من أحمد غدار وعارف محمد
لندن/البصرة (العراق) (رويترز) - قال مسؤولون عراقيون ومصدران بقطاع النفط إن المحادثات بين إكسون موبيل والعراق بخصوص عقد بنية تحتية بمليارات الدولارات وصلت إلى طريق مسدود، في انتكاسة محتملة لطموحات شركة النفط العملاقة للتوسع في البلاد.
ويقول المسؤولون والمصدران لرويترز إن المفاوضات التي استمرت أكثر من عامين بخصوص ترسية مشروع على الشركة الأمريكية لبناء منشأة لمعالجة المياه وخطوط الأنابيب المرتبطة بها، وهو مشروع ضروري لزيادة الطاقة الإنتاجية للعراق من النفط، تواجه مصاعب بسبب اختلاف الجانبين على شروط العقد والتكاليف.
ويقول المسؤولون إنه ما لم يتم حل الخلافات، فقد تجري ترسية المشروع على شركة أخرى في عطاء، دون أن يوضحوا نقاط الخلاف.
وخسارة العقد قد توجه ضربة لخطط إكسون الأوسع نطاقا في العراق، حيث ستتسلم الشركة في إطار الاتفاق حقوق تطوير حقلين نفطيين على الأقل في جنوب البلاد، هما نهر بن عمر وأرطاوي.
وامتنعت إكسون عن التعليق.
وإذا شهد المشروع مزيدا من التأخيرات فقد يعرقل ذلك أيضا قطاع النفط في العراق، ثاني أكبر منتج في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك).
ذلك أن العراق يحتاج إلى ضخ المياه في آباره وإلا سيخاطر بفقدان الضغط ومواجهة معدلات انخفاض حادة، خاصة في الحقول الناضجة. وفي الوقت الذي تعد فيه المياه العذبة موردا شحيحا في العراق، فإن استخدام مياه البحر المعالجة من أفضل البدائل.
وكان من المقرر في الأصل اكتمال مشروع ماء البحر المشترك في 2013، وهو مشروع سيضخ المياه فيما يزيد على ستة حقول نفطية بجنوب البلاد بما في ذلك حقل غرب القرنة-1 التابع لإكسون والرميلة التابع لبي.بي، لكنه تأجل حاليا حتى 2022.
وقال إيان توم المحلل لدى وود ماكنزي للاستشارات إن مشروع ماء البحر "سيكون مكلفا وشاقا لكن هناك فرصة هنا (لإكسون)... للوصول إلى موارد على نطاق واسع جدا وإنجاز شيء وإحداث تغيير حقيقي في أعمالها".
ولدى الكثير من شركات النفط العالمية الكبرى مثل بي.بي ورويال داتش شل وإيني عمليات في العراق، حيث تأثرت الإيرادات سلبا في السنوات الأخيرة في ظل انخفاض العائد والشروط الصارمة للعقود.
ويعتبر نشاط إكسون في العراق محدودا إذا ما قورن بنشاط شركات مهيمنة مثل بي.بي، حيث يبلغ إجمالي إنتاج حقل غرب القرنة-1 التابع لإكسون نحو 430 ألف برميل يوميا في حين يمثل حقل الرميلة التابع لبي.بي حوالي ثلث إجمالي إنتاج البلاد البالغ نحو 4.4 مليون برميل يوميا.
وفي الوقت الذي تتطلع فيه الشركة التي تتخذ من تكساس مقرها لها إلى النمو في العراق، يظل تركيزها الجغرافي منصبا على الأمريكتين، بما في ذلك حقول النفط الصخري الأمريكية والبرازيل، على عكس منافسين مثل توتال (PA:TOTF) الفرنسية وإيني الإيطالية اللتين وسعتا أنشطتهما بقوة في الشرق الأوسط خلال السنوات الأخيرة.
* 'نهج آخر'
لا تزال المحادثات بين السلطات العراقية وإكسون مستمرة وفقا لمصادر القطاع ومسؤولين بوزارة النفط العراقية.
لكن شركة نفط البصرة الحكومية، التي تشرف على المشروع، تقول حاليا إنها قد تطرح المشروع في عطاء هذا الشهر في عملية موازية مع استهداف الانتهاء من المرحلة الأولى بحلول 2022.
وقال عبد المهدي العميدي المدير العام لدائرة العقود والتراخيص البترولية بوزارة النفط لرويترز "نتبع هذا النهج لكن يمكن أن نتبنى نهجا آخر أيضا".
اختار العراق إكسون لتنسيق الدراسات الأولية لمشروع ماء البحر المشترك في 2010. وكانت بغداد آنذاك تستهدف زيادة طاقتها الإنتاجية من النفط إلى 12 مليون برميل يوميا بحلول 2018، لتنافس السعودية. لكن هذا الهدف لم يتحقق وجرى خفضه حاليا إلى 6.5 مليون برميل يوميا بحلول 2022 من نحو خمسة ملايين برميل يوميا في الوقت الحالي.
وقال توم "بمقدور العراق على الأرجح أن يصل إلى إنتاج قدره 5.5 مليون برميل يوميا بدون مشروع كبير لحقن ماء البحر، لكنني أعتقد أنهم سيواجهون صعوبات في الوصول إلى سبعة ملايين برميل يوميا".
فشلت المفاوضات مع إكسون في 2012 بسبب الروتين وخلافات على التكلفة. وفي 2015 دخلت الشركة في محادثات من جديد مع وزارة النفط، لكن هذه المرة بالشراكة مع سي.إن.بي.سي الصينية مع إدخال مشروع ماء البحر ضمن مشروع تطوير أكبر بكثير يُعرف باسم مشروع الجنوب المتكامل.
ولم ترد سي.إن.بي.سي على طلب للتعقيب.
وقال توم إنه إذا سلك العراق طريقا غير التعاون مع إكسون فسيثير ذلك سؤالين مهمين له، وهما كيفية تحقيق التكامل في المشروع بين منشأة معالجة المياه وحقول النفط وكيفية تمويل المشروع.
وذكر مصدران بقطاع النفط العراقي لرويترز أن سلوك مسار بخلاف التعاون مع إكسون سيثير مخاوف تتعلق بالتمويل بالنسبة للعراق.
وقال أحد المصدرين متحدثا عن المشروع في حالة عدم تكامله "إذا قمت بفصله، فلن يكون نفس المشروع".
ولم يتم الإفصاح عن التكاليف المتوقعة للمشروع.
وتولت آي.إل.إف للاستشارات الهندسية إعداد التصاميم الهندسية للمشروع في 2014 بناء على معالجة 12.5 مليون برميل يوميا من مياه البحر المنقولة إلى ستة حقول نفطية، وقدرت تكلفته عند 12 مليار دولار.
وجرى تعديل طاقة المشروع بالخفض، حيث من المنتظر أن تبلغ طاقة المرحلة الأولى خمسة ملايين برميل يوميا، وفي المرحلة الثانية سيتم إضافة 2.5 مليون برميل من المياه لحقول إضافية.
(شارك في التغطية إرنست شايدر في هيوستون - إعداد معتز محمد للنشرة العربية - تحرير عبد المنعم درار)