من طارق عمارة وأنجوس ماكدوال
تونس (رويترز) - يختار التونسيون يوم الأحد بين أستاذ قانون متقاعد وقطب في مجال الإعلام في جولة إعادة حاسمة في الانتخابات الرئاسية بعد ثمانية أعوام من الثورة التي بدأت مسار الديمقراطية وألهمت انتفاضات "الربيع العربي".
وهناك اختلاف شاسع بين قيس سعيد ونبيل القروي اللذين تغلبا على 24 مرشحا نافسوهما في الجولة الأولى بعد أن عزف الناخبون عن المرشحين التقليديين والمؤسسة السياسية القائمة بسبب الإخفاق في معالجة المشكلات الاقتصادية المزمنة. وكان من بين المرشحين عدد من الساسة الأقوى نفوذا في البلاد.
وفي مركز اقتراع في منطقة البحيرة الراقية في شمال العاصمة حيث أدلي القروي بصوته قالت نجوى سالمي وهي طالبة تبلغ من العمر 22 عاما "قدمت للعاصمة من سوسة أين أدرس خصيصا للتصويت... نريد رئيسا يحترم صلاحياته ولا يقحم عائلته في الحكم مثلما فعلا بن علي والسبسي".
ويتمتع الرئيس في تونس بدرجة من التحكم المباشر في السياسات تقل عن تلك الممنوحة لرئيس الوزراء. وأسفرت انتخابات تشريعية جرت الأسبوع الماضي عن برلمان منقسم بشدة دون مسار واضح لتشكيل حكومة ائتلافية جديدة.
وبغض النظر عمن سيتولى الرئاسة ورئاسة الوزراء في تونس فإنهما سيواجهان التحديات نفسها التي أثقلت كل التحالفات الماضية وهي مشكلة البطالة المزمنة، والتي تبلغ نسبتها 15 بالمئة، وارتفاع التضخم الذي يبلغ معدله 6.8 في المئة والغضب من تراجع مستوى الخدمات العامة ومطالب المانحين الأجانب بتطبيق إجراءات لخفض العجز وتقليص الدين العام.
ولسعيد الذي حصل على أكبر نسبة من الأصوات في الجولة الأولى الشهر الماضي آراء اجتماعية محافظة ويعتمد برنامجه على شكل أكثر مباشرة من الديمقراطية قد يجد صعوبات في تطبيقه.
وبجديته وأسلوبه الرسمي في الحديث حظي سعيد بأصوات الشباب بشكل خاص على الرغم من أنه لم ينفق مبالغ تذكر على حملته الانتخابية.
ويرى أنصاره فيه رجلا متواضعا يتحلى بالمبادئ كما أكسبته معارضته للفساد والمحسوبية مساندة اليسار وأكسبته آراؤه الاجتماعية المحافظة مساندة الإسلاميين أيضا.
* استياء
أفرجت السلطات عن القروي يوم الأربعاء بعد أن قضى أغلب فترة الحملة الانتخابية خلف القضبان انتظارا لصدور حكم في اتهامات له بالفساد. وينفي القروي ارتكاب أي مخالفة.
ولعدة سنوات دأبت قناة نسمة التلفزيونية المملوكة للقروي والتي تعمل دون ترخيص على بث تغطيات تبرز فيها أعمال القروي الخيرية في أفقر أحياء تونس.
ومكنه تركيزه على الفقر من الحصول على أصوات الكثير من الناخبين الفقراء بينما ساعده نهجه المؤيد لقطاع الأعمال على جذب أصوات تونسيين موسرين أيضا.
واقتراع يوم الأحد هو ثالث انتخابات في تونس خلال خمسة أسابيع إذ يأتي بعد الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية في 15 سبتمبر أيلول وبعد الانتخابات البرلمانية قبل أسبوع.
وحصل سعيد في الجولة الأولى على 18.4 بالمئة من الأصوات بينما حصل القروي على 15.6 بالمئة.
وكان من المقرر في الأصل أن تجرى الانتخابات الرئاسية في نوفمبر تشرين الثاني لكن وفاة الرئيس باجي قائد السبسي في يوليو تموز عن 92 عاما أدت لتبكير موعد الاقتراع. وكان الراحل أول رئيس منتخب في اقتراع حر بعد تحول البلاد إلى الديمقراطية الذي بدأ في 2011.
ويشير انخفاض نسبة الإقبال على التصويت ورفض الساسة المعروفين والأحزاب التقليدية في الانتخابات البرلمانية والرئاسية إلى الاستياء من أحوال السياسة التونسية.
وقالت نجوى "لم أصوت في الدور الأول وانتخابات البرلمان لكني اليوم أصوت لدعم مرشح يكون رئيسا لكل التونسيين ويكون عادلا".
(تغطية صحفية طارق عمارة - إعداد سلمى نجم للنشرة العربية - تحرير دينا عادل)