أبوظبي (رويترز) - اكتسبت منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) سمعة سيئة فيما يتعلق بالشد والجذب بشأن سياسات الإنتاج، لكن الأمير عبد العزيز بن سلمان تمكن باقتدار من تحقيق أول خفض للإنتاج في عهده بعد أربعة أيام فقط من توليه منصب وزير الطاقة السعودي.
وتُلقي مسألة رفع أسعار النفط بظلالها بشكل كبير على مهمة الأمير عبد العزيز، خاصة مع الإدراج الوشيك لأسهم شركة النفط الحكومية العملاقة أرامكو السعودية وزيادة متطلبات الميزانية السعودية.
لكن عندما التقى الأمير نظراءه من وزراء النفط في الخليج وكذلك مسؤولي أوبك هذا الأسبوع لأول مرة، لم تكن رسالته الأولى بشأن أسعار النفط.
وقالت مصادر مطلعة على الاجتماعات التي عُقدت في أبوظبي إن الأمير عبد العزيز قال أولا وقبل كل شيء إنه حريص على إعادة بناء أواصر الثقة مع الدول المجاورة المنتجة للنفط، وهي الكويت والإمارات وسلطنة عمان، وأيضا مع غيرها من الدول الأعضاء في أوبك.
ووفقا لثلاثة مصادر جرت إحاطتهم علما بالمناقشات، فإنه من المتوقع أن يتعامل الأمير، وهو مسؤول مخضرم في قطاع النفط وعضو بارز في أسرة آل سعود الحاكمة، مع المسائل التي تخص أوبك بنهج مختلف عن سلفه خالد الفالح.
وكان الفالح قد أثار مرارا سخط منتجين آخرين في أوبك من خلال عقد اتفاقات مع روسيا الدولة غير العضو في أوبك دون مناقشتها أولا مع حلفاء المملكة الخليجيين في أوبك، والذين عادة كانوا يزيدون الإنتاج أو يخفضونه بالاشتراك مع الرياض.
وقال أحد المصادر لرويترز "الوزير الجديد يُفضل أن تكون القرارات بالإجماع بدلا من تقديمها على أنها اتفاقات بين السعودية وروسيا فحسب. إنه يريد أن نكون جبهة موحدة".
وفي غضون ساعات، أتت هذه الاستراتيجية ثمارها.
فبعد اجتماع للجنة مشتركة لمراقبة السوق، المعروفة باسم لجنة المراقبة الوزارية المشتركة، انضم وزيرا النفط في العراق ونيجيريا، عضوي المنظمة اللذين يزيد إنتاجهما عن المتفق عليه، إلى الأمير عبد العزيز على طاولة المؤتمر الصحفي ذاته ليتعهدا بخفض سريع للإنتاج.
وقال مصدران إنه نتيجة لهذا التحرك من الدولتين، قد ينخفض إنتاج أوبك أكثر بمقدار 400 ألف برميل يوميا تقريبا، أو ما يعادل 0.4 بالمئة من الإمدادات العالمية، للمساهمة في دعم أسعار النفط في وقت تتصاعد فيه المخاوف من حدوث ركود اقتصادي عالمي وارتفاع الإنتاج الأمريكي.
وقال الأمير وهو يدعو الوزيرين العراقي والنيجيري لشرح خطواتهما المقبلة "العمل في إطار من الوحدة يبعث برسائل قوية للسوق ويمنحها ثقة أكبر".
وقال الوزير الذي كان جالسا بجانب نظيره الروسي ألكسندر نوفاك "زميلي الموقر الوزير نوفاك استيقظ على حقيقة جديدة وهي أننا لم نكن شاملين للجميع بالقدر الكافي، وكان ينبغي علينا ذلك".
*الاحتفاظ بأوراقه طي الكتمان
اجتمعت أوبك وحلفاؤها بقيادة روسيا، المجموعة المعروفة باسم أوبك+، يوم الخميس في أبوظبي لمناقشة آفاق السوق قبل اجتماع وزاري كامل للمجموعة في فيينا في ديسمبر كانون الأول.
واجتمع الأمير عبد العزيز يوم الأربعاء مع وزراء النفط الخليجيين ومسؤولين بارزين في أوبك لإيصال الرسالة التي كانت في جعبته.
وقال المصدر الأول "(الوزير) شدد أيضا على أهمية التزام جميع الدول، سواء كانت كبيرة أو صغيرة".
وجرى تعيين الأمير عبد العزيز، وهو ابن الملك وأخ غير شقيق لولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وزيرا للطاقة يوم الأحد. ويُعرف في دوائر القطاع بأنه مفاوض دبلوماسي وله خبرة طويلة في إبرام اتفاقات في أوبك.
لكنه يميل أيضا إلى الاحتفاظ بأوراقه طي الكتمان.
وفي أول تواصل له مع وسائل الإعلام هذا الأسبوع، مزح الأمير بشأن كونه شخصا صريحا للغاية يتمتع بحس دعابة شديد التلقائية.
لكنه تجنب الكشف عن توقعاته بشأن سياسة أوبك المستقبلية أو تحركات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ضد إيران الخصم اللدود للرياض.
وقال الأمير "ما نسمعه اليوم هو شيء وما قد يحدث في الواقع هو شيء آخر".
وأضاف "لا أريد الخوض في تفاصيل من الناحية السياسية، فبصفتي رئيسا للجنة المراقبة الوزارية المشتركة يجب أن أتخذ موقفا محايدا يُمثل الجميع".
(إعداد أحمد السيد للنشرة العربية - تحرير معتز محمد)