من نفيسة الطاهر وخالد عبد العزيز
الخرطوم (رويترز) - قال شهود من رويترز إن مئات الألوف من الناس توجهوا في مسيرة إلى القصر الرئاسي في العاصمة السودانية الخرطوم يوم الأحد احتجاجا على الانقلاب العسكري الذي نُفذ يوم 25 أكتوبر تشرين الأول، مما دفع قوات الأمن إلى إطلاق الغاز المسيل للدموع وقنابل الصوت.
وتمكن بعض المحتجين من الوصول إلى بوابات القصر، ودعا منظمو الاحتجاج المزيد من الناس للانضمام إلى اعتصام مزمع مساء يوم الأحد. وأظهرت لقطات مصورة على الهواء تعرض من بقي هناك لإطلاق الغاز بكثافة.
وقالت وزارة الصحة السودانية على صفحتها على فيسبوك (NASDAQ:FB) إن عدد المصابين في احتجاجات اليوم بلغ 123.
وأضافت أن تقرير متابعة الأحداث حتى السابعة والنصف من مساء يوم الأحد (بالتوقيت المحلي) أوضح "وجود 123 حالة إصابة بالبلاد اليوم، منها 121 إصابة بولاية الخرطوم وإصابتان بولاية كسلا".
وأكدت الوزارة "عدم تسجيل أي حالة وفاة في كل ولايات السودان حتى كتابة التقرير".
ويأتي هذا الاحتجاج، وهو تاسع مظاهرة كبيرة يجري تنظيمها منذ الانقلاب، تزامنا مع إحياء ذكري إحراق مبنى الحزب الحاكم في عام 2018، وهي الواقعة التي أشعلت انتفاضة شعبية أدت إلى الإطاحة بالرئيس عمر البشير.
واستمرت الاحتجاجات المناهضة للانقلاب حتى بعد إعادة رئيس الوزراء إلى منصبه الشهر الماضي ويطالب المحتجون بعدم تدخل الجيش على الإطلاق في الحكومة خلال مرحلة انتقالية تفضي إلى انتخابات حرة.
وسار المتظاهرون على امتداد طريق رئيسي يؤدي إلى القصر الرئاسي مرددين هتافا يقول "الشعب أقوى والتراجع مستحيل" ثم ركض بعضهم إلى شوارع جانبية لحماية أنفسهم من الغاز المسيل للدموع.
ولم ترد تقارير بعد عن وقوع اعتقالات.
واتهم مسعفون قوات الأمن باستخدام الرصاص الحي والغاز المسيل للدموع لتفريق الاعتصام والاعتداء على المتظاهرين وسرقة ممتلكاتهم الشخصية، كما اتهموهما بمحاصرة المستشفيات وإطلاق الغاز المسيل للدموع على مداخلها.
ولم يصدر حتى الآن بيان من الشرطة.
وقال شهود من رويترز إنه على الرغم من إغلاق قوات الأمن للجسور فوق نهر النيل التي تؤدي إلى العاصمة، تمكن المحتجون من عبور جسر يربط مدينة أم درمان بوسط الخرطوم لكنهم واجهوا الغاز المسيل للدموع.
كما رأى شهود من رويترز المحتجين يعبرون جسرا من بحري شمالي الخرطوم إلى العاصمة.
وأظهرت صور نشرت على مواقع التواصل الاجتماعي بدء الاحتجاجات في مدن منها بور سودان على ساحل البحر الأحمر والضعين في دارفور ومدني وكسلا.
* أعلام وكمامات
وفي وقت سابق من يوم الأحد، أغلقت قوات مشتركة من الجيش وقوات الدعم السريع الطرق الرئيسية المؤدية إلى المطار ومقر قيادة الجيش وانتشرت قوات الأمن بكثافة حول القصر الرئاسي.
وأغلق المتظاهرون شوارع حول المنطقة التي يتجمع فيها المحتجون. وكان بعضهم يحمل أعلام السودان وصور متظاهرين قُتلوا في الأشهر القليلة الماضية. وكان البعض الآخر يوزع كمامات للوقاية من كوفيد-19 ويحمل محفات تحسبا لسقوط جرحى.
وقالت لجنة أطباء السودان المركزية إن 45 شخصا لقوا حتفهم في عمليات أمنية استهدفت المحتجين منذ الانقلاب.
واستمرت الاحتجاجات رغم إعادة الجيش حمدوك لمنصبه في 21 نوفمبر تشرين الثاني وإخلاء سبيله هو وغيره من كبار المعتقلين السياسيين وذلك بعد أن كان رهن الإقامة الجبرية.
ومساء يوم السبت، حذر رئيس الوزراء عبد الله حمدوك في بيان من أن الثورة السودانية تواجه انتكاسة كبرى وأن "التمترس" السياسي من جميع الأطراف يهدد وحدة البلاد واستقرارها.
وقبل الانقلاب كان هناك تقاسم للسلطة بين الجيش والأحزاب السياسية المدنية، المعروفة باسم ائتلاف قوى الحرية والتغيير، منذ سقوط البشير. غير أن اتفاق إعادة حمدوك لمنصبه يواجه معارضة من المحتجين الذين كانوا يرون فيه رمزا لمقاومة الحكم العسكري ونددوا بالاتفاق واعتبروه خيانة.
ونظمت الأحزاب المدنية ولجان المقاومة الشعبية عدة احتجاجات مطالبة بالحكم المدني الكامل تحت شعار "لا تفاوض لا شراكة لا شرعية".
وأيدت قوى الحرية والتغيير في بيان دعوات لجان المقاومة إلى اعتصامات وإضرابات ومزيد من الاحتجاجات المزمع تنظيمها في 25 و30 ديسمبر كانون الأول الجاري.
ودعا الائتلاف الناس إلى مواصلة تصعيد المقاومة للانقلاب حتى تسليم السلطة إلى الشعب، متهما قوات الأمن باستخدام القوة المفرطة.
ومساء يوم السبت، وفي الساعات الأولى من صباح يوم الأحد، قال شهود إن حافلات محملة بالناس وصلت من ولايات أخرى بعضها من شمال كردفان ومن الجزيرة للمشاركة في الاحتجاجات في الخرطوم.
(إعداد منير البويطي ولبنى صبري ومحمد فرج للنشرة العربية - تحرير محمود سلامة)