- Investing.com تراجع الريال الإيراني بشكل قياسي أمام الدولار الأمريكي، حيث وصل سعر الدولار إلى 119 ألف ريال في 30 يوليو الماضي، مقابل 56 ألف في شهر أبريل الماضي، وهو التراجع الأسرع خلال السنوات الأخيرة، وذلك بالتزامن مع العقوبات الأمريكية ضد طهران، التي من المقرر أن تبدأ اليوم السادس من أغسطس 2018.
وأرجع البنك المركزي الإيراني أسباب هذا التراجع الحاد في قيمة العملة الوطنية، إلى ما وصفه بـ "التآمر" من قبل بعض القوى الدولية، من خلال التلاعب في سعر الذهب عالميًا برفعه، والتدخل في أسواق صرف العملات الدولية.
بالتأكيد، كان لقرار "دونالد ترامب" الرئيس الأمريكي بالإنسحاب من الإتفاق النووي الإيراني، وإعلان إعادة فرض عقوبات أمريكية ضد طهران، تأثير كبير على الريال الإيراني، خاصة مع بدء تنفيذ الحظر الأمريكي على شراء كميات كبير من الريال اعتبارًا من اليوم، الأمر الذي جعل السعر يتراجع بشكل طبيعي.
دفعت هذه الضغوط البرلمان الإيراني إلى استدعاء الرئيس "حسن روحاني" للمثول أمامه، في الأول من أغسطس الجاري، لمساءلته عن أسباب التراجع الحاد في قيمة العملة، على الرغم من إعلان "ترامب" استعداده لمقابلة مسؤولين إيرانيين "دون شروط" قبلها بأيام قليلة، إلا أن هذا لم ينعكس بشكل إيجابي واضح على الريال الإيراني.
خلال العامين الأخيرين، سجل الاقتصاد الإيراني معدلات نمو إيجابية، تصل إلى نحو 4% بحسب تقديرات البنك الدولي، إلا أن البنك يشير إلى أن هذه المعدلات استثنائية وتعود في الأساس إلى انفتاح الدول الأوروبية على الاقتصاد الإيراني بعد الصفقة النووية، وأن معدلات النمو السلبية بين عامي 2009 و2013 قد تعود مرة أخرى في أي وقت، إذا عادت العلاقات السيئة بين واشنطن وطهران.
خلال العام الماضي، بلغ الناتج المحلي الإجمالي لإيران نحو 440 مليار دولار، بفضل ارتفاع أسعار النفط العالمية، الأمر الذي جعله يتعافى نسبيًا، ويؤكد البنك الدولي في أحدث تقاريره حول طهران، تأثير الصادرات غير النفطية أيضًا على معدلات النمو، بسبب الانفتاح النسبي للقوى العالمية عليها، وهذا التأثير يبقى مرتبط بمدى استمرار هذا الانفتاح.
وخلال النصف الأول من العام الماضي، ارتفعت الصادرات الغير نفطية بنسبة أكثر من 17%، بسبب السماح لطهران بزيادة صادراتها من المحاصيل الزراعية، وخاصة الفواكه والمكسرات، وأيضًا بسبب دخول أوروبا ضمن كبار المستقبلين للسلع الإيرانية بعد أن كانت مقصورة على الصين والهند وتايوان وتركيا.
بلغ معدل النمو الاقتصادي لإيران خلال النصف الأول من 2017 حوالي 12.5%، ومع انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي، أصبح معدل النمو 4% خلال العام الجاري، ومن المتوقع أن يسجل الاقتصاد الإيراني معدل نمو سالب خلال النصف الثاني من العام الجاري.
هناك الكثير من العقبات التي تمنع انخراط إيران في الاقتصاد الدولي بشكل أكبر، من أهمها الارتفاع النسبي في تكلفة العمالة هناك، حيث يصل أجر العامل غير الماهر في طهران 12 دولار في اليوم، وهذا ما يجعلها غير قادرة على منافسة دول جنوب شرق آسيا والصين، خاص في ظل تراجع إنتاجية العامل الإيراني مقارنة بنظرائه في هذه الدول، بالإضافة إلى أن البنية التحتية تأتي في نهاية الترتيب بين الدول المحيطة بها بحسب بيانات البنك الدولي – باستثناء أفغانستان- مما يجعل المستثمرين مترددين في ضخ أموالهم هناك.
ومازال الاقتصاد الإيراني يعاني حتى الآن من اعتماده على التصنيع فقط، في ظل قيمته المضافة المحدودة مقارنة باقتصاد الخدمات، الذي صار السمة المميزة في العصر الحديث.