من ناتاليا زينيتس وجاريت رانشو
لفيف (أوكرانيا)/وارسو (رويترز) - أصابت الصواريخ مدينة لفيف بغرب أوكرانيا يوم السبت، في إشارة إلى احتمال فتح جبهة جديدة في الغزو الروسي للبلاد، بينما ندد الرئيس الأمريكي جو بايدن بوجود الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في السلطة ودعا أوروبا للصمود في معركة ربما تمتد لفترة طويلة.
واندلع قتال عنيف في عدة أنحاء من أوكرانيا، مما يشير إلى أنه لن تكون هناك نهاية سريعة للصراع المستمر منذ شهر، بينما أشار بايدن في خطاب من بولندا إلى المعركة باعتبارها جزءا من النضال التاريخي من أجل الحريات الديمقراطية.
وقال بايدن في وارسو "لا يمكن لهذا الرجل أن يبقى في السلطة". وقال مسؤول في البيت الأبيض في وقت لاحق إن بايدن لا يدعو لتغيير النظام، لكنه قال "لا يمكن السماح لبوتين بممارسة السلطة على جيرانه أو المنطقة".
ورفض الكرملين تعليق بايدن قائلا "هذا أمر لا يقرره بايدن".
وبعد أكثر من أربعة أسابيع على بدء الصراع، فشلت روسيا في الاستيلاء على أي مدينة أوكرانية كبرى. وأودى الصراع بحياة الآلاف، ودفع حوالي 3.8 مليون للجوء إلى الخارج فضلا عن نزوح أكثر من نصف أطفال أوكرانيا عن ديارهم، وفقا للأمم المتحدة.
وأشارت موسكو يوم الجمعة إلى أنها قلصت طموحاتها العسكرية للتركيز على الأراضي التي يطالب بها الانفصاليون المدعومون من روسيا في الشرق.
لكن يوم السبت، سقطت أربعة صواريخ على مشارف لفيف على بعد نحو 60 كيلومترا من الحدود البولندية فيما يبدو أنها المرة الأولى منذ غزو موسكو. كانت المدينة الواقعة في غرب أوكرانيا حتى تلك اللحظة بعيدة عن القصف العنيف والقتال الذي دمر مدنا أخرى أقرب إلى روسيا.
وقال حاكم إقليم لفيف الأوكراني ماكسيم كوزيتسكي إن خمسة أشخاص أصيبوا وإن السلطات طلبت من السكان التوجه إلى الملاجئ بعد أول ضربة بعد ظهر السبت. ورأى شهود من رويترز دخانا أسود يتصاعد من الجانب الشمالي الشرقي من المدينة. وقال رئيس بلدية لفيف إن منشأة لتخزين النفط تعرضت للقصف.
وأفاد مسؤولون أوكرانيون في وقت لاحق بأن ضربة أخرى ألحقت أضرارا بالغة بالبنية التحتية في لفيف، لكن حتى الآن لم ترد تقارير عن سقوط قتلى.
وقال أولكسندر بافليوك حاكم منطقة كييف إن القوات الروسية استولت على بلدة سلافوتيتش، القريبة من الحدود مع روسيا البيضاء، حيث يعيش عمال محطة تشرنوبيل القريبة. ونقلت وكالة إنترفاكس الأوكرانية للأنباء عن رئيس البلدية قوله إن ثلاثة أشخاص قُتلوا.
وتقع سلافوتيتش على مشارف ما تسمى منطقة العزل حول تشرنوبيل، التي شهدت في عام 1986 أسوأ كارثة نووية في العالم، حيث واصل الموظفون الأوكرانيون العمل حتى بعد أن استولت القوات الروسية على المحطة نفسها بعد وقت قصير من بداية الغزو في 24 فبراير شباط.
وعلى الجانب الآخر من البلاد، في ماريوبول، قال رئيس البلدية فاديم بويتشينكو إن الوضع في المدينة المحاصرة لا يزال حرجا، مع اندلاع قتال في شوارع وسط المدينة.
ودُمرت المدينة خلال القصف الروسي على مدى أسابيع.
وشبه الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، في خطاب ألقاه يوم السبت أمام منتدى الدوحة في قطر، تدمير ماريوبول بالدمار الذي ألحقته القوات السورية والروسية بمدينة حلب السورية في الحرب الأهلية.
وقال زيلينسكي "إنهم يدمرون موانئنا"، محذرا من عواقب وخيمة إذا لم تتمكن بلاده، أحد أكبر منتجي الحبوب في العالم، من تصدير المواد الغذائية. وأضاف "غياب الصادرات من أوكرانيا سيوجه ضربة لدول العالم".
