واشنطن، 19 يونيو/حزيران (إفي): على الرغم من رياح الأزمة الاقتصادية العاتية وأعاصير البطالة التي أطاحت بشعبية إدارة الرئيس الأمريكي باراك اوباما ووضعت حزبه الديمقراطي في وضع لا يحسد عليه قبل شهور قليلة من الانتخابات التشريعية في نوفمبر/تشرين ثان المقبل، إلا أن أزمة التسرب النفطي في خليج المكسيك جاءت لتقدم فرصة ذهبية للديمقراطيين لإحراج منافسيهم الجمهوريين.
فعلى الرغم من الآثار السلبية للأزمة التي اعتبرت واحدة من أسوأ الكوارث البيئية في تاريخ البلاد، إلا أنها حملت جانبا "إيجابيا" للحزب الديمقراطي، حيث مثلت "فخا" سحيقا وقع فيه الجمهوريون بعد التصريحات التي أدلى بها نائبهم جو بارتون واتهم فيها الحكومة بـ"ابتزاز" شركة "بريتش بتروليوم" البريطانية صاحبة المنصة الغارقة المتسببة في التسرب.
ولم ينقذ الاعتذار الذي أعلنه بارتون للبيت الأبيض حزبه الجمهوري من مواجهة سيل من الاتهامات والانتقادات الديمقراطية التي تركزت على أن (بريتش بتروليوم) قد وضعت نواب الحزب "في جيبها".
وأطلقت اللجنة القومية الديمقراطية الجمعة حملة دعائية تحت شعار "دعك من الاعتذارات"، تتهم خلالها بارتون والجمهوريين بالدفاع عن الصناعة البترولية وتجاهل الآثار التي أسفرت عنها الكارثة بالنسبة للمقيمين بالقرب من خليج المكسيك ومصالحهم.
وبدأت الأزمة حينما قال بارتون، النائب عن ولاية تكساس، بحضور الرئيس التنفيذي لـ(بريتش بتروليام) توني هاوارد إن الكونجرس يدين بالاعتذار للشركة البريطانية بسبب ضغوط البيت الأبيض لإنشاء صندوق بقيمة 20 مليار دولار لضحايا التسرب.
وأعلن البيت الأبيض الأربعاء الماضي أن الشركة البريطانية قبلت إنشاء الصندوق، إلا أن بارتون اعتبره في تصريحاته النارية نوعا من "الابتزاز".
وقال بارتون حينها "أنا أتحدث باسمي وليس باسم حزبي.. أنا خجول مما جرى في البيت الأبيض"، عقب أن وصف ما يحدث لـ(بريتش بتروليام) بأنه "مأساة من الدرجة الأولى وابتزاز".
وأعطى الجمهوريون لبارتون خيارين، بسبب معرفتهم بما قد ينتج عن هذه التصريحات، إما التراجع عنها أو المخاطرة بمنصبه كرئيس الجمهوريين في لجنة الطاقة والتجارة بالكونجرس.
ولجأ النائب للخيار الأول حيث أصدر بيانا قال خلاله "أرغب في توضيح أن (بريتش بتروليوم) مسئولة بشكل كامل عن الحادث.. آسف لاستخدام كلمة ابتزاز فيما يتعلق بتصرفات البيت الأبيض وأسحب اعتذاري للشركة البريطانية".
ولكن تراجع بارتون جاء متأخرا وتبخر في الهواء، بل واستغله بعض مقدمي برامج الكوميديا في الولايات المتحدة مثل جون ستيوارت.
ونبذ زعيم الأقلية الجمهورية جون بونر تصريحات نائبه، مؤكدا ضرورة أن تدفع (بريتش بتروليام) ثمن أخطائها وإنهاء التسرب ودفع تكاليف عمليات النظافة.
ومن جانبهم استغل الديمقراطيون الموقف لإبراز أن الجمهوريون لا يستحقون تحقيق الأغلبية في الانتخابات التشريعية في الثاني من نوفمبر/تشرين ثان المقبل.
وستشهد هذه الانتخابات تجديد كل مجلس النواب وثلث الشيوخ وعدد من الحكومات الإقليمية، بخلاف مناصب أخرى.
وتشير الأرقام إلى أن بارتون تلقى تبرعات سياسية بقيمة 27 ألف دولار من (بريتش بتروليوم) ومليون و400 ألف دولار من صناعات الغاز والبترول.
وقبل تصريحات بارتون كان الجمهوريون يقولون أن مسئولية الكارثة مشتركة بين (بريتش بتروليوم) وإدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما، فضلا عن أن الهيئات التنظيمية الفيدرالية هي المسئولة عن مراقبة أنشطة الشركة البترولية، لذا يجب إدراجها في قائمة المتهمين.
ويظهر الإعلان الذي ينتقد خلاله الديمقراطيون الجمهوريين بعض صور الكارثة وبارتون وهو ينطق كلمة "أعتذر" وبعدها صوت يقول عبارة "لو كان الجمهوريون في السلطة لأصبح هذا هو النوع الذي سيشرف على (بريتش بتروليوم)".
وترجع كارثة خليج المكسيك إلى 20 أبريل/نيسان الماضي بعد انفجار منصة نفطية تديرها "بريتش بتروليوم" وغرقها بعدها بيومين، ما أدى إلى تسرب 1.9 مليون لتر من النفط يوميا منذ وقوع الحادث، الذي أودى بحياة 11 عاملا، وفقا للهيئة الأمريكية للجيولوجيا.(إفي)