انكمش الاقتصاد البريطاني خلال الربع الثاني بوتيرة -0.7% مقارنة بقراءة الربع الأول -0.3% و كان متوقعاً أن ينكمش الاقتصاد بوتيرة -0.2% خلال هذا الربع و ذلك بعد التيسير و التحفيز الذي قام به البنك المركزي البريطاني ولكن ذهب كل جهوده و آماله سدى ليُظهر الاقتصاد الحقيقة المرة بانكماشه و وجوده ضمن أصعب فتراته التاريخية وسط تفاقم أزمة الديون في منطقة اليورو و تراجع أداء مختلف القطاعات الاقتصادية.
كنا قد شهدنا العديد من الاشارات السلبية التي ظهرت عن قطاعات الاقتصاد المختلفة من انكماش في الخدمات او الصناعة إلى جانب ضعف شديد في قطاع العمل و الذي رفع من البطالة لمستويات مرتفعة حدّت بشكل كبير من مستوى الانفاق و الاستهلاك الشخصي للفرد البريطاني.
و لكن لم يكن باعتقاد أي أحد بأن تصل الأمور لهذه الدرجة و يدخل الاقتصاد الملكي بركود عميق جداً يصعب الخروج منه في الواقع متحدياً بذلك البنك المركزي البريطاني و جميع الجهات المعنية بأن عملية نشل الاقتصاد من الوضع الذي يعيشه حالياً ليست بالسهلة و أنها تحتاج العديد من الخطط و الاجراءات التحفيزية و الداعمة للاقتصاد في حال أرادوا ذلك.
و لكن ما هو الحل برأيك؟ فلم يكن البنك المركزي البريطاني إلا مستعداً و جريئاً بخطواته النقدية فقيامه برفع برنامج شراء الأصول بخمسين مليار جنيه اضافية كانت من المفترض أن تقدم بعض الدعم و التحفيز للاقتصاد، و لكن يبدو بأن الاقتصاد يحتاج أكثر من ذلك بالفعل.
و حتى وزارة الخزينة البريطانية فربما أنها قدمت أيضاً بعض الدعم و التحفيز للاقتصاد بعد شراكتها مع البنك المركزي في خطوة تهدف لدعم مستويات السيولة في الاقتصاد ضمن عملية التمويل من أجل تحفيز الاقراض و التي تم اقرارها خلال الشهر الجاري من أجل دعم مستويات الاقراض و تسهيل عملية الاقراض هذه في سبيل دعم مستوى السيولة في الاقتصاد بعد تعثرها مؤخراً.
هل أن أفضل القرارات أو الحلول التي يجب أن يقدمها البنك المركزي البريطاني للاقتصاد في سبيل دعمه و نشله من دائرة الركود التي يقع بها حالياً هو خفض سعر الفائدة المرجعي كما كان قد ناقش أعضاء لجنة السياسة النقدية في اجتماعيهم الأخيرين، فلم يعد بيد البنك العديد من الحلول أو الأدوات التي يستخدمها في سبيل دعم الاقتصاد.
فنرى من جانب أكبر شريك اقتصاد للمملكة تفاقم أزمة الديون و تعثر المنطقة يوماً بعد يوم دون اظهار أي بوادر خير للفترة القادمة، و هذا ما يُلقي بظلاله على النظرة المستقبلية للاقتصاد الملكي الذي يتأثر بشكل سلبي كبير جداً من أزمة أكبر شريك تجاري له، فعدا عن تراجع مستويات الطلب منها على المنتجات البريطانية، فيظهر أثر الثقة و الطمأنينة التي لم تعد المملكة تنعم بها وسط أزمة الديون السيادية و تأثر المملكة بها.
و يبدو بأن صندوق النقد الدولي كان على صواب في تقريره الأخير بعد أن قام بخفض توقعاته لنمو الاقتصاد البريطاني بشكل كبير على عكس الدولة المتقدمة الأخرى التي قام بخفض توقعاتها لنموها و لكن بشكل أقل مما هو للمملكة المتحدة. أشار الصندوق إلى أن الاقتصاد الملكي قد ينمو 0.2% خلال العام الجاري 2012 بدلاً من توقعاته السابقة 0.8%، و قام أيضاً بتخفيض توقعاته لنمو العام القادم 2013 إلى 1.4% من 2.0%.
نشير هنا إلى التراجع الحاد الذي لحق بالجنيه الاسترليني بعد صدور هذه البيانات، فبعد أن وصل إلى أعلى مستوياته خلال جلسة اليوم عند 1.5550 تراجع زوج الجنيه مقابل الدولار إلى ادنى مستوياته حتى الأن عند 1.5466 و ذلك بعد أن افتتح جلسة اليوم عند 1.5503 و لا يزال الزوج يتداول بشكل سلبي حول مستويات 1.5475.