من جوزيف كامبل وأليساندرا برنتيس
زابوريجيا/ماريوبول (أوكرانيا) (رويترز) - وصل عشرات لبر الأمان في مدينة زابوريجيا التي تسيطر عليها الحكومة الأوكرانية يوم الثلاثاء بعد أن ظلوا لأسابيع مختبئين في تحصينات أسفل مجمع مصنع للصلب في مدينة ماريوبول التي احتلتها روسيا، لكن موظفي الإغاثة قالوا إن كثيرين ما زالوا محاصرين في المدينة الساحلية.
وخرج أناس تبدو عليهم علامات الإنهاك، من بينهم أطفال صغار ومسنون مثقلون بحمل الحقائب، من حافلات استقرت في ساحة انتظار مركز تجاري في زابوريجيا بجنوب شرق أوكرانيا، بعد أن فروا من مسقط رأسهم الذي تعرض للدمار وتقول روسيا إنها سيطرت عليه.
وقالت فالنتينا سيتنيكوفا (70 عاما)، التي كانت تحتمي بمصنع الصلب في آزوفستال لمدة شهرين مع ابنها وحفيدتها البالغة من العمر عشرة أعوام، "قلنا وداعا للحياة، ولم نعتقد أن أحدا يعرف أننا هناك".
وتحول مجمع آزوفستال الصناعي مترامي الأطراف ومخابئه وأنفاقه إلى ملاذ لكل من المدنيين والمقاتلين الأوكرانيين في ظل محاصرة موسكو لماريوبول المطلة على بحر آزوف.
وأضافت سيتنيكوفا إن 17 أسرة أخرى بصحبة أطفالها احتمت معها بالمصنع لكن ملجأهم المحصن انهار من حولهم عندما قصفت روسيا المنطقة وإن الجنود الأوكرانيين انتشلوهم من تحت الأنقاض قبل ثلاثة أيام.
وقالت، وهي تبكي كثيرا أثناء حديثها، "كانت حفيدتي تقول ’إني خائفة،إني خائفة’، وقلت لها ’لا بأس، سنطير من هنا بطريقة ما".
نسقت الأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر العملية التي استغرقت خمسة أيام وبدأت في 29 أبريل نيسان لإخراج النساء والأطفال والمسنين من منطقة مصنع الصلب.
وقالت منسقة شؤون الإغاثة بالأمم المتحدة المعنية بأوكرانيا أوسنات لوبراني "بفضل العملية، استطاع أخيرا 101 من النساء والرجال والأطفال والمسنين مغادرة المخابئ أسفل مجمع صلب آزوفستال ورؤية ضوء الشمس بعد شهرين".
وانضم 58 آخرون إلى القافلة في بلدة على مشارف ماريوبول. وقالت لوبراني إن بعضا ممن تم إجلاؤهم قرروا عدم المضي قدما مع القافلة المتجهة إلى زابوريجيا.
وقالت ألينا كوزيتسكايا التي قضت أسابيع مختبئة في قبو مع حقائبها تتحيّن فرصة للهرب "لا أصدق أنني فعلتها، نحتاج فقط للراحة".
وابتعدت امرأة في منتصف العمر عن حافلة الإجلاء وهي تبكي. وقام أحد أعضاء فريق الإغاثة بتهدئتها.
وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش في بيان "آمل أن يؤدي التنسيق المستمر مع كييف وموسكو إلى وقف (إطلاق النار لأسباب) إنسانية مرارا، مما يسمح للمدنيين بالمرور الآمن والابتعاد عن القتال وبوصول المساعدات إلى من هم أشد احتياجا لها".
ورفع عدد قليل من النساء لافتات مصنوعة يدويا تدعو السلطات الأوكرانية إلى إجلاء أقاربهن وذويهن من الجنود الذين ما زالوا تحت حصار القوات الروسية في آزوفستال.
وقالت كسينيا تشيبيشيفا (29 عاما) "نخشى أن يُترك الرجال هناك بعد إجلاء المدنيين. لا نرى أي بوادر للمساعدة". وزوج تشيبيشيفا أحد جنود كتيبة آزوف هناك.
وأضافت، بينما ترفع لافتة كُتب عليها "أنقذوا الجيش من آزوفستال"، أنها سمعت أن زوجها كان لا يزال على قيد الحياة في 26 أبريل نيسان ولكن لم تصلها أي أخبار عنه منذ ذلك الحين.
وصرخت امرأة أخرى قائلة "ليس لديهم طعام أو ماء أو ذخيرة... لقد نسيهم الجميع".
* "شهادات مفجعة"
لا يزال هناك أكثر من 200 مدني في مصنع آزوفستال للصلب بحسب فاديم بويتشنكو رئيس بلدية ماريوبول مع بقاء 100 ألف مدني إجمالا في المدينة التي دمرها الحصار والقصف الروسي على مدى أسابيع.
ولم يتسن لرويترز التحقق من هذه الأرقام بشكل مستقل. وتصف روسيا الحرب بأنها "عملية خاصة" لنزع سلاح أوكرانيا وحماية المتحدثين بالروسية في شرق البلاد. وتقول كييف والغرب إن هذه ذريعة كاذبة لشن عدوان غير مبرر.
وقال باسكال هوندت رئيس بعثة اللجنة الدولية للصليب الأحمر في أوكرانيا "الشهادات التي تلقيناها مفجعة... كنا نأمل أن يتمكن عدد أكبر (كثيرا) من الناس من الانضمام إلى هذه القافلة والخروج من الجحيم".
وأضاف "هناك الكثير ممن يرغبون حقا في المغادرة، وقد حوصروا بسبب الأعمال القتالية. نعتقد أنه من أجل التخفيف من معاناة هؤلاء، ينبغي إجراء العديد من هذه العمليات، وهذا نداء عاجل نطلقه اليوم".
وقالت الطبيبة دوريت نيزان من منظمة الصحة العالمية "مستعدون تماما" لوصول القافلة.
وفي ماريوبول، باتت تاتيانا بوشلانوفا (64 عاما) معتادة على القصف الروسي حتى أنها لا تجفل عند انفجار القذائف.
وقالت يوم الاثنين وهي تكفكف دمعها أمام مبنى سكني متفحم "تستيقظ في الصباح وتبكي. وفي المساء تبكي. لا أعرف إلى أين أذهب... كل شيء انهار، كل شيء تحطم".
وأضافت "الأمر لا يتوقف. لا أعرف كيف سأبقى هنا في الشتاء.. دون سقف.. دون نوافذ. كل شيء تعقّد جدا".
(إعداد سامح الخطيب ولبنى صبري ومحمد علي فرج للنشرة العربية - تحرير دعاء محمد)