من باريسيا حافظي
دبي (رويترز) - أعاد الرئيس الإيراني، الذي اشتهر طويلا بأنه رجل دين دمث الخلق، تعريف نفسه ليبدو كمقاتل حماسي داخل الأروقة السياسية مع سعيه لتعزيز حظوظه في الانتخابات الرئاسية المحتدمة التي يصعب التكهن بنتيجتها أمام مرشح كتلة محافظة متحدة.
وسعى روحاني إلى إلهاب حماس المعسكر المؤيد للإصلاح بخطب تتطرق إلى محظورات سياسية باستهداف النخبة المتشددة في إيران بدءا من السلطة القضائية المحافظة إلى الحرس الثوري صاحب النفوذ.
ويخوض روحاني الانتخابات ضد رجل الدين إبراهيم رئيسي الذي جمع المعسكر المتشدد خلفه ويبدو أنه يحظى أيضا بتأييد الزعيم الأعلى آية الله علي خامنئي.
ويقول روحاني إن فوز مرشح متشدد قد يضع إيران في مسار أكثر مواجهة مع الغرب وسيحول دون انفتاح المجتمع الذي يتوق غالبية الإيرانيين وخصوصا الشباب إلى رؤيته.
وقال روحاني في مؤتمر انتخابي "أنتم تريدون تقييد حرية الناس. الناخبون سيواجهونكم في الانتخابات ولقد اخترنا طريقنا.. الطريق إلى الحرية ولن نتراجع".
وانتقد روحاني علنا سجل السلطات في مجال حقوق الإنسان وتحدث في تجمعات انتخابية عن "أولئك الذين يقطعون الألسن ويكممون الأفواه". وفي مناظرة الأسبوع الماضي اتهم رئيسي بالسعي إلى "إساءة استخدام الدين من أجل السلطة".
كل ذلك يمثل ابتعادا عن مواقف رجل عرف لعقود بأنه عضو مخلص بالمؤسسة الإيرانية الحاكمة.
وقال مسؤول كبير سابق "روحاني من داخل النظام. إنه مخلص للمؤسسة.. إنه ليس إصلاحيا لكنه جسر بين المتشددين والإصلاحيين".
* آمال عريضة
ولد روحاني في أسرة متدينة في 1948 وتدرج في صفوف المؤسسة الدينية وكان له دور نشط في الثورة التي أطاحت بالشاه في 1979.
وتولى الرجل بضعة مناصب حساسة في الجمهورية الإسلامية ومنها تمثيل خامنئي لمدة 25 عاما في المجلس الأعلى للأمن القومي.
وعندما اكتسح الانتخابات الرئاسية السابقة قبل أربعة أعوام بفوزه بأصوات ثلاثة أمثال الأصوات التي حصل عليه أقرب منافسيه، تعلق الإيرانيون بآمال عريضة في أن ينجز وعوده لتخفيف عزلة البلاد في الخارج وجلب المزيد من الحريات في الداخل.
وكشخص من داخل النظام الحاكم كان على دراية كبيرة بعملية صنع السياسات في إيران حيث تستطيع السلطة القضائية الدينية إلغاء قرارات الحكومة والبرلمان المنتخبين.
ووعد روحاني بتحقيق الأهداف التي يسعى إليها الإصلاحيون لكن دون تجاوز الخطوط التي قد تسبب صداما مع المحافظين ومداواة جراح الانتخابات الرئاسية السابقة حين سحق الأمن احتجاجات حاشدة للإصلاحيين على الفوز المتنازع عليه للمتشدد محمود أحمدي نجاد بفترة رئاسية ثانية.
وذروة سنام انجازات روحاني كرئيس للبلاد كانت الاتفاق النووي مع القوى الكبرى الذي أدى إلى رفع أغلب العقوبات المالية المفروضة على طهران في مقابل قيود على برنامج إيران النووي.
لكن منذ التوصل للاتفاق تباطأت وتيرة المنافع الاقتصادية الموعودة. ومن ناحية أخرى لم يتحقق تقدم ملموس في منح الإيرانيين المزيد من الحريات في الداخل ومنها حرية التجمع والاتصال وارتداء الملابس التي يريدونها.
ويقول الكثير من الناخبين المؤيدين للإصلاحيين إنهم يشعرون بخيبة أمل وهو فتور يراه حلفاء روحاني أكبر تهديد لإعادة انتخابه. ويبدو أن اللهجة الحماسية للرئيس في الأيام الأخيرة للحملة الانتخابية استهدفت حشد الدعم من الإصلاحيين وتذكيرهم بالمخاطر.
لكن الخطاب يهدد أيضا بإثارة رد فعل من المتشددين سعى لتجنبه في السابق.
ووجه خامنئي توبيخا مستترا يوم الأربعاء واصفا بعض الشعارات التي ترددت في مناظرة تلفزيونية بين المرشحين بأنها "غير لائقة". ورغم أن الزعيم الأعلى لم يذكر مرشحا بعينه إلا أنه كان من السهل تفسير ذلك على أنه يستهدف روحاني.
(إعداد معاذ عبد العزيز للنشرة العربية - تحرير وجدي الالفي)