من لين نويهض وتيم هيفر
القاهرة/باريس (رويترز) - نفى رئيس قطاع الطب الشرعي في مصر يوم الثلاثاء تلميحات إلى أن صغر حجم الأشلاء المنتشلة من مياه البحر المتوسط منذ سقوط طائرة شركة مصر للطيران الأسبوع الماضي يشير إلى وقوع انفجار على الطائرة.
ويبحث المحققون -الذين يسعون بدأب لتحديد سبب اختفاء الطائرة من على شاشات الرادار يوم الخميس وعلى متنها 66 من الركاب وأفراد الطاقم- عن دلائل فيما انتشل حتى الآن من البقايا البشرية وحطام الطائرة.
ولم تسفر جهود البحث حتى الآن عن تحديد مكان تسجيلات الطائرة وجسمها لتحديد سبب سقوطها وهي في طريقها من باريس إلى القاهرة.
وقال مسؤول في الطب الشرعي المصري إن جهود البحث أسفرت منذ يوم الأحد عن العثور على أشلاء ملأت 23 كيسا لكن أكبر الأشلاء لا يزيد حجمه على كف اليد.
وأضاف المسؤول الذي طلب ألا ينشر اسمه أن صغر حجم الأشلاء يشير إلى وقوع انفجار على متن الطائرة على الرغم من عدم العثور على أي آثار لمتفجرات.
لكن هشام عبد الحميد رئيس قطاع الطب الشرعي في مصر قال إن هذا القول "مجرد افتراضات" وإن من المبكر جدا الوصول إلى استنتاجات.
وقال مصدران آخران متصلان مباشرة بالتحقيق أيضا إن من السابق لأوانه الحديث عن سبب سقوط الطائرة.
وقال أحدهما "كل ما نعرفه أنها اختفت فجأة دون إرسال إشارة استغاثة" مضيفا أنه لا يمكن للسلطات أن تبدأ في رسم صورة أوضح عن السبب المحتمل للحادث إلا بتحليل الصندوقين الأسودين أو كمية كبيرة من الحطام.
* بيانات متفرقة
لدى المحققين مجموعات متفرقة من البيانات في صورة رسائل تحذيرية أرسلتها الطائرة في الدقائق الأخيرة من الرحلة تشير لوجود دخان في المرحاض الأمامي والأجهزة الإلكترونية الموجودة أسفله مباشرة لكنها بيانات غير مكتملة.
وقال جون كوكس المدير التنفيذي لأنظمة عمليات السلامة ومقرها واشنطن والذي شارك في تأليف تقرير عن الدخان ومخاطر اندلاع الحرائق لصالح هيئة الطيران الملكية البريطانية "تكمن الصعوبة في ربط هذه المجموعات من البيانات ببعضها."
وأضاف أن الرسائل قليلة جدا ولا تكفي للتكهن بحدوث حريق وهو أمر يتسبب عادة في إرسال كميات كبيرة من التقارير عن وجود أخطاء وإفادات بحدوث مشاكل في الأنظمة. وقال أيضا إن تلك البيانات كثيرة جدا ولا يمكن ربطها لوضع تصور عن انفجار واحد كبير.
ويحتاج المحققون أيضا لفهم أشياء بينها على سبيل المثال السبب في عدم وجود رسائل تشير إلى فصل الطيار الآلي الذي يتبعه نقل السيطرة إلى الطيارين في ظل عجز الأنظمة وأجهزة الكمبيوتر في تحديد ما يمكن القيام به.
وقال المحقق الفرنسي آلان بوليارد الذي قاد لثلاث سنوات تحقيقا في اختفاء طائرة شركة إير فرانس في المحيط الأطلسي عام 2009 إن البيانات المنشورة حتى الآن تبدو غير كافية للوصول لاستنتاج.
وقال بوليارد المحقق السابق بهيئة الطيران الفرنسية والذي يعمل الآن استشاريا لسلامة الطيران "أعتقد أن جميع الأبواب لا تزال موصدة اليوم وكل الاحتمالات متساوية فعلا.
"ما لا نعرفة هو إن كانت تلك الرسائل في صلب ما جرى أم أنها مجرد تبعات.
