من أحمد الجشتيمي
الرباط (رويترز) - شجع اعتراف الولايات المتحدة العام الماضي بسيادة المغرب على الصحراء الغربية المتنازع عليها الرباط على اتخاذ موقف أكثر صرامة مع الدول الأوروبية بشأن هذه القضية، وهو نهج تجلى في أزمة المهاجرين مع إسبانيا هذا الأسبوع.
وبرر وزير الدولة المغربي المكلف بحقوق الإنسان مصطفى الرميد يوم الثلاثاء تخفيف الضوابط الحدودية مع جيب سبتة الإسباني بالإشارة إلى قرار مدريد بالسماح لأحد زعماء جبهة البوليساريو الداعية لاستقلال الصحراء الغربية بالذهاب إلى إسبانيا لتلقي العلاج في المستشفى.
ودائما ما كانت الصحراء الغربية محور السياسة الخارجية المغربية، إذ عملت الرباط على إقناع دول أخرى بالاعتراف بالمنطقة أرضا مغربية في مواجهة مطالب جبهة البوليساريو الانفصالية المدعومة من الجزائر بالاستقلال.
وفي ديسمبر كانون الثاني، اعترف الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بالسيادة المغربية عليها في إطار اتفاق شمل أيضا تعزيز العلاقات الدبلوماسية المغربية مع إسرائيل، في تتويج لجهود الرباط فيما يتعلق بالصحراء الغربية حتى الآن. ولم يلمح الرئيس الأمريكي جو بايدن حتى الآن إلى أنه ينوي تغيير هذه السياسة.
وقال محمد مصباح رئيس المعهد المغربي لتحليل السياسات، وهو مؤسسة أبحاث مستقلة "المغرب يستغل الاعتراف الأمريكي كفرصة لزيادة مكاسبه فيما يتعلق بموقفه بشأن الصحراء الغربية".
وفتحت أكثر من 20 دولة، معظمها أفريقية وعربية، قنصليات في الصحراء الغربية، في اعتراف فعلي بالسيادة المغربية.
ورغم أن الرباط سبق ووقفت في وجه حلفائها بشأن هذه القضية، فإن تغير موقف واشنطن شجعها على اتخاذ نهج أكثر صرامة واستغلال دورها في عرقلة الهجرة الجماعية إلى أوروبا.
وقال وزير الخارجية ناصر بوريطة في يناير كانون الثاني إن على الاتحاد الأوروبي أن يخرج من "منطقة الراحة" ويدعم عرض الرباط للحكم الذاتي للصحراء الغربية في إطار الدولة المغربية.
* خلاف مع ألمانيا
احتلت إسبانيا الصحراء الغربية وحكمتها من 1884 إلى 1976. وعندما غادرت، ضم المغرب المنطقة وشجع آلاف المغاربة على الاستقرار هناك. وشنت جبهة البوليساريو حرب عصابات ضد السيادة المغربية بدعم من الجزائر.
وتوسطت الأمم المتحدة في وقف إطلاق النار عام 1991، والذي تضمن الوعد بإجراء استفتاء على وضع المنطقة ولكن هذا لم يحدث، ولا يوجد أي مؤشر على أنه سيحدث على الإطلاق.
والخلاف الأخير مع إسبانيا، أكبر شركاء المغرب التجاريين، هو أسوأ نزاع بين الجانبين منذ ما يقرب من 20 عاما. كما دب خلاف بين المغرب وألمانيا بسبب الصحراء الغربية هذا العام.
واستدعت الرباط هذا الشهر سفيرتها في برلين للتشاور، معللة ذلك بما وصفته بالموقف الألماني المدمر بشأن الصحراء الغربية ومتهمة برلين باتخاذ موقف عدائي.
وواصلت ألمانيا، مثل إسبانيا وأعضاء آخرين بالاتحاد الأوروبي، القول إنها تريد حلا بوساطة الأمم المتحدة للنزاع مع إعطاء مساحة لنشطاء الاستقلال لعرض قضيتهم.
وضغطت برلين من أجل عقد اجتماع لمجلس الأمن الدولي حيال هذه القضية ورفع أحد مجالسها الإقليمية علم استقلال الصحراء الغربية على مبناه لمدة يوم.
وقال عادل بن حمزة، وهو سياسي معارض وعضو سابق في البرلمان، "ركزت ألمانيا ... على الصحراء بطريقة تضر بمصالح المغرب".
وفجر قرار إسبانيا تقديم الرعاية الطبية لزعيم البوليساريو إبراهيم غالي، باستخدام ما يقول المغرب أنها وثائق جزائرية، ودون استشارة الرباط أولا، الخلاف الأخير.
ويرفض المغرب، الذي أيد مدريد بشأن موقفها من استقلال قطالونيا، حجة إسبانيا بأن دوافعها إنسانية واستدعى سفيرته في مدريد للتشاور.
واستعمرت إسبانيا أجزاء من المغرب وكذلك الصحراء الغربية، ولا يزال المغرب يطالب بالسيادة على سبتة ومليلية، وهما المنطقتان اللتان لا تزال مدريد تحتفظ بهما في شمال إفريقيا.
وقال رئيس الوزراء سعد الدين العثماني في العاشر من مايو أيار إنه يخطط "لرد مناسب" على استضافة إسبانيا لغالي. وكان قد أثار استياء إسبانيا في ديسمبر كانون الأول بقوله إن المغرب يريد "استعادة" الجيبين بمجرد حل قضية الصحراء الغربية،
وقال بن حمزة إن تدفق المهاجرين "رسالة تحذير من المغرب الذي لا يريد أن يلعب دور شرطي لأوروبا مقابل المال بعد الآن.. إنه يسعى لتحقيق مكاسب دبلوماسية في المقابل".
(إعداد ليليان وجدي للنشرة العربية - تحرير علي خفاجي)