من ليزلي روتون
مخيم زمزم (شمال دارفور) (رويترز) - شدد مارك جرين مدير الوكالة الأمريكية للمساعدات الدولية خلال زيارة لولاية شمال دارفور في السودان على أهمية تيسير وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق لمستحقيها كشرط أساسي لتخفيف العقوبات الأمريكية على حكومة الرئيس عمر حسن البشير.
وبعد أسبوعين فقط من توليه منصبه باعتباره المدير الجديد للوكالة في إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بدأ جرين مهمة لتقصي الحقائق في السودان قبل انتهاء مهلة في 12 أكتوبر تشرين الأول تبت بعدها الإدارة الأمريكية فيما إذا كانت سترفع العقوبات السارية منذ 20 عاما على السودان بصفة دائمة.
وكانت الأمم المتحدة أفادت بتحقيق تقدم في قيام الجيش بفتح ممرات لمرور المساعدات من أجل توصيل الدواء والغذاء إلى مناطق في دارفور كانت قبضة السلطات عليها من قبل مشددة.
وفي الشهر الماضي وللمرة الأولى منذ سبع سنوات سمحت السلطات للعاملين في مجال الإغاثة بدخول منطقة جبل مرة في وسط وشمال وجنوب دارفور حيث تتواصل الاشتباكات.
وأوضح تقرير للوكالة الأمريكية أن موظفي الإغاثة اكتشفوا حالات سوء تغذية حاد وارتفاع معدلات وفيات الأطفال.
ويتعين على الحكومة السودانية قبل إمكان رفع العقوبات أن تلتزم بخمسة مطالب أمريكية من بينها تحسين سبل توصيل المساعدات الانسانية وتعزيز التعاون بين الولايات المتحدة والسودان في محاربة التطرف ووضع نهاية للصراعات الداخلية.
وسلم جرين بتحقيق تقدم على جميع الجبهات غير أنه قال إن السؤال المطروح هو ما إذا كان ذلك كافيا من وجهة نظر ترامب ووزير الخارجية ريكس تيلرسون لرفع العقوبات بصفة دائمة.
وقال جرين يوم الاثنين في مقابلة مع رويترز وصحيفة واشنطن بوست "من المؤكد أن تقدما تحقق لاسيما في الأسابيع الأخيرة. والمسألة لا تتعلق بأن تبدو الأمور مثالية في موعد اتخاذ القرار بل ما إذا كانت تغيرات طويلة الأمد قد تحققت".
وأضاف "ليس المقصود أن يتحقق ذلك لمرة واحدة وليس المقصود بها لحظة واحدة، مجرد لقطة، بل أن تكون نتاج تغيير حقيقي".
وقال إن الحوار مع الخرطوم فرصة "لعلاقة جديدة ذات أواصر أوثق" وقد يعني تغيرا كبيرا في حياة السكان الذين تأثروا بشدة بالعقوبات.
وكان الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما رفع العقوبات بصفة مؤقتة لمدة ستة أشهر في يناير كانون الثاني وأوقف العمل بحظر تجاري وفك أرصدة مجمدة ورفع عقوبات مالية.
غير أن أي تخفيف للعقوبات لن يرفع اسم السودان من القائمة الأمريكية للدول الراعية للإرهاب التي تضم إيران وسوريا.
وقال جرين "العقوبات التي نتحدث عنها مجموعة واحدة من العقوبات. وفي الوقت الحالي نجري محادثات مع السودان لمعرفة ما هو ممكن. وهذا فعلا هو كل ما تدور المحادثات حوله".
وأضاف "عندما يحين أكتوبر سنعرف جميعا ما هو ممكن. لذا لا أحد يتظاهر أو يلمح بأن ثمة عصا سحرية وأن كل شيء سيتغير في 12 أكتوبر".
وقبل رحلة جرين أعرب مسؤولون أمريكيون كبار، اشترطوا عدم الكشف عن أسمائهم، عن قلقهم خشية أن تتراجع حكومة البشير عما حققته من تقدم ما إن ترفع واشنطن العقوبات.
غير أن مسؤولين آخرين قالوا إنهم يخشون أن توقف الحكومة تعاونها مع واشنطن إذا لم ترفع العقوبات في أكتوبر تشرين الأول.
وكان الصراع في دارفور بدأ منذ أكثر من عشر سنوات عندما رفع متمردون السلاح في وجه الحكومة التي ردت باستخدام القوة واستخدمت ميليشيات تعرف باسم الجنجويد مؤلفة من قبائل عربية من الرعاة يتردد إنها مسؤولة عن جانب كبير من أعمال القتل.
* أموال المساعدات الأمريكية
على مبعدة أقل من 16 كيلومترا من مدينة الفاشر عاصمة شمال دارفور يقع مخيم زمزم الذي كان قرية وتحول إلى مأوى لنحو 230 ألف شخص فارين من الصراع في دارفور. وشاهد جرين بنفسه أثناء جولته تنفيذ برامج يتم تمويلها بالمساعدات الأمريكية لمساعدة الأمهات والأطفال الذين يعانون من سوء التغذية.
وقالت هواد عبد الله محمد (33 عاما)، وهي أم لسبعة أطفال تعيش في زمزم منذ 13 عاما، "أود العودة لبيتي لكنه ليس آمنا".
وعلى مقربة وتحت شجرة كبيرة وقف جرين يتحدث مع نحو عشرة رجال شكوا من صعوبة الحصول على الغذاء ومن الحياة في المخيم.
وسأل جرين أحمد نور محمد من قرية طويلة "أين ترى نفسك بعد خمس سنوات من الآن؟"
وعندما لم يحصل جرين على إجابة مباشرة ألح في السؤال فقال محمد "إما في قريتي أو في القبر".
وقال جرين فيما بعد إنه كان يحاول أن يفهم ما الذي يمنع الناس في زمزم من العودة لبيوتهم.
وأضاف "هذه أسئلة مهمة يجب أن نطرحها لأننا يجب أن نفكر ... لوكالة مثل وكالة المساعدات الأمريكية فيما هو مطلوب لمعالجة الأوضاع حتى يمكن للناس أن ترحل عن المخيمات".
(إعداد منير البويطي للنشرة العربية - تحرير نادية الجويلي)