من ليزبيث دياز ومايكل أوبويل
كويوكا كاتالان (المكسيك) (رويترز) - يقول الجيش المكسيكي إن حربه على إنتاج الأفيون المتنامي الذي يغذي الطلب الأمريكي تزداد تعقيدا بفعل ظهور عصابات أصغر تتصارع على مساحات موحشة من الأرض لا وجود فيها لسلطة الدولة ومزروعة بأنواع من الخشخاش أقوى مفعولا.
وقد سيطرت العصابات على ولاية جيريرو في حرب من أجل السيطرة على حقول الخشخاش وحولت أودية جبلية يصعب الوصول إليها وينتشر فيها الفقر المدقع وكذلك منتجعات سياحية تشتهر بشواطئها إلى أكثر الأماكن دموية في المكسيك.
وقال الكولونيل ايزاك آرون خيسوس جارسيا الذي يدير قاعدة في مدينة سيوداد ألتاميرانو، إحدى أكثر مدن الولاية فوضى، لرويترز خلال عملية لتدمير زراعات الخشخاش في أعالي جبال جيريرو إن العنف ازداد قبل عامين عندما بدأت عصابة ثالثة تسمى لوس فياجرا حملة للسيطرة على مساحة من الأرض.
وتكتشف السلطات جثثا كل يوم تقريبا في الولاية بعضها ملقى على الطرق والبعض الآخر مدفون في مقابر جماعية. وفي سيوداد ألتاميرانو سقط رئيس البلدية قتيلا في العام الماضي كما قتل صحفي بالرصاص في مارس آذار في محطة لغسل السيارات.
وقال خيسوس جارسيا "هذه الشروخ (في صفوف العصابات) بدأت قبل عامين وتسبب ذلك في هذا العنف الذي يدور حول احتكار إنتاج المخدرات".
ومن هذا الخط الأمامي في الحرب على الهيروين يرى خيسوس جارسيا صلة مباشرة بين بلوغ انتشار الهيروين في الولايات المتحدة مستويات قياسية كانت سببا في وفاة ما يقرب من 13 ألف شخص عام 2015 وبين العنف في الولاية المكسيكية.
ويقول خيسوس جارسيا "الزيادة في مستهلكي هذا النوع من المخدرات في الولايات المتحدة مطردة والأثر الإضافي يظهر هنا".
وقد ارتفع استهلاك الهيروين في الولايات المتحدة إلى خمسة أمثاله في العقد الأخير وزادت حالات الإدمان إلى أكثر من ثلاثة أمثالها وكانت أكبر زيادات مسجلة بين البيض وأصحاب الدخول المنخفضة.
وقال خيسوس جارسيا إنه لا نهاية لمهمة البحث عن حقول الخشخاش في واحدة من أفقر مناطق المسكيك وأكثرها وعورة والتي تطل على منتجعات شواطيء أكابولكو وإكستابا.
وترسل الكتيبة الرابعة والثلاثين التي يقودها وكتائب أخرى فصائل من الجنود سيرا على الأقدام لتنفيذ مهام تستغرق الواحدة منها شهرا كل موسم. ويقيم الجنود معسكرات وينتشرون في أراض لا أمان فيها في إطار حملة تهدف لتدمير عشرات الآلاف من الحقول كل عام.
وزارت رويترز واحدا من هذه الحقول في منطقة لا وجود للقانون فيها على بعد ست ساعات من سيوداد ألتاميرانو عبر مدقات ترابية ملتوية صاعدة في الجبال.
وكانت مزروعات الخشخاش تروى من خلال رشاش من رشاشات النجيل مثبت على عمود تغطي مياهه مساحة تقل عن الهكتار (حوالي 2.47 فدان) وكانت أكياس المخصبات الزراعية مكدسة بالقرب منها وقال الجنود إن ذلك يمثل علامة على تطور أساليب المزارعين.
وانتشر أكثر من عشرة جنود بالمناجل وراحوا يقطعون زهور الخشخاش.
* عوائد أعلى
قال مسؤولون بالجيش إن العصابات تستخدم أنواعا من الخشخاش تنتج محصولا أكبر كما أن الأفيون الناتج عنه أقوى مفعولا من خلال مساحات أصغر من الأرض وإن قيمتها الأعلى تغذي عنف العصابات في التسابق عليها.
وقال اللفتنانت كولونيل خوسيه أورزوا وهو يعرض بصيلات يسيل صمغ ثمين من شقوق فيها "الآن نشهد إنتاجا أكبر من الخشخاش في مساحات أقل من الأرض وهذا يتعلق بكمية البصيلات الموجودة في كل نبتة".
ويقول المسؤولون إن الأفيون ينتج في هذه القرى الجبلية الصغيرة منذ عشرات السنين غير أن وباء حل بزراعات البن وكذلك انتشار تناول المخدرات في الولايات المتحدة دفع المزارعين إلى زيادة مزروعات الخشخاش زيادة كبيرة.
وأصبح المحصول عاملا أساسيا في اقتصاد ولاية جيريرو الذي يعتمد أيضا على ما يحوله المهاجرون من أموال لأسرهم.
وقال مسؤول بالجيش إن الحقل الذي زارته رويترز يمكنه إنتاج حوالي ثلاثة كيلوجرامات من الأفيون تباع بسعر 950 دولارا للكيلو للمهربين الذين يبيعون الكيلو مقابل 8000 دولار.
وقالت إمرأة تبيع مشروبات ووجبات خفيفة من كشك على طريق ترابي "لا توجد بدائل كثيرة هنا". وأضافت المرأة التي يزرع زوجها الخشخاش إن أي شخص يدير نشاطا يواجه ابتزاز العصابات.
(إعداد منير البويطي للنشرة العربية - تحرير نادية الجويلي)