مضى على الاقتصاد الأمريكي أسبوع آخر ولا تزال بوادر التباطؤ في الأنشطة الاقتصادية تظهر شيئا فشيئا، فقد بدأ الاقتصاد الأمريكي أسبوعه الماضي بتقرير معهد التزويد الصناعي عن شهر تموز، واختتمه بتقرير العمالة الأكثر ترقبا مغطيا الشهر نفسه.
حيث أصدر معهد التزويد الصناعي تقريره الصناعي مع بداية أيام الأسبوع، إذ صدر التقرير مغطيا شهر تموز ليشير إلى توسع طفيف في النشاطات الاقتصادية خلال تلك الفترة، إلا أن الجانب المضيء أن القراءة الصادرة تمكنت من التفوق على كل من القراءة السابقة والتوقعات.
حيث ارتفع مؤشر معهد التزويد تقريره الصناعي خلال شهر تموز إلى 55.5 مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت 56.2 وبأفضل من التوقعات التي بلغت 54.5، في حين ارتفعت الأسعار المدفوعة لمعهد التزويد الصناعي خلال الشهر نفسه إلى 57.5 مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت 57.0 وبأفضل أيضا من التوقعات التي بلغت 55.0.
مشيرين إلى أن قطاع الصناعة الأمريكي أشار مؤخرا إلى تراجع في النشاطات الاقتصادية فيه، وذلك في ظل معدلات البطالة المرتفعة وأوضاع التشديد الائتماني، ناهيك عن مستويات الطلب الضعيفة وذلك ليس على مستوى الولايات المتحدة فحسب إنما على مستوى العالم أجمع، إلا أن قطاع الصناعة بقي ضمن حالة التوسع التي بدأها مسبقا، واضعين بعين الاعتبار أن قطاع الصناعة يعد من أسرع القطاعات التي خلّفت المرحلة الأسوأ من الركود.
كما وصدر أيضا عن معهد التزويد التقرير الخاص بقطاع الخدمات وذلك عن شهر تموز أيضا مشيرا التقرير إلى ارتفاع يصل إلى 54.3 بالمقارنة مع القراءة السابقة التي كانت مسجلة عند 53.8 و بأعلى من التوقعات التي بلغت 53.0، وذلك وسط اختلاط البيانات الصادرة عن مختلف القطاعات الرئيسية في الاقتصاد الأمريكي ككل.
مشيرين إلى أن تقرير الدخل والإنفاق صدر عن وزارة التجارة الأمريكي مغطيا شهر حزيران، حيث ثبت كل من الدخل والإنفاق عند القراءة الصفرية دون التوقعات، الأمر الذي يؤكد فعلا بأن الاقتصاد الأمريكي يمر في مرحلة تباطؤ بالنسبة للانشطة الاقتصادية فيه.
حيث أشار التقرير الصادر إلى ثبات الدخل الشخصي خلال حزيران عند القراءة الصفرية مقارنة بالقراءة السابقة التي تم تعديلها إلى 0.3% وبأدنى من التوقعات التي بلغت 0.2%، في حين ثبتت مستويات الإنفاق الشخصي عند القراءة الصفرية أيضا خلال الشهر نفسه مقارنة بالقراءة السابقة التي تم تعديلها إلى 0.1%.
ولكن من الناحية الأخرى يجب علينا أن نسلط الضوء على موضوع التضخم، والذي لا يزال تحت السيطرة، حيث أشار تقرير الدخل وعن طريق مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي الجوهري - المؤشر المفضل لدى البنك الفدرالي - بأن مستويات التضخم لن تشكل أية تهديدات تضخمية على المدى القريب على الأقل، وهذا ما أكده البنك الفدرالي مرارا وتكرارا وفي مناسبات عديدة، حيث أن التضخم لا يزال تحت مستويات الهدف أي تحت نسبة 2.0%..
ومنتقلين إلى قطاع المنازل الأمريكي، فقد صدر عنه مؤشر الإنفاق على البناء والذي أشار إلى ارتفاع ملحوظ خلال حزيران، حيث ارتفع الإنفاق على البناء بنسبة 0.1% مقارنة بالقراءة السابقة التي تم تعديلها إلى -1.0% وبأفضل من التوقعات التي بلغت -0.5%، حيث أشار التقرير إلى أن مجمل الإنفاق على العقارات السكنية انخفض بنسبة 0.4% في حين ارتفع الإنفاق على العقارات الغير سكنية بنسبة 0.4%.
