🔥تغلب على السوق مع اختيارات الأسهم المدعومة بالذكاء الاصطناعي من InvestingPro - الآن خصم يصل إلى 50% احصل على الخصم

الأطباء يعالجون عقول أبناء غزة التي خربها دمار الحرب

تم النشر 15/08/2014, 19:36
الأطباء يعالجون عقول أبناء غزة التي خربها دمار الحرب

من نضال المغربي

غزة (رويترز) - في عنبر بمستشفى الشفاء -أكبر مستشفى في غزة- يحاول طبيب الأطفال ربيع حمودة أن يرصد أي استجابة من عمر (ثلاثة أعوام) وشقيقه محمد الذي أتم شهره الثامن عشر أملا في أن يتفوها ببعض الكلمات أو ربما ابتسامة.

كل ما يفعله الطفلان -اللذان انتشرت على جسديهما حروق وجروح أحدثتها الشظايا التي أصيبا بها من القذيفة الإسرائيلية التي أصابت منزلهما في قطاع غزة- هو أنهما يحملقان في الطبيب ببلادة أو دون مشاعر على مدى سبع دقائق متصلة.

وأخيرا -وبينما كان حمودة يستثيرهما برفق بالتظاهر بأنه يخلط بين اسميهما أو يخفي هدية بينما يشير طبيب آخر إليه بهدوء- بدأت ابتسامة ترتسم على وجه محمد وبدأ عمر (الطفل الأكبر) يصرخ عندما يسمع اسمه.

يشرح حمودة الذي يرأس فريقا من 150 معالجا نفسيا يعملون لدى المركز الفلسطيني للديمقراطية وحل النزاعات ومقره غزة "في البداية لم يكن هناك استجابة من الطفل عمر معنا.. لم يكن حتى يرضى أن يقول ما اسمه."

ويضيف "لقد حدث تقدم كبير مع هؤلاء الأطفال" وقد بدا على وجهه شعور بالارتياح وإحساس هادئ بالإنجاز. وتابع قائلا "في البداية لم يتحدثا ورفضا التواصل. لكننا الآن ومع الجلسة السادسة نشهد تقدما جيدا."

وعمر ومحمد وهدان اثنان من بين 400 ألف طفل في غزة تقدر الأمم المتحدة أنهم في حاجة إلى رعاية نفسية ليس فقط بسبب الحرب الأحدث في القطاع وإنما أيضا بسبب الحروب الثلاثة السابقة التي خاضها القطاع مع إسرائيل منذ عام 2006.

والصراع الأحدث المشتعل في غزة هو الأدمى وقتل فيه 1945 فلسطينيا معظمهم مدنيون وبينهم ما يقدر بنحو 457 طفلا. وعلى الجانب الآخر من الحدود قتل 64 جنديا إسرائيليا وثلاثة مدنيين.

ومهما تكن نتيجة الضربات الجوية الإسرائيلية بالنسبة لأطفال غزة -ورؤية الأبوين أو الأقارب يقتلون أمام أعينهم أو سماع النشطاء وهم يطلقون الصواريخ من بلداتهم أو إصابتهم هم أنفسهم بجروح- فإن الصدمة النفسية عليهم بالغة الشدة.

وتتراوح أعراض الصدمة النفسية بين الكوابيس والتبول اللاإرادي والنكوص السلوكي والقلق النفسي الموهن بما في ذلك عدم القدرة على التعامل مع الخبرات أو التعبير اللفظي عنها.

وهناك أيضا صدمة نفسية عميقة على الجانب الآخر من الحدود حيث أصيب عشرات آلاف الأطفال الإسرائيليين باضطراب عقلي نتيجة الإطلاق المتكرر للصواريخ طوال الحرب التي استمرت شهرا أو خلال الأعوام السبعة منذ سيطرة حماس على قطاع غزة.

وبينما يمكن رؤية الدمار الناجم عن الحرب على المباني ومصادر الرزق بوضوح وموثقة بشكل يومي في اللقطات التلفزيونية فإن الضرر الذي لحق بالعقول غير مرئي على الأرجح لكن قد تكون له نتائج أكثر أثرا وتستمر لمدى أطول.

قال كريس جانيس المتحدث باسم وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين (أنروا) التي يعمل لديها 200 معالج نفسي في ما يصل إلى 90 عيادة في غزة "المرة الأولى التي يمر فيها طفل بحدث صادم مثل الحرب يكون الأمر مروعا بشدة.

"في المرة الثانية يكون الأمر أكثر من مروع لأن الطفل يتذكر الجوانب الأسوأ للحرب الأخيرة بالإضافة إلى تأثير الحرب الحالية. ثم تكون المرة الثالثة مروعة أكثر وأكثر لأن الذكريات المتراكمة للحرب تتجمع.

"هذه المرة فإن الأمر شديد جدا جدا بالنسبة لطفل في غزة عمره ثمانية أو تسعة أعوام لأن هناك هذا الأثر التراكمي للصدمة من الحروب المتكررة منذ عام 2006."

* خطوات صغيرة

ويستطيع حمودة وفريقه مثله مثل وحدات العلاج النفسي الأخرى التي تعمل في أنحاء القطاع الصغير -الذي يقدر عدد سكانه بنحو 1.8 مليون نسمة أكثر من نصفهم دون الثامنة عشرة- أن يتعاملوا بالكاد مع العدد الكبير للمرضى الذين يحتاجون لمساعدة نفسية.

