على الرغم من البيانات الجيدة التي صدرت اليوم عن الاقتصاد الألماني و كذا بقاء مستويات الثقة مرتفعة إلا أن المخاوف لاتزال قائمة بشأن أزمة الديون السيادية، هذا ليس فقط في منطقة اليورو بل يمتد أيضا إلى بريطانيا مع اتجاه مؤسسات التصنيف الائتماني إلى مراجعة تقييم القطاع المصرفي في الاراضي الملكية.
في ألمانيا بقيت مستويات الثقة مرتفعة في مايو/أيار على الرغم من التوقعات التي كانت تشير عكس ذلك، مؤشر IFo لمناخ الأعمال سجل 114.2 ودون تغير عن القراءة السابق و أعلى من التوقعات التي كانت تشير إلى 113.7.
أيضا ارتفع مؤشر IFO للأوضاع الحالي في مايو/أيار مسجلا 121.4 من 121.00 للقراءة السابقةـ أما بالنسبة لمؤشر IFO للتوقعات فقد سجل 107.4 من 107.7 بينما كانت التوقعات تشير إلى 107.00.
و يرجع بقاء مستوى الثقة مرتفعا في ألمانيا – أكبر اقتصاديات منطقة اليورو و المحرك الرئيس للنمو- إلى تحسن النمو في الربع الأول مسجلا أفضل أداء له في عام، حيث أظهرت القراءة النهائية للناتج المحلي الإجمالي عن الربع الأول تحقيق نمو بنسبة 1.5%، و كذا ارتفعت الصادرات في نفس الفترة بنسبة 2.3% و يرجع ذلك إلى دعم مستويات الطلب من قبل الاقتصادات الناشئة في آسيا.
وهو الأمر الذي انعكس على أداء الشركات الألمانية و التي رفعت من مستويات الإنفاق و الاستثمار هنالك.
لكن الاقتصاد الألماني من شأنه أن يشهد تباطؤ في النمو خلال الأشهر المقبلة وذلك في الوقت الذي تتجه فيه حكومات المنطقة إلى خفض الانفاق العام هذا بجانب ارتفاع أسعار الطاقة لاسيما النفط و الذي يشكل أحد الضغوط على عملية التعافي.
انتقالا إلى بريطانيا و التي تعاني من ضعف لوتيرة التعافي و هشاشة في النمو حيث حققت نمو بنسبة 0.5% في الربع الأول بعد أن انكمش بنفس النسبة في الربع الأخير من العام السابق.
البيانات التي صدرت اليوم في بريطانيا أظهرت اتساع عجز الموازنة في أبريل/نيسان إلى 10 مليار جنيه إسترليني من عجز بقيمة 17.9 مليار للقراءة السابقة، على الرغم من ذلك لايزال مسجلا أعلى مستوى عجز شهري منذ بدء تسجيل البيانات في عام 1993.
البيانات الفرعية أوضحت أن اتساع العجز في تلك الفترة يرجع إلى انخفاض الحاصلات الضريبية بنسبة 0.8% و ارتفاع الانفاق العام بنحو 5%.
المعضلة في بريطانيا تتمثل في اتجاه الحكومة نحو تطبيق أكبر خطة لخفض الانفاق العام منذ الحرب العالمية الثانية هذا في ظل ضعف شديد للاقتصاد البريطاني و ظهور مخاطر جديدة تواجه الاقتصاد البريطاني تتمثل في ارتفاع المستوى العام للأسعار، هذا من جهة و من ناحية أخرى تأثر البلاد بأزمة الديون السيادية في أوروبا من جهة أخرى.
خطة التقشف التي وضعتها الحكومة تستهدف تقليص عجز الموازنة و الدين العام حتى نهاية العام المالي 2015 و يترتب عليها تقليص عدد الوظائف في القطاع الحكومي بنحو 300 ألف وظيفة. لكن في ظل ما يشهده الاقتصاد من ضعف فإن ذلك قد يقف عائق أمام الحكومة في تحقيق المستهدف لنسبة العجز.
و على حسب خطة الحكومة فإنها تهدف إلى تقليص عجز الموازنة ليصل إلى 7.9% من الناتج المحلي أو بقيمة 122 مليار جنيه إسترليني للعام المالي الحالي 2011/2012 و الذي بدأ في أبريل/نيسان السابق.
اتجاه الحكومة نحو خفض الانفاق العام يعني أيضا سحب الدعم المقدم إلى القطاع المصرفي و الذي كان عامل مساعد في دعم القطاع إثر اندلاع الأزمة المالية العالمية في نهاية عام 2008 مما ترتب على ذلك اتساع عجز الموازنة للحكومة.
لكن اتجاه سحب خطط التحفيز من القطاع المصرفي الذي يقدر بنحو 1 تريليون جنيه إسترليني دفع بمؤسسة موديز إلى وضع 14 بنك بريطاني قيد المراجعة للقيام بخفض محتمل للتصنيف الائتماني و ذلك تحسبا لارتفاع مخاطر الائتمان بعد قيام الحكومة بسحب خطط التحفيز.
هذا الأمر انعكس على أداء الجنيه الاسترليني ليسجل أدنى مستوياته في ثمان أسابيع أمام الدولار الأمريكي في المعاملات المبكرة من اليوم مسجلا 1.6058 قبل أن يعاود الارتفاع ليتداول عند مستويات 1.6142 ساعة إعداد التقرير.