الرباط، 17 سبتمبر/أيلول (إفي): تشهد الحرف اليدوية في المغرب، والتي يعمل فيها نحو 400 ألف شخص، حيوية في العمل والإنتاج، لكنها رغم ذلك تعاني من خطورة الاندثار، بسبب عدم انتقال صنعتها من الآباء إلى الأبناء كما كان الأمر من قبل، نظرا لافتقاد الأجيال الجديدة لعنصر هام وأساسي في هذا العمل وهو: الصبر.
وتعد الحرف اليدوية واحدة من السمات المميزة للمغرب الذي اجتذب في عام 2010 أكثر من تسعة ملايين سائح، وهي مسؤولة الى حد كبير في أن يبلغ دخل هذا القطاع متوسط 16 مليار درهم سنويا (مليار و400 مليون يورو او مليار و900 مليون دولار)، بزيادة سنوية قدرها 15% خلال السنوات الثلاث الماضية.
وأصبح المشتغلون في المغرب بمهن مثل صناعة النعال، والخزف التقليدي، وصناع النسيج والسجاد، والصاغة، يشكلون واحدة من مناطق الجذب السياحية الأكثر شعبية.
وتحتفل وزارة الحرف التقليدية بالمغرب بالأسبوع الوطني للحرف التقليدية، ويعد أحد أبرز المعارض التي تقام بهذه المناسبة معرض "كبار المعلمين" والذي يضم اشهر حرفيين من عدة مدن يتم دعوتهم لتقديم أعمالهم في قصر يقع في قلب العاصمة.
واجتمع هناك كبار الحرفيين لتقديم مهاراتهم التي تجمع فنون الخزف والفخار، والمعادن (الذهب والفضة والنحاس)، والخشب والمنسوجات (الملابس والسجاد).
وقال محمد المسلك، مدير إدارة التخطيط بوزارة الصناعة التقليدية، ان "الصناعة الحرفية في المغرب تعد احد القطاعات الحيوية، فهناك 25 معرضا إقليميا يقام سنويا وينظمه الحرفيون أنفسهم، وهناك أيضا المدارس التي تنشر هذه الحرف، والبنوك الكبرى التي تدعم وتمول هذه المجهودات".
وأوضح ان الحرف القديمة التي تنتقل عبر الأجيال، لم تجد الدعم الكافي لها داخل الأسرة، لكنها لاتزال قيد الحياة بسبب تواجد مدارس التدريب المهني التي تؤهل الشباب.
وقال احد حرفيي الجلود في مراكش، الفضل يحيي، ان "الحال تغير كثيرا عن الماضي، واصبح من النادر ان تجد الحرفيين الذين ورثوا العمل من آبائهم، والكثيرون الآن الذين يعملون بتلك المهن هم من الشباب الذين فشلوا في المدرسة".
وأضاف "الشباب لم يعد لديهم الصبر، وبدون الصبر لا يمكن إنجاز تلك الأعمال: يريدون ان يصعدوا السلم عن طريق القفز، وليس خطوة خطوة".
ومن جانبها قالت مطرزة نسيج "انظروا الى هذا القفطان، لقد استغرق مني شهرين من العمل، كله مخيط باليد، هل تعتقد أن هناك من الشباب من يقدر على الاستمرار في هذا الجهد؟ لم يعد لديهم صبر، والآن يريدون نتائج فورية، وأصبحنا نرى بشكل متزايد الآن قفطانات مصنوعة بشكل خاطيء".
فالمواطن الصحراوي الأصل محمد عبد الرحمن يعرف عنه انه خصص حياته كلها لصناعة الفضة والمعادن، وهو قادر على صناعة خاتم من عملة نصف يورو، او صناعة أسورة من الذهب الخالص خلال ستين يوما من العمل.
وليس لدى نجله (18 عاما) أي نية للسير على خطاه، ولكن عبد الرحمن رغم ذلك أكد أن عمله لن يندثر، لأن أجيالا جديدة تتراوح أعمارها بين 15 و30 عاما أحبت هذا المجال "وتتعلم منه في مشروع التدريب المهني الذي ترعاه الوزارة".
وتشهد شوارع مراكش وطنجة وفاس تغييرات ملموسة في هذا القطاع خلال السنوات الأخيرة، من تصميمات حديثة في الألوان والأشكال تختلف بعض الشيء عن التقليدي، لكنها في نفس الوقت لا تنخلع منه.
ومع ذلك، فإنه لم يكن هناك مجالا كبيرا للتصميمات الجديدة في الأسبوع الوطني للحرف اليدوية، حيث أن سلطات القطاع تفضل الوفاء للنماذج التقليدية التي بقيت لقرون، وكذلك مقاومة الغزو المقلد لهذه الأعمال من جانب الصين. (إفي)