والعلاج بسيط بالضرورة - محاولة لإخراج الأطفال من حالتهم بجعلهم يرسمون صورا عن خبراتهم أو مشاعرهم أو دفعهم للتعبير عن ظروفهم.

وبينما يمكن تحقيق الكثير بهذه الأساليب البسيطة فإن كثيرا من المرضى يحتاجون إلى رعاية نفسية شخصية أطول مدى نظرا لهول الضرر العقلي الذي أصيبوا به.

يقول حمودة "في البداية نحن نقوم بتقديم دعم نفسي اجتماعي أولي للأطفال الجرحى والذين يعانون من صدمة نفسية وأيضا نقوم بتوجيه أولي الأمر الوالدين أو العائلة نحو كيفية التعامل معهم." ثم هناك رعاية منزلية ومتابعة للحالات الأشد.

ويضيف "البيوت ممكن إعادة بناؤها وبعض الجروح تشفى ولكن الأمور النفسية تحتاج لشيء أكبر من الوقت والمال.

"تحتاج إلى جهد كبير وإلى إقناع وأولا وأخيرا تحتاج إلى هدوء واستقرار."

ومن بين المشاريع الأكثر نجاحا في غزة لمساعدة من يعانون من الصدمات النفسية برنامج غزة للصحة النفسية الذي بدأ في عام 1990.

ويصف حسن زيادة وهو طبيب نفسي يعمل في البرنامج الحرب الأحدث ببساطة بأنها الأسوأ منذ عام 2006 حيث فقد عشرات الفلسطينيين عددا من أفراد عائلاتهم.

وقال زيادة الذي تحدث بالانجليزية "تشير توقعاتنا إلى أن أكثر من 30 بالمئة من الناس هنا في غزة سيعانون من اضطراب نفسي."

حتى العاملون المحترفون في مجال الصحة ليسوا بمنأى. وقتل ستة من أفراد عائلة زيادة أثناء الحرب: والدته وثلاثة من أشقائه وأخت زوجته وابن أخيه. ويتلقى الآن مشورة نفسية من كبير المعالجين النفسيين في العيادة.

وقال "إنها خسارة صادمة حقا وليس سهلا علي أن اتعامل معها" مضيفا أن عددا آخر من أفراد الفريق عانوا من تجارب مماثلة.

وأصبح الضرر النفسي واسع الانتشار إلى حد أن الأنروا التي تدير مدارس في أنحاء قطاع غزة جعلت العلاج النفسي جزءا من المقررات الدراسية.

قال جانيس "ندير الآن برنامجا كبيرا جدا لعلاج الأبوين والأطفال... نضطر لاضافة هذا النوع من العلاج الى المقررات في مدارسنا."

(إعداد أشرف راضي للنشرة العربية - تحرير محمد هميمي)

أحدث التعليقات

قم بتثبيت تطبيقاتنا
تحذير المخاطر: ينطوي التداول في الأدوات المالية و/ أو العملات الرقمية على مخاطر عالية بما في ذلك مخاطر فقدان بعض أو كل مبلغ الاستثمار الخاص بك، وقد لا يكون مناسبًا لجميع المستثمرين. فأسعار العملات الرقمية متقلبة للغاية وقد تتأثر بعوامل خارجية مثل الأحداث المالية أو السياسية. كما يرفع التداول على الهامش من المخاطر المالية.
قبل اتخاذ قرار بالتداول في الأدوات المالية أو العملات الرقمية، يجب أن تكون على دراية كاملة بالمخاطر والتكاليف المرتبطة بتداول الأسواق المالية، والنظر بعناية في أهدافك الاستثمارية، مستوى الخبرة، الرغبة في المخاطرة وطلب المشورة المهنية عند الحاجة.
Fusion Media تود تذكيرك بأن البيانات الواردة في هذا الموقع ليست بالضرورة دقيقة أو في الوقت الفعلي. لا يتم توفير البيانات والأسعار على الموقع بالضرورة من قبل أي سوق أو بورصة، ولكن قد يتم توفيرها من قبل صانعي السوق، وبالتالي قد لا تكون الأسعار دقيقة وقد تختلف عن السعر الفعلي في أي سوق معين، مما يعني أن الأسعار متغيرة باستمرار وليست مناسبة لأغراض التداول. لن تتحمل Fusion Media وأي مزود للبيانات الواردة في هذا الموقع مسؤولية أي خسارة أو ضرر نتيجة لتداولك، أو اعتمادك على المعلومات الواردة في هذا الموقع.
يحظر استخدام، تخزين، إعادة إنتاج، عرض، تعديل، نقل أو توزيع البيانات الموجودة في هذا الموقع دون إذن كتابي صريح مسبق من Fusion Media و/ أو مزود البيانات. جميع حقوق الملكية الفكرية محفوظة من قبل مقدمي الخدمات و/ أو تبادل تقديم البيانات الواردة في هذا الموقع.
قد يتم تعويض Fusion Media عن طريق المعلنين الذين يظهرون على الموقع الإلكتروني، بناءً على تفاعلك مع الإعلانات أو المعلنين.
تعتبر النسخة الإنجليزية من هذه الاتفاقية هي النسخة المُعتمدَة والتي سيتم الرجوع إليها في حالة وجود أي تعارض بين النسخة الإنجليزية والنسخة العربية.
© 2007-2024 - كل الحقوق محفوظة لشركة Fusion Media Ltd.