أفصح الاقتصاد الأمريكي اليوم الثلاثاء عن المزيد من البيانات والأخبار الرئيسية، تمثلت في تقرير أسعار المنتجين الخاص بشهر تشرين الأول/أكتوبر، وتقرير مبيعات التجزئة الخاص بالشهر ذاته، ناهيك عن مؤشر نيويورك الصناعي والخاص بشهر تشرين الثاني/نوفمبر، ليؤكد مؤشر نيويورك ولأول مرة منذ شهر أيار/مايو توسع أنشطة القطاع، عقب انكماشها على مدار تلك منذ ذلك الحين.
وبالحديث عن تفاصيل تلك البيانات والتقارير، فقد انخفضت أسعار المنتجين خلال تشرين الأول/أكتوبر الماضي بنسبة 0.3%، بالمقارنة مع القراءة السابقة والتي بلغت ارتفاعاً بنسبة 0.8%، وبأدنى من التوقعات التي بلغت انخفاضاً بنسبة 0.1%، أما على الصعيد السنوي فقد ارتفعت الأسعار بنسبة 5.9%، بالمقارنة مع القراءة السابقة والتي بلغت ارتفاعاً بنسبة 6.9%، وبأدنى من التوقعات التي بلغت ارتفاعاً بنسبة 6.3%.
وعلى صعيد آخر فقد استقرت أسعار المنتجين الجوهرية -تلك المستثنى منها أسعار كل من الغذاء والطاقة- خلال تشرين الأول/أكتوبر عند القراءة الصفرية، بالمقارنة مع القراءة السابقة والتي بلغت 0.2%، وبأدنى من التوقعات التي بلغت 0.1%، أما على الصعيد السنوي فقد ارتفعت أسعار المنتجين الجوهرية بنسبة 2.8%، بالمقارنة مع القراءة السابقة والتي بلغت 2.5%، وبتطابق مع التوقعات.
وبالنظر إلى المؤشرات الفرعية، فقد أكد التقرير على انخفاض أسعار بضائع المستهلكين والتي تمثل حوالي 74.45% من مجمل التقرير خلال تشرين الأول/أكتوبر بنسبة 0.4%، بالمقارنة مع القراءة السابقة والتي بلغت خلال أيلول/سبتمبر 1.0%، في حين انخفضت أسعار المنتجين باستثناء الغذاء -تلك التي تمثل حوالي 81.36% من مجمل التقرير- بنسبة 0.4%، بالمقارنة مع القراءة السابقة والتي بلغت 0.8%.
وهنا نؤكد عزيزي القارئ على أن معدلات التضخم الجوهرية بقيت خلال تشرين الأول/أكتوبر ضمن دائرة توقعات البنك الفدرالي الأمريكي، بل وأكد التقرير الصادر على أن مستويات التضخم لا تزال تحت السيطرة في الولايات المتحدة الأمريكية، تماماً كما أشار الفدرالي الأمريكي في الآونة الأخيرة، والذي ما انفك يؤكد على أن التضخم لن يقف في طريق انتعاش الاقتصاد الأمريكي خلال العامين المقبلين، ذلك بأن الأنشطة الاقتصادية تردّت نوعاً ما خلال الفترة الماضية، الأمر الذي شكّل ضغطاً على الأسعار وحد من ارتفاعها، ليبقى التضخم تحت السيطرة وضمن خانة الاعتدال، كما يصفه الفدرالي الأمريكي.
ومن المتوقع بقاء التضخم تحت سيطرة البنك الفدرالي الأمريكي خلال العامين المقبلين كما أسلفنا، وذلك في ظل استمرار البنك الفدرالي الأمريكي على سياسة ترتكز إلى تحقيق النمو قبيل اللجوء إلى السيطرة على التضخم، هذا بالإضافة إلى أن الاقتصاد الأمريكي لا يزال في مواجهة مع العقبات التي تتمثل في ارتفاع معدلات البطالة وتشديد شروط الائتمان، الأمر الذي يحد من تقدم مستويات الإنفاق لدى المستهلكين بالشكل المنشود.
