصرحاً لها الاستثمار في ودائع البنوك، والسندات فحسب.
يرى محللون أن الخطوة المقبلة للقائمين على وضع السياسات النقدية الصينية سوف تتمثل في خفض جديد في معدل الفائدة، وحجم الاحتياطات المطلوب من البنوك الاحتفاظ بها، في إطار ضخ مزيد من التحفيز النقدي، بعد فشل الخطوة الأخيرة.
ويقول “ستيفن ما” رئيس قطاع الأسهم في مؤسسة “بي إم أو” لإدارة الأصول العالمية إن إعلان قيام صناديق التقاعد بالاستثمار في سوق الأسهم يعد “خبرًا جيدًا لكنه ليس جديدًا”، حيث إنه سبق الإشارة إليه في شهر يونيو/حزيران الماضي.
وأشار “ما” إلى أنه على المدى البعيد سيمثل هذا الإعلان خبرًا جيدًا لسوق الأسهم الصينية، والتي يسيطر عليها المستثمرون الأفراد، وهو ما يعني أن دخول مزيد من المؤسسات في السوق يعتبر شيئًا جيدًا على المستويين متوسط وطويل الآجل.
وأوضح “ما” أنه على المدى القصير ما زالت الحكومة الصينية مطالبة بتركيز جهودها على دعم الاقتصاد المتباطئ من خلال مزيد من السياسات المحفزة، وهو ما سوف يتسبب في آثار إيجابية على سوق الأسهم.
ويرى الخبير الاقتصادي أن معدلات الفائدة الحقيقية في الصين تعتبر مرتفعة للغاية، مشيرًا إلى ضرورة التركيز على خفض معدل الفائدة، أو حجم الاحتياطات التي تُطالب البنوك بالاحتفاظ بها، ما سيعمل على تحسين الاستهلاك، وأرباح الشركات.
وكان بنك الشعب في الصين قد خفض معدل الفائدة الأساسي 4 مرات منذ شهر نوفمبر الماضي، حيث كان آخر خفض بنسبة 0.25% إلى 4.85% في نهاية شهر يونيو، إلا أن هذه الخطوات لم تقدم تحفيزًا ملحوظًا للنشاط الاقتصادي في البلاد.
وسجل مؤشر مديري المشتريات الصناعي في الصين، والذي يشير إلى قطاع التصنيع في البلاد والمعلن يوم الجمعة الماضي تراجعًا لأدنى مستوى منذ عام 2009 خلال الشهر الجاري.
وأثار قرار الصين بضخ مزيد من السيولة في النظام المالي في البلاد خلال الأسبوع الماضي مخاوف بشأن ارتفاع التدفقات النقدية الخارجة من البلاد، وإمكانية تواصلها لفترة مقبلة. وقال “براكاش ساكبال” الخبير الاقتصادي في مؤسسة “إي إن جي “في سنغافورة إنه لا يوجد شيء متوقع في الأفق سوى مزيد من التيسير الكمي من قبل البنك المركزي الصيني، وهو ما قد ينجح في وقف تدفقات رؤوس الأموال الخارجة. وتوقع “ساكبال” قيام بنك الشعب في الصين بخفض حجم الاحتياطات المطلوب من البنوك الاحتفاظ بها بمعدل يتراوح بين 50 إلى 100 نقطة أساس. وأشار التقرير إلى أنه بالرغم من الاتجاه الهبوطي السائد في سوق الأسهم الصينية إلا أن هناك من يعتقد بوجود أمل في قدرة السلطات على إنقاذ السوق من الاتجاه الهبوطي الحالي. وأوضح “تيم سيمور” المدير المشارك في مؤسسة “تريوجيم” لإدارة الأصول أنه بالرغم من شعور الكثير من المستثمرين بالتشاؤم مع إعلان الصين السماح لصناديق المعاشات بالاستثمار في الأسهم، معتبرين أنه دليل على خروج الأمور عن السيطرة، إلا أن الأمر يمثل اتجاهًا إيجابيًا. وأشار إلى أن الصين تمتلك 4 تريليونات دولار من الاحتياطات، مقسمة بين احتياطات دولارية وممتلكات من السندات، وهو ما يمكنه تجاوز الكثير من المشاكل التي تعاني منها البلاد. واعتبر “سيمور” أن الصين يمكنها الضغط على صناديق المعاشات الخاصة بها بشكل أكبر من قدرة أي حكومة أخرى حول العالم. وعلى جانب آخر، كان صندوق النقد الدولي قد أعلن يوم السبت الماضي أن التباطؤ الملحوظ للاقتصاد الصيني، وهبوط سوق الأسهم لا يشير إلى وجود أزمة ولكنه يمثل “تعديلًا ضروريًا” في ثاني أكبر اقتصاد في العالم. وقال “كارلو كوتاريلي” المدير التنفيذي في صندوق النقد الدولي، والذي يمثل دولًا مثل إيطاليا، واليونان في مجلس إدارة الصندوق إن السياسات النقدية كانت توسعية للغاية في السنوات الماضية، معتبرًا أن التعديل الأخير يعتبر “ضروريًا”. واعتبر المسئول في صندوق النقد الدولي أنه من السابق لأوانه تمامًا الحديث عن وجود أزمة في الصين.