في حين صدر أيضا عن القطاع تقرير مبيعات المنازل قيد الانتظار لشهر حزيران والذي أظهر انخفاضاً في المبيعات بنسبة 2.6% مقارنة بالانخفاض السابق والذي بلغ 30.0% والذي تم تعديله إلى 29.9% و بأسوأ من التوقعات التي بلغت ارتفاعاً بنسبة 4.0%.
واضعين بعين الاعتبار أن مسألة انقضاء برنامج الإعفاء الضريبي الذي هدف إلى تعزيز مبيعات القطاع عن طريق إعفاء المشترين للمنازل للمرة الأولى من الرسوم الضريبية أثرت على النشاطات الاقتصادية في القطاع، مما انعكس على مستويات الطلب على المنازل، حيث أن تلك المسألة أسهمت في تراجع نشاطات قطاع المنازل الأمريكي.
أما بالنسبة للقطاع الأكثر نزيفا بين القطاعات – قطاع العمالة الأمريكي – فقد صدر عنه بداية تقرير ADP للتغير في وظائف القطاع الخاص حيث أظهر التقرير بأن القطاع خلق 42 ألف فرصة عمل جديدة، بالمقارنة مع قراءة شهر حزيران والتي أشارت إلى أن القطاع وفر 19 ألف وظيفة جديدة خلال حزيران، مع الإشارة إلى أن قراءة تموز جاءت بأعلى من التوقعات التي بلغت 30 ألف فرصة عمل جديدة.
أما تقرير العمالة الذي صدر مع نهاية الأسبوع فقد اشار إلى أن الاقتصاد الأمريكي استغنى عن 131 ألف وظيفة خلال شهر تموز مقارنة بالقراءة السابقة التي تم تعديلها 221 ألف وظيفة مفقودة، وبضعف ما توقعته الأسواق، في حين أضاف القطاع الخاص 71 ألف وظيفة مقابل القراءة السابقة التي تم تعديلها إلى 31 ألف وظيفة وبأدنى من التوقعات التي بلغت 90 ألف وظيفة مضافة.
أما بالنسبة للقطاع الصناعي الأمريكي، فقد أشار التقرير أن القطاع أضاف ما يصل إلى 36 ألف وظيفة خلال تموز مقارنة بالقراءة السابقة التي تم تعديلها إلى 13 ألف وظيفة مضافة، في حين بقيت معدلات البطالة على ما هي عليه خلال تموز أي عند 9.5% ولكن بأفضل من التوقعات التي أشارت بأن معدل البطالة قد يرتفع إلى 9.6%.
منوّهين عزيزي القارئ إلى ان الوظائف المفقودة في الاقتصاد الأمريكي تشير بأن قطاع العمالة الأمريكي لا يزال يعاني من الضعف، وذلك مع العلم أن القطاع أشار مسبقا أن حدة الاستغناء عن الوظائف تقلص نوعا ما، في حين أن أرباب العمل في القطاع الخاص لا يزالون حذرون في مسألة توظيف أعداد جديدة، الأمر الذي يشير بأن الاقتصاد الأمريكي يبقى تحت وطأة ضغوطات كبيرة.
وبالانتقال إلى سوق الأسهم الأمريكي فقد واجه تباينا في أداءه، وليس بتأثير من البيانات الرئيسية الصادرة فحسب، إنما لعب موسم الإفصاح عن نتائج الشركات الأمريكي دورا مهما في التحكم في حركة المؤشرات الأمريكية، في حين شهدنا ارتفاع المؤشرات في معظم تداولات الأسبوع.
وأخيرا يجب علينا الإشارة إلى مرحلة تعافي الاقتصاد الأمريكي واصلت تقلصها وسط التباطؤ في الأنشطة الاقتصادية مؤخرا، وهنا نركز على أن قطاع العمالة الأمريكي يعد المفتاح الرئيس لهذا التباطؤ، ناهيك عن تأثيرات الأوضاع الائتمانية الصعبة إلى جانب معدلات البطالة المرتفعة والتي جعلت من معيشة الأمريكيين أكثر صعوبة، لذلك فإن الاقتصاد الأمريكي سيلزمه المزيد من الوقت ليحقق التعافي التام من الأزمة المالية الأسوأ منذ الكساد العظيم...