ومن ناحية أخرى فقد صدر عن الاقتصاد الأمريكي أيضاً تقرير مبيعات التجزئة الأمريكية والخاص بشهر تشرين الأول/أكتوبر، ليشير إلى أن تلك المبيعات ارتفعت بنسبة 0.5%، بالمقارنة مع القراءة السابقة والتي بلغت 1.1%، وبأفضل من التوقعات التي بلغت 0.5%، في حين أكد التقرير على ارتفاع مبيعات التجزئة باستثناء المواصلات بنسبة 0.6% مقابل القراءة السابقة المعدّلة والتي بلغت 0.5%، وبتطابق مع التوقعات، بينما ارتفعت المبيعات باستثناء المواصلات والوقود بنسبة 0.7% مقابل 0.5%، وبأفضل من التوقعات التي بلغت 0.2%.
ولا بد لنا من الإشارة إلى أن تحسن مبيعات التجزئة يؤكد على أن مستويات الإنفاق لا تزال تشهد ارتفاعاً ولكن ضمن وتيرة "معتدلة"، تماماً كما يصفها البنك الفدرالي الأمريكي، علماً بأن تلك البيانات تواصل إرسال برقيات تفاؤل للمستثمرين حيال مستقبل الاقتصاد الأمريكي، إلا أن المزاج العام في الأسواق يبقى على الرغم من ذلك تحت وطأة التشاؤم والتخوف والحذر، بسبب استمرار أزمة الديون الأوروبية، وتوقعات دخول منطقة اليورو في ركود جديد مطلع العام المقبل 2012 م.
المفاجأة الكبرى اليوم فجرها قطاع الصناعات التحويلية، حيث أفصح الاقتصاد الأمريكي اليوم الثلاثاء عن ببانات مؤشر نيويورك الصناعي والخاصة بشهر تشرين الثاني/نوفمبر، والتي أظهرت توسع أنشطة القطاع في نيويورك لأول مرة منذ شهر أيار/مايو الماضي، علماً بأن المؤشر صدر عند 0.61، بالمقارنة مع القراءة السابقة والتي بلغت -8.48، وبأعلى من التوقعات التي بلغت -2.00، وبهذا فإن القطاع عاد للتوسع عقب انكماش دام لخمسة أشهر.
وبتنازل المؤشرات الفرعية، فقد انخفضت الأسعار المدفوعة إلى 18.29 مقابل 22.47، بينما ارتفعت الأسعار المقبوضة إلى 6.10، بالمقارنة مع القراءة السابقة والتي بلغت 4.49، في حين انخفضت الطلبات الصناعية الجديدة إلى -2.07 مقابل ارتفاعها خلال تشرين الأول/أوكتوبر إلى 0.16، بينما ارتفعت الشحنات إلى 9.43 مقابل 5.33، مع الأخذ بعين الاعتبار أن الاهتمام الأكبر ينصب حول مستويات المخزونات في هذا التقرير، والتي انخفضت خلال فترة إعداد التقرير إلى -12.20 مقابل -8.99، أما بالنسبة إلى أعداد الموظفين فقد انخفضت لتصل إلى -3.66 خلال تشرين الثاني/نوفمير مقابل 3.37.
أخيراً وليس آخراً، نود تذكيرك عزيزي القارئ بأن مجمل الأوضاع في الاقتصاد الأمريكي لا تزال ضعيفة نوعاً ما، وهذا ما يشير إلى أن الاقتصاد الأمريكي سيحتاج إلى المزيد من الوقت لكي تعود المياه إلى مجاريها كما يقولون، عقب فقدان عجلة التعافي والانتعاش لبعض عزمها خلال الفترة القليلة الماضية، في حين من المتوقع أن يواصل الاقتصاد الأمريكي مرحلة تعافي خلال العام الحالي وحتى النصف الثاني من العام المقبل 2012...