استقالة محافظ البنك المركزي مهدت الطريق أمام الصفقة
ربما تكون خسارة اثنين من رؤساء البنوك المركزية خلال ثلاثة أشهر أمرا مؤسفا بالنسبة لأي دولة، ناهيك عن دولة تطلب المساعدة من صندوق النقد الدولي في ظل معاناتها من أزمة عملة.
ومع ذلك، كان ينظر إلى استقالة محافظ البنك المركزي اﻷرجنتيني السابق لويس كابوتو بعد انقضاء 12 أسبوع فقط على توليه المنصب، على أنه انتصار لصندوق النقد الدولي، يمكن بدوره أن يمهد الطريق أمام صفقة جديدة على حزمة الإنقاذ البالغة 50 مليار دولار في البلاد.
وفي اليوم الذي أعلن فيه كابوتو استقالته من منصبه، كتبت مدير عام صندوق النقد الدولي كريستين لاجارد، عبر موقع التغريدات القصيرة تويتر، أن صندوق النقد واﻷرجنتين على وشك التوصل إلى اتفاق جديد.
واليوم أعلنت مديرة صندوق النقد لاجارد أن الصندوق يعتزم تقديم حزمة إضافية بمقدار 7.1 مليار دولار للأرجنتين كجزء من حزمة الإنقاذ، التي تعد الآن أكبر حزمة إنقاذ على الإطلاق يقدمها الصندوق.
وأضاف صندوق النقد أنه سيسمح للأرجنتين بتلقي المزيد من النقود مقدما بزيادة المبلغ المتاح للدولة اﻷمريكية اللاتينية من الآن وحتى نهاية عام 2019، وذلك بمبلغ إضافي قدره 19 مليار دولار، ليرتفع بذلك حجم حزمة الإنقاذ الإجمالية إلى 57 مليار دولار ، التي صُرف منها بالفعل 15 مليار دولار، كما يمكن الآن صرف 35 مليار دولار أخرى بحلول نهاية العام المقبل.
وقالت صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية إن كابوتو كان يعمل في السابق لدى كل من بنك “جي.بي مورجان” و”دويتشه بنك”، كما أنه شغل منصب وزير المالية قبل تولي منصب محافظ البنك المركزي اﻷرجنتيني في يونيو الماضي، ولكن رغبته في التدخل في أسواق الصرف الأجنبي كانت تخالف التفضيل المتأصل لدى صندوق النقد الدولي تجاه تحرير سعر صرف العملات، خاصة عندما يكون كثير من أمواله على المحك.
وقال والتر ستويبلويرث، رئيس قسم البحوث في مصرف “بالانز كابيتال” الاستثماري في الأرجنتين: “هذا البرنامج عبارة عن مجموعة ضخمة من أحجار النرد بالنسبة لصندوق النقد الدولي، الذي يرغب فرض سيطرته بالكامل”.
وأعلن كابوتو استقالته، الثلاثاء الماضي، بينما كان الرئيس اﻷرجنتيني ماوريسيو ماكري في مدينة نيويورك للسعي من أجل تجديد برنامج صندوق النقد، ليحل محله المستشار السابق لصندوق النقد جويدو ساندليريز، الذي عمل في السابق في وزارة الاقتصاد التابعة للوزير اﻷرجنتيني نيكولاس دويوفني، الذي يعرف أيضا بكونه أحد كبار محاوري لاجارد في المفاوضات التي تعقدها البلاد.
وقال أحد المصرفيين المحليين إنه من الواضح جدا أن تعيين دويوفني يعني أنه سوف يستحوذ على السلطة بأكملها، مشيرا إلى أن اﻷمر الإيجابي في هذا التعيين يتمثل في تواجد تنسيق كامل بين السياسة النقدية والمالية.
وأوضح شخص مقرب من الحكومة اﻷرجنتينية أن كابوتو كان يعتقد أنه لا يملك أسلحة فتاكة لتغيير الأشياء حقا بسبب الترتيبات المنعقدة مع صندوق النقد الدولي، كما أنه لن يكون قادرا على إتمام أعماله للحد من التضخم.
ويبدو أن اﻷرجنتين أصبحت بالغة اﻷهمية بالنسبة لصندوق النقد الدولي، خاصة أن الضربة التي سوف تتوجه إلى مصداقية الصندوق ستكون شديدة في حال فشلت البلاد في برنامج ثان ومنقح.
كانت الصفقة الأولية، التي تم الكشف عنها في غضون ثلاثة أشهر فقط، واحدة من أكبر الصفقات في تاريخ صندوق النقد الدولي، ولكن ثبت أنها غير كافية للحفاظ على الوضع المالي للبلاد في أعقاب انخفاض قيمة البيزو اﻷرجنتيني بمقدار النصف مقابل الدولار اﻷمريكي خلال العام الجاري.
وقال مايكل غوميز، رئيس الأسواق الناشئة في مجموعة السندات العملاقة “بيمكو ” وأحد أكبر الدائنين في الأرجنتين، إن اﻷمر اﻷهم هو استعادة مصداقية البرنامج الاقتصادي للحكومة وإرسائه مع برنامج صندوق النقد الدولي الموثوق به، مضيفا أن تغييرات التوقيت دائما ما تكون دقيقة، ولكن ربما من الأفضل أن يحدث ذلك قبل اختيار حزمة إنقاذ أخرى.
بالنسبة لماكري، من الضروري أن يستقر البيزو والاقتصاد في الوقت المناسب من أجل الانتخابات الرئاسية المقبلة، التي كان من المقرر انعقادها في أواخر عام 2019.
وأوضحت الصحيفة البريطانية أن الانكماش الاقتصادي الحاد منذ الأزمة المالية العالمية، أي قبل عقد من الزمن، يدل على أن المنافسة ربما تكون مثيرة مما كان يأمله المستثمرون.
وبحسب ما قالته مؤسسة “أكسفورد إيكونوميكس” البحثية، حتى لو توقف انخفاض العملة، من المتوقع أن يصل الدين العام للأرجنتين إلى 84% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول نهاية عام 2018، مقارنة بنحو 50% قبل أن تعثر بوينس آيرس عن سداد دين سيادي بقيمة 100 مليار دولار في عام 2001، مما آثار مخاوف من التعرض لأزمة ديون جديدة إذا فشلت الأرجنتين في السيطرة على الإنفاق وطمأنة المستثمرين.
وقال سيوبان موردين، رئيس استراتيجية الدخل الثابت لأمريكا اللاتينية لدى شركة “نومورا”: “لا يوجد حل سريع بالنسبة للأرجنتين”، مضيفا أنه في الوقت الذي تعد فيه إدارة العملات أكثر المهام إلحاحا، يعد الانضباط المالي أيضا أمرا بالغ الأهمية، لذلك ينبغي الانتظار حتى العام المقبل لرؤية ما إذا كانت الحكومة