وفي حديثه عبر رابط فيديو، دعا الرئيس الأوكراني أيضا الدول المنتجة للطاقة إلى زيادة الإنتاج حتى لا تتمكن روسيا من استخدام ثروتها الهائلة من النفط والغاز "لابتزاز" الدول الأخرى.
* بايدن في بولندا
وصف بايدن، أثناء زيارته بولندا العضو في حلف شمال الأطلسي، الرئيس الروسي بأنه "جزار". جاء ذلك بعد أن قام بجولة في مطبخ يجهز الطعام للاجئين الأوكرانيين. ونقلت وكالة تاس الروسية للأنباء عن الكرملين قوله إن مثل هذا التعليق سيزيد الضرر بآفاق إصلاح العلاقات الروسية الأمريكية.
التقى بايدن أيضا مع وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا ووزير الدفاع أوليكسي ريزنيكوف يوم السبت في العاصمة البولندية وارسو، في أول لقاء مباشر له مع كبار المسؤولين الأوكرانيين منذ بداية الحرب.
كانت زيارة بايدن إلى بولندا محطته الأخيرة في رحلة إلى أوروبا أكدت معارضته للغزو الروسي وتضامنه مع أوكرانيا وتصميمه على العمل عن كثب مع الحلفاء الغربيين لمواجهة الأزمة.
وقال بايدن في خطاب "نحن بحاجة إلى أن نكون واضحين. هذه المعركة لن يتم النصر فيها خلال أيام أو شهور... نحن بحاجة إلى الاستعداد لمعركة تمتد لفترة طويلة". كما حث أوروبا على تسريع التحول إلى طاقة متجددة أنظف بعيدا عن واردات النفط والغاز من روسيا.
وحث زيلينسكي في ساعة متأخرة من مساء الجمعة على إجراء مزيد من المحادثات مع موسكو بعد أن قالت وزارة الدفاع الروسية إن معظم المرحلة الأولى من عمليتها اكتملت وإنها ستركز الآن على منطقة دونباس المتاخمة لروسيا والتي تضم جيوبا انفصالية موالية لموسكو.
وتقاتل القوات المنشقة المدعومة من روسيا القوات الأوكرانية في دونباس منذ عام 2014.
وقال محللون إن إعادة صياغة أهداف روسيا قد يسهل على الرئيس بوتين إعلان انتصار يحفظ ماء الوجه.
وتقول موسكو حتى الآن إن أهدافها مما تصفه "بعمليتها العسكرية الخاصة" تشمل نزع سلاح أوكرانيا و"القضاء على النازيين" هناك. ووصفت أوكرانيا وحلفاؤها الغربيون ذلك بأنه ذريعة لا أساس لها لغزو غير مبرر.
وأكدت الأمم المتحدة مقتل 1104 مدنيين وإصابة 1754 في أوكرانيا منذ بدء الغزو، لكنها تقول إن من المرجح أن يكون العدد الحقيقي أعلى من ذلك. وتقول أوكرانيا إن 136 طفلا قُتلوا حتى الآن.
ونقلت وكالة أنباء إنترفاكس الروسية يوم الجمعة عن وزارة الدفاع الروسية قولها إن 1351 جنديا روسيا لقوا حتفهم وأصيب 3825 أخرون. وتقول أوكرانيا إن 15 ألف جندي روسي لقوا حتفهم. ولم يتسن لرويترز التحقق من صحة هذه المزاعم بشكل مستقل.
* دمار
أظهرت لقطات من ماريوبول التي كان يقطنها 400 ألف نسمة قبل الحرب مباني مدمرة ومركبات محترقة.
وقالت امرأة عجوز من السكان، رافضة الكشف عن اسمها، "إنه أمر مخيف، لا أعرف كيف سنبقى على قيد الحياة... نحن باقون هناك، على أمل ألا يقصفونا. انظروا إلى عدد الجثث التي دفناها حول المبنى".
وشمالي ماريوبول، توقف القتال بالقرب من العاصمة كييف منذ أسابيع بعد توقف رتلين كبيرين من المدرعات الروسية في شمال غرب وشرقي المدينة.وقالت وزارة الدفاع الروسية يوم السبت إن قواتها سيطرت على مركز قيادة في إحدى ضواحي كييف واعتقلت أكثر من 60 عسكريا أوكرانيا. ولم يتسن لرويترز التحقق من صحة الادعاء على الفور.
وقال تقرير للمخابرات البريطانية يوم السبت إن القوات الروسية تعتمد على القصف الجوي والمدفعي العشوائي بدلا من المخاطرة بعمليات برية واسعة النطاق.
(إعداد مصطفى صالح وأحمد صبحي ومحمد فرج للنشرة العربية - تحرير أحمد حسن)