من ايرين كلوتز
لوريل (ماريلاند) (رويترز) - حلق المسبار الآلي (نيو هورايزونز) التابع لإدارة الطيران والفضاء الأمريكية (ناسا) قرب كوكب بلوتو القزم النائي على أطراف المجموعة الشمسية متوجا رحلة قطع خلالها 4.88 مليار كيلومتر ضمن مهام استكشاف المجموعة التي بدأت منذ أكثر من خمسين عاما.
وأصبح المسبار في أقرب نقطة من سطح بلوتو وأقماره الخمسة الساعة 7:49 بالتوقيت المحلي لشرق الولايات المتحدة (1149 بتوقيت جرينتش) من صباح الثلاثاء 14 يوليو تموز الجاري.
وقال الرئيس الامريكي باراك اوباما في تغريدة على تويتر "استقبل بلوتو لتوه أول زواره. شكرا لناسا. إنه يوم مشهود لاكتشاف الفضاء وللقيادة الامريكية".
وبعد 13 ساعة من تحليق المسبار عند أقرب نقطة من بلوتو أجرى المجس اتصالا لاسلكيا بمركز المراقبة الأرضية معلنا ان اقترابه من بلوتو وأقماره مر بسلام وهو على سرعة 49 ألف كيلومتر في الساعة.
وأشارت تقديرات مديرو البرنامج الى وجود فرصة بنسبة واحد في عشرة آلاف ان يصدم المسبار بأجرام كونية تائهة في الفضاء وهو على مسافة 12472 كيلومترا من الكوكب القزم أي ما يعادل نفس المسافة بين نيويورك ومومباي في الهند.
لكن في الوقت المحدد تماما أجرى المسبار اتصالا لاسلكيا مع مركز مراقبة المهمة في مختبر الفيزياء التطبيقية بجامعة جونز هوبكنز خارج بالتيمور ما فجر موجة من صيحات الاستحسان من حشد تجمع لرصد تلك اللحظة التاريخية الفارقة.
ولا يزال 99 في المئة من المعلومات التي جمعها المسبار خلال اقترابه من بلوتو داخل ذاكرته ما يبرز ان المسبار الآلي (نيو هورايزونز) هو أهم مكونات هذه الرحلة.
وقال جون جرونسفيلد المدير المشارك للرحلة للشؤون العلمية "إنها لحظة مشهودة في تاريخ البشرية".
وقضى المسبار أكثر من ثماني ساعات بعد اقترابه من بلوتو وهو يرصد الكوكب القزم لاجراء تجارب لدراسة الغلاف الجوي له وتصوير الجانب المظلم منه مستعينا بالضوء المنعكس من أكبر أقماره تشارون.
وعقب اقترابه من بلوتو استغرق ارسال أول اشارة لاسلكية من المسبار الى الأرض أربع ساعات ونصف الساعة. وكانت الاشارة تسير بسرعة الضوء لمسافة 4.88 مليار كيلومتر.
وكانت الصور القليلة والقياسات التي أرسلها المسبار قبل يوم الثلاثاء قد غيرت من فهم العلماء لطبيعة هذا الكوكب القزم القريب الشبه من القمر الذي يدور حول الارض.
وفيما كان بلوتو يعتبر مجرد كوكب قزم متجمد إلا انه ظهرت بوادر أنشطة جيولوجيبة على سطحه بما في ذلك تحركات محتملة سابقة وحالية للطبقة البنائية للقشرة الخارجية او ما يسمى بالحركات التكتونية.
وقال الان ستيرن كبير الباحثين في برنامج المسبار في معهد ابحاث جنوب غرب بولدر في كولورادو "من الواضح انه عالم تلعب فيه الجيولوجيا والغلاف الجوي دورا". وأشار الى ان من المحتمل سقوط جليد من غازي النيتروجين والميثان على سطح بلوتو.
ويدور بلوتو حول الشمس مرة كل 248 سنة في مدار يتغير ويتبدل مع تغير الفصول والمواسم. ويقترب بلوتو في دورانه حول الشمس على مسافة أقل من تلك التي يقترب بها كوكب نبتون.
كان المسبار قد خرج من حالة السبات في يناير كانون الثاني الماضي ليشرع في رصد مشاهداته لبلوتو الذي يقع بعد كوكب نبتون. ويسبح بلوتو على حافة المجموعة الشمسية ويقع في منطقة تعرف باسم حزام كويبر في الفناء الخلفي للمجموعة.
وحزام كويبر الذي اكتشف عام 1992 منطقة متجمدة تدور بها كويكبات صغيرة في أفلاكها حول الشمس بعد كوكب نبتون ويعتقد أن هذه المنطقة تخلفت عن نشأة المجموعة الشمسية قبل 4.6 مليار عام. وحزام كويبر آخر منطقة مجهولة بمجموعتنا الشمسية وتم اكتشاف أكثر من 40 جرما فلكيا في نطاقه.
وبعد اطلاق المسبار (نيو هورايزونز) بستة أشهر وفيما كان في طريقه للكوكب حرم الاتحاد الدولي الفلكي بلوتو من لقب كوكب ومن كونه الكوكب التاسع من كواكب المجموعة الشمسية وبات كوكبا قزما بعد أن اكتشف أكثر من ألفين من أمثاله منذ اكتشافه ضمن حزام كويبر ضمن ما يقدر بمئات الآلاف من الأجرام الفلكية.
ولاتزال أسئلة كثيرة تدور بخلد العلماء بشأن بلوتو فيما قال عالم الفلك البريطاني ستيفن هوكنج في رسالة اذاعها تلفزيون ناسا "الآن اصبحت المجموعة الشمسية أكثر انفتاحا امامنا ليبوح بلوتو باسراره".
وامام المسبار في رحلته التي استغرقت تسعة اعوام ونصف العام
-التي بدأت في يناير كانون الثاني من عام 2006 وتعادل الدوران حول الارض 120477 مرة- نحو 16 شهرا لينقل الى الارض آلاف الصور والقياسات التي جمعها وخلال ذلك يكون المسبار قد سبح الى مسافات اعمق داخل حزام كويبر وربما سافر في مهمة لاحقة لاحد الاجرام القريبة من بلوتو.
ومنذ اكتشافه عام 1930 لا يزال بلوتو لغزا محيرا ويرجع ذلك في جزء منه لكونه صغير الحجم بالمقارنة بالكواكب الاخرى. ويبذل العلماء جهدا خارقا في تفسير كيف أن كوكبا قطره لا يتجاوز 2302 كيلومتر يمكن أن يستمر في الوجود وسط كواكب عملاقة مثل المشترى وزحل واورانوس ونبتون. ويعتقد العلماء ان حزام كويبر يحتفظ بحفريات منذ نشأة المجموعة الشمسية.
ولا يحمل المسبار كما كافيا من قوة الدفع التي تمكنه من إبطاء سرعته لاتخاذ مسار له حول بلوتو في منطقة حزام كويبر. وجاذبية بلوتو ضعيفة للغاية لدرجة أن أي مركبة فضائية ستستهلك كما كبيرا من الوقود لاستخدام مكابحها واتخاذ مدار.
وعلاوة على كاميرات المسبار (نيو هورايزونز) فإنه مزود بست معدات علمية منها مطياف لتشتيت الضوء وأجهزة استشعار لرصد الغبار وحالة البلازما لدراسة جيولوجيا بلوتو وقمره تشارون ورسم خرائط لتركيب سطحيهما ودرجة الحرارة والغلاف الجوي والأقمار الأخرى.