وسط الفوضى العارمة التي تعيشها الأسواق المالية نتيجة لتفاقم أزمة الديون السيادية في المنطقة الأوروبية ، قد أهمل المستثمرون البيانات الاقتصادية، و انصب الاهتمام بشكل أساسي على التصريحات و التقارير المرتبطة بأزمة الديون. على الرغم من ذلك فأننا اليوم على موعد مع بيانات مؤشر مدراء المشتريات الخدمي و الصناعي في منطقة اليورو و ألمانيا، و مع بيانات الدين العام البريطاني، و أخيرا فأننا و المستثمرون يترقّبون بشغف اجتماع قادة منطقة اليورو لرسم خارطة الطريق بشأن أزمة الدين العام في اليونان.
منطقة اليورو
تشهد القطاعات الاقتصادية في المنطقة الأوروبية موجة من التباطؤ في وتيرة النمو خلال الأشهر الماضية متأثرا بشكل مباشر من أزمة الديون السيادية التي دفعت الحكومات لإقرار سياسات تقشفية صارمة، و هذا ما كان له الأثر السلبي على مستويات الطلب و الإنفاق، و انعكس بالتالي على أداء القطاعات المختلقة.
المعضلة في الأسواق المالية تتمثل باحتمالية انتشار أزمة الديون إلى بلدان أوروبية أخرى، و على رأسها ايطاليا التي تعد ثالث أكبر اقتصاد أوروبي في منقطة اليورو، و التي تزيد الضغوط على الحكومات لإقرار المزيد من الخطط التقشفية من أجل السيطرة على ارتفاع الدين العام.
يترقب المستثمرون من المنطقة الأوروبية اليوم القراءة المتقدمة لكل من مؤشر مدراء المشتريات الخدمي و الصناعي خلال الشهر الماضي مع توقعات بتباطؤ وتيرة النمو في أداء القطاعين، إذا يتوقع أن تظهر قراءة قطاع الصناعة نموا في منطقة اليورو بمقدار 51.5 مقارنة بالقراءة السابقة 52.0, أما عن القطاع الخدمي فمن المتوقع أن يظهر نموا بمقدار 53.3 من السابق 53.7، و في ألمانيا من المقدر أن تسجل قراءة المؤشر الصناعي 54.1 بانخفاض من السابق 54.6، و أن تسجل قراءة المؤشر الخدمي 56.1 من السابق 56.7.
الأعين تنتظر الأسواق اجتماع قادة منطقة اليورو الذي من المقرر أن يضع الجهود اللازمة لاحتواء أزمة الديون السيادية في المنطقة الأوروبية، فمن المقرر أن يجتمع قادة دول منطقة يورو اليوم في بروكسل لوضع تفاصيل خطة إضافية لمساعدة اليونان، و تجنب تخلفها عن تسديد أقساط الدَّين في المواعيد المحددة، ودون انتشار عدوى أزمتها المالية في منطق العملة الموحدة، وتعاني اليونان مديونية كبيرة بلغت 350 بليون يورو أو نحو 150 % من الناتج المحلي الإجمالي.
هنالك ثلاث اقتراحات لحل أزمة الديون السيادية في اليونان فالمعضلة الأساسية هي مشاركة القطاع الخاص في الخطة الثانية، أولها: الاقتراح الفرنسي الذي يرى بأن تقوم البنوك بإعادة تدوير السندات الحكومية اليونانية بنسبة 70% متضمنة إعادة تدوير للسندات بقيمة 30 مليار يورو و التي تشكل 50% من الاقتراح عن طريق إعادة استثمار نصف عائد السندات المستحقة خلال ثلاثين عام، أن حاملي السندات سيتقاضون 5.5% فائدة أضافية بالإضافة إلى مكافئة مرتبطة بنمو معدل الناتج المحلي الإجمالي،
تتضمن بقية الخطة الفرنسية، صرف فوري لثلاثين بالمائة من المبلغ ، في حين أن 20% سيتم استثمارها في أوراق مصنفة “AAA مع فائدة مؤجلة ستكون على الأغلب مدعومة من صندوق إنقاذ منطقة اليورو الذي سيقوم بتحفيز البنوك، أما الخيار الثاني في الاقتراح الفرنسي و هو إعادة استثمار ما لا يقل عن 90% من السندات المستحقة في سندات جديدة مدة استحقاقها خمس أعوام.
الخيار الثاني: هو إعادة شراء ديون اليونان وتعزيز ائتمان القطاع العام، ومن المرجح أن يؤدي ذلك لخفض التصنيف الائتماني لليونان إلى وضع التخلف الانتقائي أو التخلف الشامل عن السداد.
الخيار الثالث: فكرة فرض ضريبة على القطاع المالي أو اتفاق لا مركزي على غرار ما يحدث في فيينا مع البنوك الخاصة للإبقاء على تعرضها ،ولاسيما البنوك اليونانية التي تحوز نسبة كبيرة من ديون أثينا.
المملكة المتحدة
تواجه المملكة المتحدة العديد من مصاعب على رأسها ارتفاع العجز في الميزانية العامة و الذي يهدد المملكة بخسارة تصنيفها الائتماني، خاصة بعد التحذيرات المواجهة للولايات المتحدة بتخفيض تصنيفها الائتماني، ينتظر المستثمرين اليوم بيانات التمويلات العامة ما عدا التدخلات خلال الشهر الماضي و التي من المتوقع أن يظهر تقلصا في عجز الميزانية العامة لمستويات 12.5 بليون جنيه مقارنة بالقراءة السابقة 17.4 بليون جنيه.
من المتوقع أن تسجل التمويلات العامة 17.0 بليون جنيه مقارنة بالقراءة السابقة 11.1 بليون جنيه ، و من المفترض أن يسجل صافي الإقراض العام للقطاع العام مستويات 10.2 بليون جنيه مقارنة بالقراءة السابقة لشهر أيار بعجز بقيمة 15.2 بليون جينه.
يعد ارتفاع معدلات البطالة في بريطانيا من الصعاب التي تهدد مسيرة التعافي في الاقتصاد، خاصة بعد ارتفاعها لمستويات 7.7% و هذه نتيجة لاحقة للتخفيضات العميقة في الإنفاق العام المتضمنة تسريح العديد من موظفي القطاع العام، و التي قلصت من مستويات الإنفاق الاستهلاكي للإفراد، و الذي دفع مبيعات التجزئة للمستويات سالبة خلال شهر أيار، و يتوقع أن تواصل مبيعات التجزئة تظهر تحسنا طفيفا خلال الشهر الماضي لمستويات 0.5% من السابق -1.4% و على المستوى السنوي عند 0.3% من 0.2%.