من نوح براونينج وألين فيشر إيلان
القدس (رويترز) - بعيدا عن دائرة الضوء المسلطة على حرب غزة.. تشهد القدس الشرقية المحتلة احتجاجات ليلية عنيفة دفعت الشرطة الإسرائيلية للقيام بحملة اعتقلت فيها مئات الفلسطينيين.
تشهد الشوارع اشتباكات مع شرطة ترتدي زي مكافحة الشغب وتداهم منازل في ساعات متأخرة من الليل في حملات تشبه تلك التي ينفذها الجيش ويرشق محتجون سيارات إسرائيلية بالحجارة في أخطر تفجر للعنف في القدس منذ اندلاع الانتفاضة الفلسطينية قبل عشر سنوات.
تفجرت الاحتجاجات في يوليو تموز بعد مقتل فتى فلسطيني في هجوم يحاكم بسببه ثلاثة يهود حاليا وقيل إنه انتقام لمقتل ثلاثة فتية إسرائيليين بالضفة الغربية المحتلة على أيدي نشطاء من حركة حماس.
وتبرز هذه التوترات الانقسامات العمية في مدينة تصفها إسرائيل بأنها "عاصمتها الموحدة".
ألحق الفلسطينيون أضرارا بخط للسكك الحديدية في القدس يربط بين الأحياء العربية واليهودية وكانت تصفه السلطات الإسرائيلية يوما بأنه رمز للتعايش. وخرجت ثلث القاطرات من الخدمة.
وقالت الشرطة الإسرائيلية إن الحملات الأمنية في القدس الشرقية أسفرت عن اعتقال أكثر من 600 فلسطيني منهم 150 حدثا. وأطلق سراح معظمهم بكفالة أو فرضت عليهم قيود بشكل أو آخر.
ويقول محاموهم وأسرهم إن المداهمات لا تمثل تنفيذا للقانون وإنما تشبه الأساليب العسكرية العنيفة التي تتبعها القوات الإسرائيلية بالضفة الغربية.
قال ديمتري دالياني النشط في مجال الحقوق الفلسطينية بالقدس الشرقية "الأسلوب الذي تتعامل به الشرطة يشعل مناطق كانت من قبل هادئة... يظنون أن تصعيد الاعتداءات والضغوط النفسية تخمد الانتفاضات لكنها في الحقيقة تزيد غضب الناس."
وقال ميكي روزنفيلد المتحدث باسم الشرطة إنه بعد "اضطرابات واسعة النطاق في أحياء مختلفة" ألقي القبض على مشتبه بهم كانوا جميعا ضالعين بشكل مباشر في الاشتباكات مع الشرطة ومنهم من ألقى حجارة أصابت جنودا.
كانت إسرائيل قد احتلت القدس الشرقية وقطاع غزة والضفة الغربية في حرب 1967 ثم ضمت المدينة بعد ذلك بقليل وفي عام 1980 أقرت قانونا أعلن القدس كلها عاصمة لها في خطوة غير معترف بها في الخارج.
* احتدام الموقف
يمثل الفلسطينيون نحو 40 في المئة من سكان القدس البالغ عددهم 800 ألف نسمة. وهم يحملون بطاقات هوية إسرائيلية تمنحهم بوصفهم سكان مدينة تعتبرها إسرائيل جزءا منها نفس الحقوق المدنية والخدمات المدعومة من الدولة الممنوحة للمواطنين الإسرائيليين.
لكن كثيرين يرون أن البناء الاستيطاني في مناطق القدس التي ضمتها إسرائيل إليها والقيود التي تفرضها على دخول المسجد الأقصى بالمدينة القديمة -والتي تقول إسرائيل إنها لاعتبارات أمنية- محاولات لتغيير طبيعة المكان.
وقال مئير مارجاليت العضو الإسرائيلي السابق بمجلس المدينة "لا يبدو أن هناك إرادة لدى رئيس البلدية ومجلس المدينة لمعالجة الأسباب الجذرية للاستياء الفلسطيني من فقر وإزالة للمنازل ومن مستوطنات ومصادرات للأراضي."
وقالت حركة السلام الآن المعارضة للاستيطان إن مدرسة دينية يهودية فتحت بهدوء أوائل العام الحالي في وسط القدس الشرقية وإن بلدية القدس وافقت يوم الخميس على خطط لبناء مدرسة لاهوتية من تسعة طوابق في حي عربي آخر.
وكتب دانيال سيديمان -وهو محام إسرائيلي وخبير في التوسع الاستيطاني- على موقع تويتر "لك أن تتخيل رد الفعل إن أقيمت مدرسة إسلامية في القدس الغربية" واتهم السلطات "بتأجيج الوضع" بالمدينة.
وبعد أن أحرق يهود متطرفون فيما يبدو الفتى الفلسطيني محمد أبو خضير (16 عاما) حيا في الثاني من يوليو تموز اندلعت اشتباكات لأيام بين محتجين فلسطينيين والشرطة في منطقته بالقدس الشرقية.
وتعرض طارق خضير وهو قريب محمد ويحمل الجنسية الأمريكية للضرب المبرح واعتقل خلال الاحتجاجات مما أثار انتقاد شديد من قبل الولايات المتحدة. وأودع مواطن آخر يحمل الجنسية الأمريكية هو محمد أبو نية (15 عاما) السجن منذ شهرين بتهمة الاشتراك في الاحتجاجات وحمل سلاح أبيض وهو ما تنفيه أسرته.
وقال أخوه خليل لرويترز إن الشرطة ضربت محمد واستجوبته في غياب أحد من أسرته أو محاميه في انتهاك للقانون الإسرائيلي الخاص بحقوق المحتجزين القصر.
ونفى روزنفيلد المتحدث باسم الشرطة علمه بأي انتهاكات وقال إن الهدف من وجود أفراد الشرطة في القدس الشرقية واستخدامهم أقنعة تخفي وجوههم هو حماية الجنود من الخطر.
واندلعت معظم أحداث العنف المناهضة لإسرائيل بالقدس في السنوات الأخيرة في الحرم القدسي بالمدينة القديمة حيث يوجد المسجد الأقصى وحائط المبكى المقدس عند اليهود.
واعتقل معاذ إدريس (30 عاما) هذا الشهر أثناء اشتباكات مع قوات الأمن في موقع الحرم.
واحتجز إدريس أسبوعا ووضع رهن الإقامة الجبرية بالمنزل أسبوعا آخر ومنع من زيارة الحرم شهرا.
وقال "الوضع مروع في المدينة .. أسوأ من أي وقت مضى."
(شارك في التغطية علي صوافطة - إعداد أمل أبو السعود للنشرة العربية - تحرير أحمد حسن)