بيروت (رويترز) - قال التلفزيون الرسمي السوري إن مقاتلي المعارضة المتبقين في آخر جيب يسيطرون عليه بوسط البلاد بدأوا الانسحاب يوم الأربعاء الأمر الذي يحكم قبضة الحكومة على المنطقة ويفتح جزءا رئيسيا من أهم طريق سريع في سوريا.
وتعزز الخطوة موقف الرئيس بشار الأسد الذي يهيمن على المناطق الأكثر ازدحاما بالسكان في البلاد بعد سنوات من القتال لكنها تعني أن أي حملة عسكرية جديدة قد تجازف بإشعال صراع مباشر مع قوى خارجية.
وقد يكون الانسحاب الأخير ضمن سلسلة من اتفاقات الإجلاء التي استخدمتها الحكومة لهزيمة المقاتلين المحاصرين بإجبارهم على تسليم الأراضي مقابل العبور الآمن إلى مناطق خاضعة للمعارضة في الشمال.
وأصبحت مثل هذه الاتفاقات التي غالبا ما تكون بوساطة الروس حلفاء الأسد سمة مميزة للحرب السورية التي دخلت عامها الثامن. وتسببت الاتفاقات في نزوح أكثر من مئة ألف شخص وهم مقاتلون من المعارضة ومدنيون.
وتصف المعارضة الاتفاقات بأنها سياسة تهجير قسري تهدف إلى إحداث تغيير سكاني لطرد معارضي الأسد. وتقول الحكومة السورية إنها لا تجبر أحدا على المغادرة وإن من يبقون يجب أن يقبلوا بسلطة الدولة.
والمنطقة التي يتم إخلاؤها بالكامل يوم الأربعاء آخر منطقة معارضة محاصرة وهي الجيب الكبير الذي يقع بين مدينتي حماة وحمص حول مدن الرستن وتلبيسة والحولة.
وما زال مقاتلو المعارضة يسيطرون على مساحات كبيرة من شمال غرب وجنوب غرب سوريا ليست محاصرة لأنها تقع على الحدود مع تركيا والأردن اللذين دعما المقاتلين أحيانا ويلعبان دور الضامن في اتفاقات وقف إطلاق النار في هذه المناطق.
والمنطقة الأخرى الوحيدة التي ما زال الجيش السوري يحاصرها، وهي في مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين جنوبي دمشق، تقع تحت سيطرة مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية الذين من المستبعد على ما يبدو أن يوافقوا على الانسحاب إلى الرقعة الصحراوية التي ما زالت تحت سيطرتهم في شرق سوريا.
ويسيطر تحالف من الفصائل العربية والكردية على أكثر من ربع سوريا وتلقى مساعدة من الولايات المتحدة لقتال التنظيم المتشدد.
وقال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إنه يريد سحب القوات الأمريكية من سوريا لكن وزارة الدفاع (البنتاجون) قالت إنها ستبقى في البلاد في الوقت الحالي.
* حصار
ركز الأسد على الجيوب المحاصرة المتبقية لمقاتلي المعارضة الشهر الماضي بعدما استعاد الغوطة الشرقية التي كانت أكبر جيب للمعارضة قرب دمشق في حملة دامية استمرت أسابيع.
وبعد أن سيطر مقاتلو المعارضة لسنوات على المنطقة التي يتم إخلاؤها يوم الأربعاء وافقوا هذا الشهر على الانسحاب مع أسرهم ومدنيين آخرين لا يريدون العودة إلى حكم الأسد.
وبما أن الجيب يمتد عبر الطريق السريع بين شمال سوريا وجنوبها في المنطقة بين حماة وحمص فإن السيطرة عليه ستسهل كثيرا خطوط الاتصال في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.
وقال مسؤول حكومي محلي إن نحو 27 ألف شخص غادروا الجيب بالفعل منذ بدء عمليات الإجلاء هذا الشهر. وأفادت وسائل إعلام رسمية بأن آخر قافلة حافلات بدأت المغادرة يوم الأربعاء.
وقالت الأمم المتحدة إن 66 ألف شخص غادروا الغوطة الشرقية الشهر الماضي بموجب اتفاقات مماثلة. ومن بين عمليات الإجلاء الكبيرة الأخرى ما حدث في شرق حلب أواخر عام 2016 عندما خرج منها ما يربو على 30 ألف شخص.
وخرج عشرات الآلاف من الأشخاص من جيوب أصغر في السنوات القليلة الماضية. وفاقم الأمر أزمة إنسانية في محافظة إدلب التي تقع في شمال غرب سوريا حيث زاد تعداد السكان من فترة ما قبل الحرب، وهو نحو مليون نسمة، إلى المثلين بسبب نزوح الفارين من أجزاء أخرى في سوريا.
(إعداد ياسمين حسين للنشرة العربية - تحرير سها جادو)