- Investing.com اعترفت الحكومة الأمريكية برئاسة "دونالد ترامب" بأنها لن تتمكن من خفض صادرات النفط الإيراني إلى الصفر، كما زعمت عند الإعلان عن الجولة الثانية من العقوبات التي دخلت حيز التنفيذ صباح أمس الاثنين.
أعلنت الولايات المتحدة أنها ستعاقب كل الدول والمؤسسات التي ستستورد النفط من إيران، ولكنها منحت إعفاءات مؤقتة لثمانية دول، وسمحت لها بمواصلة استيراد النفط الإيراني ولكن بكميات محددة، على أن تقلل مشترياتها خلال الأشهر المقبلة.
ومن المقرر أن تصدر واشنطن القائمة الكاملة للدول في وقت لاحق من اليوم، ومن المتوقع أن تضم أربعة من كبار مستوردي النفط الإيراني وهم اليابان والصين وكوريا الجنوبية والهند.
ومن جانبه، قال "بيتر كيرنان" كبير محللي الطاقة لدى "إيكونوميست إنتليجنس"، إن منح الولايات المتحدة إعفاءات لثماني دول، لمواصلة استيراد النفط من إيران بشرط الخفض التدريجي لمشترياتها خلال الأشهر القادمة، دليل على تراجع حكومة "ترامب" عن هدف تقليل الصادرات الإيرانية إلى مستوى الصفر، خلال المدى القريب على الأقل.
وأضاف، أن إقناع الدول بتقليل وارداتها النفطية من إيران إلى الصفر أمر صعب جدًا، على الرغم من نفوذ الولايات المتحدة، إلا أنه من الصعب تحقيقه من الناحية الفنية، خاصة مع استمرار إيران في تقليل أسعارها واستخدام عملات غير الدولار، واستخدام النفط في صفقات مقايضة.
والأهم من كل هذا، هو أن سوق النفط بات أكثر حساسية تجاه خفض الإمدادات الإيرانية إلى مستوى الصفر، بالرغم من الهبوط الأخير في الأسعار، فإن سوق النفط العالمي مازال بحاجة إلى المزيد من الإمدادات.
تسعى أمريكا ودول منظمة "أوبك" إلى زيادة الإمدادات بوتيرة سريعة، ولكن حتى الآن لا نعلم ما إذا كان هذا النهج سوف يستمر أم لا، فمن الممكن أن تشهد أمريكا تباطؤ في الإنتاج خلال العام المقبل، أما دول "أوبك" فإنتاجها الإضافي يأتي على حساب الطاقة الاحتياطية.
وعلى الرغم من وجود مخاوف من ضعف الطلب على النفط خلال العام القادم، إلا أن المصدر الرئيسي للخوف والقلق هو أن يتسبب الانقطاع المفاجي لإمدادات النفط الإيرانية في ارتفاع الأسعار بشكل حاد، وهذا سينعكس بالطبع على اقتصادات الدول المستهلكة للنفط.
ربما تتمكن الممكلة العربية السعودية من تعويض جزء كبير من تراجع الإمدادات النفطية الإيرانية، ولكن ليس كلها، وهذا يعني أن السوق سيظل معرض لخطر اضطراب الإمدادات، وهذا ما دفع حكومة "ترامب" إلى السماح لبعض الدول باستيراد النفط الإيراني.
وتتوقع شركة "وود ماكينزي" لاستشارات الطاقة، تراجع صادرات إيران النفطية بنحو 800 ألف برميل يوميًا، مقارنة بمستويات شهر سبتمبر، مع بدء تطبيق العقوبات الأمريكية، وهذا يعني تراجع إجمالي الصادرات إلى مليون برميل يوميًا.
من المفترض أن تستقر أسعار خام "برنت" قرب 78 دولارًا للبرميل، إلا أن هذا الافتراض ضعيف جدًا، فقد كانت "أوبك" تمتلك طاقة إنتاجية احتياطية بين 4 ملايين و5 ملايين برميل يوميًا قبل عامين، أما في الوقت الحالي تصل إلى 700 ألف برميل فقط، وبالتالي فإن سوق النفط معرض للخطر أمام الطلب القوي في الشتاء، أو في حال حدوث أي اضطرابات في الإمدادات.
إذا نجحت حكومة "ترامب" في خفض صادرات النفط الإيراني إلى الصفى بالفعل، فإن الأسعار سترتفع بشكل كبير، وهذا سينعكس على الدخل الأمريكي، قبيل انتخابات التجديد النصفي للكونجرس الأمريكي، وهذا ثمن باهظ الإدارة الأمريكية غير مستعدة لدفعه.