Investing.com - يعتقد بعض صناع القرار السياسي والاقتصادي على مستوى العالم أن ارتفاع نسبة الخصوبة وارتفاع نسبة المواليد يؤثران بشكل سلبي على معدل نمو الاقتصاد العالمي، بالإضافة إلى أنه يعيق تقدمه في بعض الأحيان، حيث أن هؤلاء الأشخاص يقومون بتدعيم البرامج التي من شأنها تحث الأشخاص على خفض معدلات الخصوبة وعدم إنجاب الكثير من المواليد، وذلك حتى لا تتشكل أزمة حقيقية في التنمية والنمو الاقتصادي.
ولكن على الجانب وخلال السنوات الماضية قال البعض أن ارتفاع معدلات الخصوبة وزيادة النمو السكاني لا يشكلان أي مشاكل أو عقبات أمام النمو الاقتصادي العالمي، كما أن هذا الأمر لا يحد من الفقر بصورة كبيرة، لافتين إلى العديد من العوامل الأخرى التي تؤدي إلى الفقر.
وخلال القرن الثامن عشر قال "توماس مالتوس" أن ارتفاع معدل الخصوبة من الأسباب الرئيسية التي تؤدي إلى الفقر، وأن تقليل معدلات الخصوبة من الأشياء التي تحد من معدلات الفقر، مضيفاً أن ارتفاع النمو السكاني يشكل عقبة كبيرة أمام الإنتاج والأرض التي تمد الإنسان بالطعام بكافة أنواعه.
وأوضح بعض المنتمين إلى رأي "مالتوس" أن ارتفاع المواليد وخاصة في الدول النامية خلال تلك الفترة كانت كبيرة للغاية، وذلك مقابل انخفاض في نسبة الوفيات، الأمر الذي ترتب عليه أن هذه الأسر لجأت إلى صرف أموالها في الطعام والشراب والمسكن، بدلاً من استثمارها في مشاريع البنية التحتية والمشاريع التنموية والتي كانت بالتأكيد ستساعدهم لتخطي مرحلة الفقر.
وبالنسبة للرأي الأخر والذين يعتقدون أن سياسات الدول والحكومات هي التي قادرة على الحد من الفقر وليس انخفاض معدلات المواليد فقط، موضحين أنه لا علاقة بين ارتفاع معدلات الخصوبة وانتشار الفقر في الدول.
مضيفين أنه من الممكن أن يكون الفقر سبب من أسباب ارتفاع معدلات الخصوبة، وذلك بسبب أن الأسر الفقيرة التي لا تحصل على المزيد من الأموال يعتقدون أن إنجاب الكثير من الأطفال هي الثروة بالنسبة لهم، بسبب أن هؤلاء الأطفال يقومون بمساعدة أسرهم في والأعمال المنزلية والعمل لجلب الأموال.
وفي عام 1986 قام المجلس القومي للبحوث في الولايات المتحدة بإجراء دراسة تحمل عنوان "النمو السكاني والتنمية الاقتصادية"، حيث أوضح من خلالها أن النمو السكاني بجانب بعض العوامل الأخرى من الممكن أن تعمل على نمو الوتيرة الاقتصادية للدول.
بالإضافة إلى ذلك فقد أشارت إلى دور برامج تنظيم الأسرة التي تعمل على توعية أفراد الأسرة، والتي يتم الترويج إليها من الجانب الاقتصادي للحد من انتشار الفقر في العالم.
يشار إلى أنه في السبعينات كانت أمريكا اللاتينية تشهد انخفاضاً في النمو الاقتصادي و تراجعاً في معدلات الخصوبة أيضاً على عكس دول شرق آسيا التي شهدت ارتفاعاً في معدلات الخصوبة و نمو الاقتصاد.
ولكن يكمن السبب الرئيسي في أن أمريكا اللاتينية كانت لا تهتم بالاستثمار في قطاع التعليم خلال تلك الفترة، مما تسبب في انخفاض وتيرة النمو الاقتصادي.
وبعد ذلك أكدت المعلومات أن رأي كلا الطرفان صحيحاً، فهما مرتبطان ببعض بشكل كبير، حيث أنه ليست برامج تنظيم الأسرة وحدها هي التي تحد من انتشار الفقر، وليس انخفاض معدلات الخصوبة وحدها أيضاً التي تحد من الفقر، فكلاهما مرتبطان ببعضهما البعض.