وتجري لجنة تحقيق شكلتها وزارة الطيران المدني المصرية التحقيق الفني في الحادث ويساعدها ثلاثة من هيئة سلامة الطيران الفرنسية وخبير من شركة أيرباص. ووصل الأربعة إلى القاهرة يوم الجمعة.
وأرسلت مصر غواصة كما أرسلت فرنسا سفينة بحث للمساعدة في العثور على الصندوقين الأسودين للرحلة لكن ليس واضحا إن كان أيا منهما يمكنه التقاط الإشارات المنبعثة من الصندوقين القابعين تحت سطح الماء ربما على عمق ثلاثة آلاف متر.
ومدة عمل البطارية التي تجعل الذبذبات تنبعث 30 يوما.
وقالت لجنة التحقيق إن 18 شحنة من الحطام انتشلت في عمليات البحث التي تشارك فيها طائرات فرنسية ويونانية. وقالت البحرية الأمريكية إن مصر لم تطلب رسميا دعما أمريكيا باستثناء طائرة استطلاع من الطراز بي-3 أوريون بدأت العمل يوم الخميس.
* اللحظات الأخيرة
بعد خمسة أيام من اختفاء الطائرة من على شاشات الرادار قدم المسؤولون المصريون واليونانيون الذين تابعوا الرحلة قبل أن تدخل المجال الجوي المصري وصفا متناقضا للحظات الأخيرة.
وفي اليونان أصر مسؤولان على ما سبق أن جاء في تصريحات يونانية عن أن رادارا يونانيا رصد انحرافات حادة في مسار الطائرة- 90 درجة إلى اليسار ثم 360 درجة إلى اليمين- مع سقوطها من ارتفاع الطيران إلى ارتفاع 15 ألف قدم قبل أن تختفي من على شاشات الرادار.
لكن إيهاب محيي الدين عزمي رئيس الشركة الوطنية لخدمات الملاحة الجوية -إحدى شركات وزارة الطيران المدني- قال إن المسؤولين المصريين لم يروا ما يشير إلى أن الطائرة انحرفت مضيفا أنها ظلت مرئية على ارتفاع 37 ألف قدم إلى أن اختفت.
وقال لرويترز "طبيعي حاولنا نعمل أكثر من محاولة نداء عليها ومبتردش." وأضاف "الحقيقة قلنا للطيارات القريبة من المجال منها يعملوا لها ريلاي (اتصال) ومعرفناش نوصل لها."
وقال مصدر يوناني قريب من التحقيق إن أثينا ستبدأ يوم الأربعاء في تسليم السلطات المصرية معلومات عن الحادث استجابة لطلب من النائب العام المصري.
وأعلنت القاهرة يوم الاثنين أن النائب العام المصري طلب من السلطات اليونانية نص اتصالات طاقم الطائرة مع أبراج المراقبة الجوية اليونانية. كما طلب سؤال مسؤولي المراقبة الجوية عن معلوماتهم بشأن الحادث وما إذا كان تم الاستماع لنداءات استغاثة قبل انقطاع الاتصال.
وطلب من فرنسا أيضا المعلومات والوثائق والتسجيلات الصوتية أو المرئية الخاصة بالحادث خلال فترة بقاء الطائرة في مطار شارل ديجول وحتى خروجها من المجال الجوي الفرنسي.
وفي فندق قريب من مطار القاهرة حيث أعطى أقارب ضحايا عينات الحمض النووي اللازمة للتعرف على أشلاء ذويهم امتزج الحزن بفقدان الأمل.
وقال أمجد حقي وهو عراقي كانت والدته نجلا عائدة من فرنسا بعد رحلة علاج إن الأسر لا تعرف شيئا عما يجري ولم تتلق إخطارا رسميا بالعثور على أي أشلاء.
وقال لرويترز "كل اللي يهمهم إنهم يلاقوا الصندوق الأسود وحطام الطيارة. دي مشكلتهم مش مشكلتي أنا."
وأضاف "ييجوا يتكلموا معانا عن تأمين وتعويض. أنا مش عايز تعويض كل اللي يهمني إني ألاقي أمي وأدفنها."
(إعداد سامح البرديسي للنشرة العربية- تحرير سيف الدين حمدان)