من تريفور هانيكت وستيف هولاند وجيف ميسون
ويلمنجتون (ديلاوير)/واشنطن (رويترز) - قال الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن إن "الوقت حان لتضميد جراح" البلاد التي تشهد انقساما عميقا، وذلك في أول كلمة يلقيها بعد فوزه في معركة انتخابية شرسة مع الرئيس الحالي دونالد ترامب الذي رفض قبول نتيجة الانتخابات وتعهد بخوض معارك قضائية ضدها.
وفاز بايدن بأصوات المجمع الانتخابي العشرين لولاية بنسلفانيا ليرتفع عدد الأصوات التي جمعها لأكثر من 270 اللازمة للفوز، منهيا أربعة أيام من الإثارة الشديدة، لينطلق أنصاره في احتفالات صاخبة بالمدن الكبرى.
وقال بايدن أمام أنصاره في خطاب النصر في مرأب للسيارات في مسقط رأسه ويلمنجتون في ولاية ديلاوير "لقد تحدث شعب هذه الأمة. منحونا نصرا واضحا ومقنعا".
وتعهد بايدن بأنه سيسعى بصفته رئيسا للولايات المتحدة إلى توحيد البلاد و"حشد القوى" لمواجهة وباء كوفيد-19، وإعادة الازدهار الاقتصادي وتأمين الرعاية الصحية للأسر الأمريكية واجتثاث العنصرية الممنهجة من جذورها.
ودون أن يوجه كلامه إلى غريمه الجمهوري، تحدث بايدن مباشرة إلى 70 مليون أمريكي أدلوا بأصواتهم لدعم ترامب، والذين خرج بعضهم إلى الشوارع يوم السبت للتظاهر احتجاجا على النتائج.
وقال بايدن "لكل من أدلوا بصوتهم للرئيس ترامب، أتفهم مشاعر الإحباط لديكم الليلة. لقد تعرضت أنا بنفسي للخسارة مرتين. لكن الآن، ليمنح كل منا الفرصة للآخر. حان الوقت لأن ننحي النبرة العنيفة في الخطاب جانبا، ونهدئ الوضع ويرى بعضنا بعضا مرة أخرى ويستمع كل منا إلى الآخر مجددا"، وتابع "حان الوقت لتضميد جراح أمريكا".
وقدم شكره إلى من أدلوا بأصواتهم له من السود. وقال إنه حتى وفي أحلك الظروف التي مرت بها حملته كان الأفارقة الأمريكيون يدعمونه، وأضاف "كانوا دائما ما يبادرون لدعمي، وأنا سأقف لدعمكم".
وتحدث بايدن بعد كلمة لتقديمه ألقتها السناتور كاملا هاريس (NYSE:LHX) التي ستصبح أول امرأة وأول أمريكية سمراء وأول أمريكية من أصل آسيوي تتولى منصب نائب الرئيس ثاني أعلى منصب في البلاد.
وقالت هاريس "يا لها من شهادة لشخصية جو لأنه تجرأ وكسر أحد أكبر الحواجز في بلادنا واختار امرأة لتكون نائبة الرئيس".
ردود فعل عالمية
انهالت التهاني من الخارج بما في ذلك من رئيس الوزراء البريطاني المحافظ بوريس جونسون ورئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، مما يجعل من الصعب على ترامب المضي قدما في مزاعمه التي يكررها دون سند عندما يتحدث عن تزوير الانتخابات.
قال بايدن بوضوح إن التصدي للجائحة سيكون على رأس أولوياته بعد توليه منصبه في 20 يناير كانون الثاني المقبل. ومن المقرر أن يعلن بايدن يوم الاثنين مهمة عمل من 12 عضوا لوضع خطة لمواجهة الوباء. ولقي ما يزيد على 237 ألف أمريكي حتفهم بسبب كوفيد-19 وارتفعت حالات الإصابة بفيروس كورونا إلى أرقام قياسية خلال الأيام الماضية. وسجلت الولايات المتحدة يوم السبت ما لا يقل عن 131420 حالة إصابة جديدة ليصل الإجمالي إلى ما يقرب من عشرة ملايين إصابة معروفة منذ بدء الوباء.
على الفور، اتهم ترامب، الذي كان يلعب الجولف عند إعلان الشبكات التلفزيونية الرئيسية توقعاتها بفوز بايدن، الرئيس المنتخب "بالهرولة للظهور في هيئة الفائز".
وأضاف في بيان "هذه الانتخابات أبعد ما تكون عن نهايتها".
