من كيت لامب وأجوستينوس بيو دا كوستا
جاكرتا (رويترز) - كان المطر ينهمر مدرارا والضيوف منهمكون يعملون أيديهم وأفواههم في وليمة الدجاج بالكاري عندما تم زفاف محمد لقمان إلى عروس اختفت ملامحها تحت رداء البرقع الذي يغطيها من قمة رأسها إلى أخمص قدميها.
أقيم الحفل في ساعة متأخرة من الليل في بيت ريزالدي شيخ المجموعة التي تجمع الصلاة أفرادها على جزيرة سولاويسي الإندونيسية.
وقال المدعوون الذين حضروا حفل الزفاف في شهر أغسطس آب إن مراسم عقد القران التي عقدت في العاشرة مساء كانت تبشر بالخير.
وهذا الأسبوع، صباح أحد الشعانين، ربط كل من العروسين قنبلة في حلة ضغط محشوة بالمسامير على صدره. وفجر الاثنان نفسهما وهما يدخلان إلى كاتدرائية قلب يسوع المقدس في العاصمة الإقليمية ماكاسار.
جاءت نهاية العروسين في التفجير الانتحاري في أعقاب سقوط الرجل الذي استضاف حفل زفافهما قتيلا في يناير كانون الثاني برصاص قوات مكافحة الإرهاب.
كان العروسان الانتحاريان القتيلين الوحيدين في الهجوم، غير أن هذا الحادث يتيح التعرف على التركة الخطيرة التي خلفها تنظيم الدولة الإسلامية في جنوب شرق آسيا والعلاقات الشخصية والعائلية التي تربط المتطرفين الدينيين في مختلف أنحاء المنطقة.
يقول محللون إنه لا تزال جماعات مؤيدة للدولة الإسلامية تمثل خطرا في إندونيسيا، الدولة صاحبة أكبر أغلبية من المسلمين على مستوى العالم، بعد هزيمة المتطرفين في سوريا والعراق.
وكان التفجير الذي شهدته ماكاسار هو ثالث تفجير من نوعه يرتكبه زوجان انتحاريان من إندونيسيا في السنوات الأخيرة.
ففي مايو أيار 2018 فجرت أسرة من ستة أفراد، الزوج والزوجة وأبناؤهما الأربعة، متفجرات في عدة كنائس في مدينة سورابايا بجزيرة جاوا في إطار سلسلة هجمات أسفرت عن مصرع 28 شخصا.
وبعد أقل من العام فجرت ألفة هنداياني صالح وزوجها رولي ريان زكي الإندونيسيان كاتدرائية في جولو بجنوب الفلبين مما أسفر عن سقوط 23 قتيلا وإصابة أكثر من 100 بجروح.
كانت ألفة شقيقة ريزالدي الذي شهد بيته حفل زفاف العروسين الانتحاريين.
وقال نور الهدى إسماعيل الزميل الزائر بمعهد إس. راجاراتنام للدراسات الدولية "هذه هي التركة الفريدة لتنظيم الدولة الإسلامية تروج لظهور الإرهاب العائلي ... فقد انضم عدد من الإندونيسيين للتنظيم بصفتهم أفراد عائلة".
وقالت سيدني جونز مديرة معهد تحليل سياسات الصراع في جاكرتا إن أكثر من 1100 إندونيسي خرجوا من البلاد للانضمام إلى التنظيم وكان بعضهم أسرا بكامل أفرادها بمن فيهم من أطفال ورضع.
وقالت الشرطة إن المفجرين الانتحاريين في ماكاسار زوجان ينتميان لجماعة أنصار الدولة التي اعتنقت أفكار تنظيم الدولة الإسلامية والتي يشتبه أنها وراء هجمات انتحارية في سورابايا وغيرها.
ويقول الجيران إن لقمان افتتح بعد زواجه مطعما للمشويات بجوار بيته وإنه كان شخصا هادئا ومتدينا وإن زوجته كانت تبيع منتجات لتبييض البشرة عبر الإنترنت وإن الجميع فوجئوا عندما علموا بما كانا يبيتانه من نوايا عنيفة.
وقالت ستي رحمة (48 عاما) خالة لقمان لرويترز ودموعها تسيل على خديها "كنت أبيع الطعام في السوق عندما قال أحدهم إن أحدا فجر نفسه. فقلت ’ياللغباء. لماذا يقتل أحد نفسه؟ ولأي غرض؟’ لكني لم أكن أدرك أنه ابن أختي".
وذكرت الشرطة أن لقمان (26 عاما) ترك رسالة وداع لوالدته عبّر فيها عن رغبته في الاستشهاد في سبيل الدين.
وقال المحلل ستانيسلاوس ريانتا المتخصص في الإرهاب "رغم تقهقر شبكات الدولة الإسلامية في الشرق الأوسط، فهي لا تزال نشطة في دول مختلفة منها إندونيسيا. قوتها تقلصت لكنها لم تمت حتى الآن".
(إعداد منير البويطي للنشرة العربية - تحرير نادية الجويلي)