من الكسندر أولمر
كراكاس (فنزويلا) (رويترز) - يبدو أن فنزويلا تنزلق شيئا فشيئا صوب مرحلة أكثر اضطرابا بعد أن نهبت قوات مناهضة للحكومة أسلحة خلال هجوم في مطلع الأسبوع على قاعدة عسكرية وسط مشاعر إحباط مما يرى البعض أنها قيادة عقيمة للمعارضة.
وأصبح كثيرون من المواطنين في فنزويلا يشعرون باستنفاد كل الخيارات الديمقراطية في معارضة الحكومة بعد تشكيل مجلس تشريعي جديد يتمتع بسلطات واسعة تحت قيادة الموالين للحزب الاشتراكي الذي يتزعمه الرئيس اليساري نيكولاس مادورو وذلك رغم احتجاجات جماهيرية واسعة وانتقادات دولية.
وربما ساعد ذلك الجو العام في دفع جنود ومدنيين مسلحين يوم الأحد لمهاجمة القاعدة العسكرية قرب مدينة فالنسيا فيما قالت الحكومة إنه أسفر عن مقتل شخصين. وتقول السلطات الفنزويلية إنها تبحث عن عشرة من المهاجمين الذين هربوا بكمية من الأسلحة.
وفي مقطع فيديو مسجل مسبقا قالت المجموعة التي يزيد عدد أفرادها على العشرة يرتدون زيا عسكريا إنها تسعى لإعادة النظام الدستوري ودعت مادورو للتنحي كي تتولى الحكم حكومة انتقالية.
وأثار الهجوم إمكانية حدوث انقلاب أو تصاعد العنف الذي بلغ مستويات خطيرة في بلد يبلغ عدد سكانه 30 مليون نسمة ويزداد غوصا في الأزمة الاقتصادية والفوضى.
وحتى قبل الهجوم الذي وقع يوم الأحد دفع تشديد مادورو لقبضته على السلطة كثيرين من المحتجين للشعور بخيبة الأمل مما يرون أنه ائتلاف معارض تسوده الخلافات ولا يفكر إلا في مصالحه.
وقد سقط أكثر من 120 قتيلا واعتقلت السلطات الآلاف في اضطرابات مستمرة منذ أربعة أشهر أخفقت في منع إجراء انتخابات الجمعية التأسيسية الجديدة الشهر الماضي.
وشعر كثيرون في المعارضة بأنهم تعرضوا للغدر بعد ما رأوه من شواهد على تردد قادتهم وإرجاء الاحتجاجات الأسبوع الماضي. كما اختلفت آراء الأحزاب السياسية العديدة في الائتلاف المعارض بشأن المشاركة في الانتخابات المقررة في ديسمبر كانون الأول وخاصة بعد اتهامات واسعة النطاق عن التلاعب في انتخابات الجمعية التأسيسية.
وانتهى أمر قيادة المعارضة المتشرذمة في نظر الشباب الملثمين الذين يسدون الطرق بألواح معدنية وركام ويشكلون القلة المتشددة في حركة احتجاج كانت سلمية إلى حد كبير.
وقال شاب من ولاية تاتشيرا ترك الدراسة الجامعية للانتقال إلى كراكاس والمشاركة في الاحتجاجات "علينا أن نتوقف عن الإيمان بالائتلاف المعارض. وألا نؤمن سوى بأنفسنا".
وكان الشاب البالغ من العمر 20 عاما يغطي وجهه ويحمل قنبلة بنزين. وتعهد النائب العام الجديد الذي عينته الجمعية التأسيسية في أولى جلساتها يوم السبت بشن حملة على المتظاهرين.
* هل ينفتح باب الصراع؟
مع ذلك يقول المحلل السياسي لويس فيسنت ليون إن القمع الحكومي يهدد بدفع المتشددين في حركة الاحتجاج إلى العمل السري وتشكيل جماعات شبه عسكرية في بلد ينتشر فيه السلاح.
وقال لرويترز "مع تشدد الحكومة ستتجه هذه الجماعات للتزايد وقد يحفل المستقبل بالصراع".
ولم يذكر تفاصيل غير أن محللين آخرين تحدثوا عن خطر نشوب حرب أهلية متدنية الشدة في فنزويلا ما لم تتغير الأوضاع في البلاد.
وفيما قد يكون مقدمة لاتباع المحتجين أساليب أكثر عنفا تسبب انفجار في إصابة سبعة من رجال الشرطة على دراجات نارية خلال انتخابات الجمعية الوطنية في 30 يوليو تموز.
وقد قال مادورو إنه يواجه "عصيانا مسلحا" يهدف للقضاء على الاشتراكية في أمريكا اللاتينية والسماح لنخبة قطاع الأعمال المدعومة من الولايات المتحدة بوضع يدها على احتياطيات النفط الهائلة في البلاد.
وعلى السطح على الأقل يبدو بعيدا احتمال وقوع انقلاب عسكري للإطاحة بالرئيس زعيم الاتحادات العمالية السابق الذي انتخب بفارق بسيط عام 2013 بعد أن وقع عليه اختيار الرئيس السابق هوجو تشافيز لخلافته.
فلم تظهر على السطح أي بوادر على وجود خلاف بين مادورو وقيادة الجيش التي تؤيده في العلن.
غير أن خوان كارلوس كاجواريبانو الضابط السابق بالحرس الوطني والهارب الذي قيل إنه قاد الغارة على القاعدة العسكرية يوم الأحد دعا "أشقاء السلاح" لعصيان أوامر قادة الجيش.
كما قال أوسكار بيريز طيار الشرطة المنشق الذي هاجم مباني حكومية بطائرة هليكوبتر في كراكاس في يونيو إنه سيواصل الكفاح خلال هروبه.
وقالت ماريا رودريجيز بائعة الجبن وهي تشارك في سد الطرق في حي التاميرا الراقي في كراكاس يوم الأحد "نحن نؤيد انتفاضات الجيش. فنحن المواطنين لا يمكننا أن نخوض هذا الأمر وحدنا".
غير أن كثيرين من زملائها أنصار المعارضة يشعرون بالإرهاق بعد أربعة أشهر من المظاهرات واضطراب الحياة اليومية فشلت في دفع مادورو لقبول مطالب المعارضة.
(إعداد منير البويطي للنشرة العربية - تحرير لبنى صبري)