وأوضح حلفاء لترامب أنه لا يعتزم الإقرار بالهزيمة قريبا. وقال أحدهم إن الرئيس ليس مستعدا للإقرار بالهزيمة مع أنه لا يوجد ما يكفي من بطاقات الاقتراع الباطلة خلال إعادة فرز للأصوات لتغيير النتيجة. وأضاف "من المؤكد حسابيا أنه سيخسر".
وقدم ترامب عددا من الدعاوى القضائية للطعن في النتائج لكن مسؤولي الانتخابات في الولايات يقولون إنه لا يوجد دليل على تزوير كبير ويرى خبراء قانونيون أن مساعي ترامب لن تنجح على الأرجح.
وذكرت صحيفة واشنطن بوست يوم الأحد أن بايدن يعتزم التوقيع على أوامر بإلغاء حظر على المسافرين من عدة دول ذات أغلبية مسلمة، والانضمام مجددا إلى اتفاق دولي للمناخ، والتراجع عن انسحاب ترامب من منظمة الصحة العالمية، ودعم برنامج الحماية من الترحيل المعروف باسم (الحالمون) والذي يتعلق بالمهاجرين إلى الولايات المتحدة بشكل غير قانوني في عمر الطفولة.
ورغم إعلان النتيجة بشكل حاسم على مستوى البلاد، استمر فرز الأصوات في بعض الولايات. واتسع تقدم بايدن في جورجيا إلى حوالي 10200 صوت صباح يوم الأحد، وفقا لمركز أديسون للأبحاث. ولم تدعم جورجيا أي مرشح ديمقراطي للرئاسة منذ عام 1992.
ومع إعلان نبأ فوز بايدن، ترددت أصوات التصفيق والتهليل في أنحاء مختلفة من واشنطن وخرج الناس إلى الشرفات وأطلقوا أبواق سياراتهم وقرعوا الطبول. وتوجهت حشود إلى البيت الأبيض للاحتفال خارج سياج أمني وانطلقت أصوات الألعاب النارية.
وكان رد فعل أنصار ترامب مزيجا من خيبة الأمل والتشكك والقبول بالأمر الواقع مما يسلط الضوء على المهمة الصعبة التي تنتظر بايدن لاستمالة أمريكيين كثيرين خاصة في المناطق الريفية والذين يعتقدون أن ترامب هو أول رئيس يضع مصالحهم نصب عينيه.
رئاسة فوضوية
عندما يتولى بايدن منصبه، سيضع النهاية لرئاسة ترامب الفوضوية التي دامت لأربع سنوات، والتي قلل فيها من شأن الجائحة وفرض سياسات قاسية في مجال الهجرة وشن حربا تجارية على الصين وانسحب من اتفاقات دولية وأحدث انقساما بين العديد من العائلات الأمريكية بخطابه الحاد ومغالطاته واستعداده للتخلي عن القواعد الديمقراطية.
وعندما يدخل بايدن البيت الأبيض سيكون أكبر شخص يتولى منصب الرئيس الأمريكي إذ سيصبح عمره 78 عاما.
جاء فوز بايدن مدفوعا بدعم قوي من مجموعات تضم نساء وأمريكيين من أصل أفريقي وناخبين بيض حاصلين على شهادات جامعية وسكان المدن. وتفوق الرئيس المنتخب على ترامب بما يزيد على أربعة ملايين صوت على مستوى البلاد.
تعهد بايدن بإعادة الإحساس بالحياة الطبيعية إلى البيت الأبيض بعد فترة رئاسية أشاد خلالها ترامب بزعماء أجانب استبداديين وازدرى تحالفات عالمية قائمة منذ فترة طويلة ورفض التنصل من المتعصبين للبيض وألقى بظلال من الشك على شرعية نظام الانتخابات الأمريكي.
كما تعهد الرئيس المنتخب بإلغاء أجزاء رئيسية من إرث ترامب. ويتضمن ذلك التخفيضات الضريبية الكبيرة التي وضعها ترامب وأفادت بشكل خاص الشركات والأثرياء، وسياسات الهجرة المتشددة، والجهود الرامية لتفكيك قانون الرعاية الصحية (أوباما كير) الصادر عام 2010، فضلا عن تخلي ترامب عن اتفاقات دولية مثل اتفاق باريس للمناخ والاتفاق النووي الإيراني.
(إعداد يحيى خلف وياسمين حسين ومحمد فرج للنشرة العربية - تحرير علي خفاجي)