في الوقت الذي يشهد فيه الاقتصاد السعودي نموا مستمرا قدر في حدود 5 في المائة خلال العام الحالي، ظهرت تساؤلات حول مدى مساهمة البنوك السعودية في ذلك النمو، خاصة مع تحقيقها أرباحا بلغت نحو 24 مليار ريال (6.4 مليار دولار) خلال التسعة أشهر من العام 2011.
اختلف الخبراء حول مساهمة البنوك في النمو الاقتصادي بالسعودية، حيث شكل الإقراض والتمويل أبرز المساهمات التي قدمتها البنوك لإنعاش الاقتصاد في بلد أكبر اقتصاد عربي، في حين شددوا على أن دعم قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة كان الحلقة الأضعف في دور البنوك لمساهمتها في دعم النمو الاقتصادي من خلال هذا القطاع الذي يشكل النسبة الأكبر بين المنشآت في السعودية.
وقال الدكتور سعيد الشيخ كبير الاقتصاديين في البنك الأهلي إن البنوك السعودية لها دور كبير في تحقيق النمو الاقتصادي في المملكة، حيث إن البنوك تعتبر المصدر الرئيسي للتمويل، نتيجة لمحدودية مصادر التمويل الأخرى.
وقال: «لو نظرنا إلى سوق المال كمثال سواء سوق الأسهم أو السندات نجد أن الاكتتابات الأولية؛ سواء في سوق الأسهم أو السندات، خاصة خلال السنوات الماضية، شهدت تباطؤا بحدة أو انخفضت بشكل كبير، وكذلك الحال لسوق السندات، حيث توجد إصدارات من السندات ولكن تبقى محدودة، نتيجة لتفي بحاجة الاقتصاد».
وأضاف: «المصدر الأساسي للتمويل يأتي من البنوك، حيث كان يأتي ضمن جزئيتين؛ الأولى تتعلق بتمويل الشركات، والجزئية الثانية تتعلق بتمويل الأفراد»، وأشار إلى أن تمويل الشركات ساعدها على التوسع في أعمالهم الجديدة، في ظل الزخم من المشاريع التي يتم اعتمادها سواء من الحكومة أو من القطاع الخاص أو القطاع المشترك كـ«أرامكو» السعودية أو «سابك» أو غيرها من المشاريع التي تحتاج إلى تمويل كبير.
وتابع: «إن لم يكن هذا التمويل موجودا، فلن تتمكن هذه الشركات وهذه المشاريع من الوصول إلى أرض الواقع، وإنما سوف تكون هذه التوسعات محدودة، وبالتالي هناك تأثير كبير لدور البنوك في النمو الاقتصاد بالمملكة».
وأكد كبير اقتصاديي البنك الأهلي أنه حول ما يتعلق بجزئية تمويل الأفراد، فإن هناك ارتفاعا في الطلب على الاقتراض من قبل الأفراد، وهذا الطلب يحرك الطلب على السلع والخدمات، مبينا أن متطلبات الأفراد عادة تكمن في شراء سيارة أو تملك بيت أو شراء أثاث أو غيره، وبالتالي فإن القطاعات الإنتاجية تتوسع للإيفاء بالطلب الذي يتحقق من خلال الأفراد نتيجة للاقتراض.
وشدد الشيخ على أن وجود مساهمة يأتي من جزئيتين؛ توسعة القطاع الإنتاجي، وإعطاء القطاع الإنتاجي من التمويل ما يمكنه من التوسعة والوفاء بالطلب المحلي أو الطلب العالمي من خلال الصناعات البتروكيماوية، وتمويل الأفراد، الذي يحقق أيضا الزيادة في الطلب على السلع والخدمات، ويصبح لها دورة اقتصادية وتحقق النمو في البلاد.
وكانت شركة «جي بي مورغان سيكيوريتيز» العالمية قالت إن البنوك السعودية تواجه تأثيرا محدودا من المخاطر المحتملة للتباطؤ الاقتصادي العالمي، ومن المرجح أن تعود لتسجيل مستويات صحية للعائد على الأسهم بفضل نمو الإقراض ووفرة السيولة.
من جهته، قال الدكتور عبد الوهاب أبو داهش، الخبير الاقتصادي إن «مهمة البنوك هي الإيداع والإقراض، وأعتقد أن البنوك السعودية في عملية الإيداع والإقراض تؤدي دورها بصورة جيدة جدا، والدليل على ذلك أنها من أفضل البنوك من ناحية الملاءة المالية».
وأضاف أن المشاركة في البرامج الحكومية من البنوك تحتاج إلى أن يتخذ القطاع الحكومي أنظمة وتشريعات واضحة جدا لنجاح أي قطاع، حيث توجد برامج أوجدتها الحكومة مثل «كفالة» وصندوق المئوية» وخلافه، ولكن هذه، وحتى وهي تعمل بدعم الحكومة، تواجه مشكلات في عملية إنجاح المشاريع التي تدعمها، في حين أن القطاع البنكي، الذي يعد أموال مساهمين، لا يستطيع الدخول في مشاريع قد تكون عرضة للفشل أكثر من النجاح.
وزاد: «هناك بنوك متخصصة تقوم بالمشاركة في المشاريع الصغيرة والمتوسطة، ولذلك يجب أن نشجع على إنشاء بنوك مستقلة من القطاع الخاص تدخل في نظام المنشآت الصغيرة والمتوسطة في عملية إقراضها».
وأكد أن البنوك لها إسهامات؛ سواء في تقديم بعض الإعانات لبعض المشاريع، مثل المشاريع الخيرية، لكنها ليست واضحة، مشددا على وجود خلل هيكلي في البنوك، فهي لا تستطيع حتى الآن تمويل القروض طويلة الأمد، لأكثر من 10 سنوات، والسبب أن متوسط فترة ودائع العملاء لدى البنوك تمتد من سنتين إلى 3 سنوات. www.nuqudy.com