في الربع الثالث من العام السابق خرج الاقتصاد البريطاني رسميا من حالة الركود الذي بدأه في الربع الأخير من العام 2011 و استمر حتى الربع الثاني من العام الجاري إلى أن عاود تحقيق النمو في الربع الثالث بنسبة 0.9% هذا بعد أن شهد الاقتصاد تحقيق ركود ذو قاعين لم تشهده البلاد منذ حقبة السبعينيات. و تحقق في الربع الثالث أفضل تسارع للنمو في خمس سنوات.
يرجع هذا التحسن في الربع الثالث إلى نمو الصادرات و إنفاق المستهلكين في تلك الفترة التي تزامنت مع إقامة أولمبياد لندن التي ساهمت بشكل أو بآخر في إحداث بعض الانتعاش للاقتصاد البريطاني وإن كان المخاطر مازالت محيطة بوتيرة ذلك التعافي.
وعلى الرغم من تحسن البيانات في الربع الثالث مقارنة بفترة الانكماش التي شهدها إلا أن البيانات التي صدرت اليوم جاءت وفقا لتوقعات البنك المركزي البريطاني الذي كان يرى إمكانية انكماش الاقتصاد البريطاني من جديد في الربع الأخير من العام الجاري على أساس أن حالة النمو الذي شهدها الاقتصاد في الربع الثالث تعد مبالغاً فيها بعض الشيء و ترجع لعوامل مؤقتة.
وقد أشار البنك البريطاني في تقرير التضخم إلى أن أزمة الديون السيادية في منطقة اليورو لاتزال تمثل الخطر الأكبر على وتيرة تعافي الاقتصاد، فيما تراجع مستوى الإنفاق و قيام الحكومة بسياسات تقشفية كان لها الأثر السلبي على الأنشطة الاقتصادية ككل. وبالتالي يتوقع أن يبقى الاقتصاد ضمن حالة انخفاض مستمر للنمو خلال الفترة المقبلة متضمنا ضعف الاقتصاد في الربع الأخير من العام 2012.
في وقت سابق من هذا الشهر قام البنك المركزي بالإبقاء على نفس السياسة النقدية ليظل سعر الفائدة عند 0.5% و برنامج شراء الأصول بقيمة 375 مليار جنيه إسترليني، و على حسب التصريحات الأخيرة للبنك فإن برنامج التمويل مقابل الاقراض يظهر اشارات ايجابية، و ما يعني ذلك ان البنك قد يتجه إلى الاعتماد على ذلك البرنامج لدعم مستويات الائتمان للأفراد و الشركات.
واظهرت بيانات سوق العمل الأخيرة تحسنا بعد أن تراجع مؤشر التغير في طلبات الإعانة في ديسمبر/كانون الأول بنحو 12.1 ألف طلب ويسجل بذلك المؤشر أفضل مستوى منذ يونيو/حزيران 2011 ويصل اجمالي عدد طلبات الإعانة إلى 1.56 مليون طلب. وانخفض مؤشر ILO للبطالة – المؤشر محسوب وفقا لمعايير منظمة العمل الدولية- حيث تراجع في فترة الثلاث أشهر المنتهية في نوفمبر/تشرين الثاني مسجلا 7.7% من 7.8% للقراءة السابقة و يظهر تراجع عدد العاطلين عن العمل في تلك الفترة بنحو 37 ألف شخص ليصل إجمالي عدد العاطلين عن العمل إلى 2.49 مليون شخص.
لكن فيما يبدو أن البنك مازال يرغب في التريث قبيل التوسع في اية سياسات تحفيزية في ظل مخاوف من ارتفاع التضخم على المدى المتوسط لاسيما بعد بقاء أسعار المستهلكين عند نفس المستوى في ديسمبر/كانون الأول بنسبة 2.7% للشهر الثالث على التوالي ويبقى بذلك المؤشر العام للتضخم عند أعلى مستوياته منذ مايو/أيار من عام 2012 .وكان السيد كينج قد اشار في وقت سابق إلى أن التضخم قد يظل لما فوق المستوى المستهدف(2%) خلال العام الجاري بفعل ارتفاع أسعار الكهرباء والغاز وايضا ارتفاع مصاريف الدراسة الجامعية.
جدير بالذكر يتوقع بأن ينكمش الاقتصاد البريطاني بنسبة -0.1% بنهاية العام الجاري مقارنة بالتوقعات السابقة التي كانت تشير إلى نمو بنسبة 0.8%، فيما تم خفض توقعات نمو عام 2013 إلى 1.2% من 2% وذلك على حسب توقعات مكتب مراقبة الموازنة التابع لوزارة المالية.
فيما أن صندوق النقد قد قام بخفض توقعات النمو للعام الجاري إلى 1% من 1.1% و تراجعت إلى 1.9% في عام 2014 من 2.2%.