من إليزابيث بايبر وآندرو ماكاسكيل وموفيجا إم
لندن (رويترز) - أعلنت رئيسة وزراء بريطانيا ليز تراس يوم الخميس أنها ستستقيل بعد ستة أسابيع فقط من توليها المنصب وذلك بسبب برنامج اقتصادي أشاع الفوضى في الأسواق المالية ورفع تكلفة المعيشة وأثار غضب كثيرين من أعضاء حزب المحافظين الذي تتزعمه.
ويتمتع حزب المحافظين بأغلبية كبيرة في البرلمان ولا يحتاج للدعوة لانتخابات عامة قبل عامين إضافيين، وسينتخب الحزب زعيما جديدا بحلول 28 أكتوبر تشرين الأول.
ومن المتوقع أن يخوض المنافسة على المنصب وزير المالية السابق ريشي سوناك ووزيرة الدفاع السابقة بيني موردونت، لكن السباق قد يشهد أيضا عودة رئيس الوزراء السابق بوريس جونسون الذي تمت الإطاحة به في يوليو تموز عندما استقال وزراؤه بصورة جماعية لإجباره على التنحي.
وفي كلمتها أمام مقر الحكومة في داوننج ستريت، أقرت تراس بأنها فقدت ثقة حزبها وقالت إنها ستتنحى الأسبوع المقبل، لتقضي بذلك أقصر فترة لرئيس وزراء في تاريخ بريطانيا.
وقالت تراس "تحدثت إلى جلالة الملك لإبلاغه بأنني أستقيل من زعامة حزب المحافظين". ولم يدعم تراس سوى زوجها الذي كان معها وهي تدلي بالكلمة وسط غياب ملحوظ لمعاونيها والوزراء الذين أيدوها.
وتراس هي رابع شخصية تتولى رئاسة الوزراء في غضون ستة أعوام بعد انتخابها في سبتمبر أيلول زعيمة لحزب المحافظين بدعم من نحو ثلث نواب الحزب فقط.
ووعدت بخفض الضرائب وتمويل ذلك عبر الاقتراض ضمن وعود أخرى.
وبعد تعيينها في السادس من سبتمبر أيلول، اضطرت تراس الأسبوع الماضي لإقالة وزير ماليتها وأقرب حليف سياسي لها، كواسي كوارتنج، والتخلي عن كل برنامجها الاقتصادي تقريبا بعد أن أدت خطط البرنامج لخفض ضريبي كبير بلا تغطية مالية إلى انهيار الجنيه الإسترليني والسندات البريطانية. وتراجعت كذلك معدلات التأييد لها ولحزب المحافظين تراجعا حادا.
ويوم الأربعاء، خسرت تراس وزيرا ثانيا من أربعة وزراء هم الأهم في الحكومة، وقوبلت محاولتها للدفاع عن سجلها أمام البرلمان بالضحك وشهدت شجارا علنيا بين النواب من حزبها بشأن السياسة المتبعة، مما أدى إلى تعميق الشعور بالفوضى في وستمنستر.
ويسابق وزير المالية الجديد جيريمي هانت الآن الزمن لخفض الإنفاق بمبالغ تصل إلى عشرات المليارات من الجنيهات الإسترلينية في محاولة لطمأنة المستثمرين وإعادة بناء سمعة بريطانيا المالية.
ويعاني ملايين البريطانيين من أزمة في تكلفة المعيشة في الوقت الذي يتجه فيه الاقتصاد إلى ركود وارتفاع التضخم إلى أعلى مستوياته في 40 عاما.
ونأى هانت بنفسه عن خوض سباق زعامة الحزب، ومن المقرر أن يقدم ميزانية جديدة في 31 أكتوبر تشرين الأول.
* سباق جديد
يسلط رحيل شخصية أخرى تولت رئاسة الوزراء بسبب تراجع التأييد الضوء على درجة الاضطراب في المشهد السياسي البريطاني منذ تصويت عام 2016 على الخروج من الاتحاد الأوروبي، إذ أثار ذلك معركة لتوجيه دفة البلاد.
ومن بين الشخصيات التي يتوقع أن تخوض سباق الزعامة سوناك، الذي ما زال لا يحظى بشعبية في بعض دوائر حزب المحافظين بعد أن ساعد في إطلاق شرارة تمرد في الحزب ضد جونسون.
ويمكن أيضا لوزيرة الدفاع السابقة موردونت خوض السباق وكذلك وزيرة الداخلية سويلا برافرمان التي استقالت يوم الأربعاء.
وربما يترشح أيضا جونسون الذي لا يزال يواجه تحقيقا عما إذا كان قد ضلل البرلمان بعد أن أقام هو وموظفوه سلسلة من الحفلات والتجمعات خلال فترة إغلاق لمكافحة كوفيد-19.
وجونسون هو واجهة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في 2016 وظهر بشكل قوي على الساحة السياسية منذ أن أصبح رئيس بلدية لندن في 2008، ثم قاد حزبه لفوز انتخابي كاسح في 2019 لكن زملاءه أطاحوا به في يوليو تموز بعد استيائهم من سلوكه في المنصب.
ولأعضاء الحزب والنواب المحافظين رأي في التصويت، وأظهر استطلاع هذا الأسبوع أن أغلب الأعضاء يريدون عودة جونسون لكن الاحتمالات تشير إلى أن سوناك هو الأوفر حظا متفوقا على موردونت ووزير الدفاع بن والاس وعلى جونسون أيضا.
أما تراس، فستدخل كتب التاريخ بصفتها رئيسة الوزراء التي تولت المنصب لأقصر فترة بعد أن حطمت الرقم القياسي الذي سجله رئيس الوزراء السابق جورج كانينج الذي شغل المنصب لمدة 119 يوما حين توفي عام 1827.
ودعا حزب العمال، الحزب المعارض الرئيسي في البلاد، وكثير من الناخبين، إلى إجراء انتخابات عامة.
(إعداد محمد حرفوش وسلمى نجم للنشرة العربية - تحرير محمد محمدين)