من بافيل بوليتيوك
كييف (رويترز) - أبحرت سفن محملة بالحبوب من موانئ أوكرانية يوم الاثنين على الرغم من أن روسيا تخلت عن اتفاق تدعمه الأمم المتحدة لضمان أمن هذه الشحنات في ظل الحرب المستمرة.
وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إن بلاده ستواصل تنفيذ البرنامج، الذي توسطت فيه الأمم المتحدة وتركيا في يوليو تموز، ويهدف إلى الحفاظ على تدفق إمدادات السلع الغذائية إلى الأسواق العالمية.
وقال زيلينسكي في مؤتمر صحفي "نتفهم ما نقدمه للعالم، ونوفر الاستقرار في سوق إنتاج الغذاء".
لكن موسكو قالت إنه من "غير المقبول" أن تمر السفن عبر ممر أمني في البحر الأسود بينما تستخدمه أوكرانيا لشن عمليات عسكرية ضد روسيا.
وقالت وزارة الدفاع الروسية إنها لا تستطيع ضمان الأمن في المنطقة حتى توافق كييف على عدم استخدام الطريق لأغراض عسكرية، وهو اتهام تنفيه أوكرانيا.
ومع ذلك، لم تحدد الوزارة ما الذي ستفعله روسيا إذا استمرت السفن في الإبحار عبر هذا الممر، وشددت على أن روسيا لم تنسحب من الاتفاق، وإنما علقته فقط.
وأعلنت موسكو التعليق يوم السبت بسبب ما قالت إنه هجوم بطائرات مسيرة أوكرانية على أسطولها في البحر الأسود.
وقال الجيش الأوكراني إنه أسقط 44 من أصل 50 صاروخا روسيا. لكن السلطات قالت إن المياه انقطعت عن 80 بالمئة من كييف بسبب الضربات. وقالت الشرطة إن 13 شخصا أصيبوا خلال الهجمات الأحدث.
* ’يجب أن يستمر تدفق الطعام’
يشير استئناف الصادرات الغذائية من الموانئ الأوكرانية إلى تفادي أحد السيناريوهات المثيرة للقلق عالميا على الأقل في الوقت الراهن. وكان مسؤولون دوليون يخشون أن تعيد موسكو فرض حصار على الحبوب الأوكرانية.
وفي وقت سابق يوم الاثنين، قال أمير عبد الله منسق الأمم المتحدة للبرنامج على تويتر "لا يمكن أبدا أن تكون سفن الشحن المدنية هدفا عسكريا أو محتجزة رهينة. يجب أن يستمر تدفق الطعام".
وبعد فترة وجيزة، أكدت أوكرانيا أن 12 سفينة أبحرت من موانئها. وحملت السفن ما يصل مجموعه إلى 354500 طن من الحبوب، وهي كمية تزيد بكثير من المعتاد في يوم واحد، مما يشير إلى أنه تم تحميل الشحنات المتراكمة بعد توقف الصادرات يوم الأحد.
وقال وزير الدفاع التركي خلوصي أكار لنظيره الروسي سيرجي شويجو، خلال اتصال هاتفي يوم الاثنين، إن من المهم للغاية أن يستمر اتفاق الحبوب.
* ضربات صاروخية
كررت الضربات الصاروخية الروسية خلال ساعة الذروة صباح يوم الاثنين نفس الأسلوب الذي اتبعته موسكو هذا الشهر باستهداف البنية التحتية المدنية الأوكرانية، وخاصة محطات الطاقة.
وكتبت السفيرة الأمريكية لدى كييف بريدجيت برينك على تويتر "مثل ملايين الأوكرانيين، فريقنا في السفارة الأمريكية بكييف يلوذ مرة أخرى بالمخابئ، بينما تواصل روسيا ضرباتها الصاروخية الوحشية والهمجية على شعب أوكرانيا في محاولة (لإغراق) البلاد في البرد والظلام. مع اقتراب فصل الشتاء".
وخلال الأسابيع الثلاثة الماضية، شنت روسيا حملة من الهجمات على البنية التحتية المدنية الأوكرانية باستخدام صواريخ بعيدة المدى باهظة الثمن و"طائرات مسيرة انتحارية" إيرانية الصنع تُحلق صوب الهدف وتنفجر.
وقال رئيس الوزراء الأوكراني دنيس شميهال إن 18 هدفا، معظمها أهداف للبنية التحتية للطاقة، أصيبت بضربات صاروخية وطائرات مسيرة على عشر مناطق أوكرانية.
وفي خاركيف، ثاني أكبر مدينة في أوكرانيا، تسببت الضربات في انقطاع الكهرباء عن سائق الحافلة الكهربائية إيهور بولوفيكوف الذي تقطعت به السبل في حافلته الكهربائية على جانب طريق.
وقال إنه سئم، "لكن لن يستسلم أحد... لقد اعتدنا على ذلك. هذا هو الشهر التاسع (للحرب). الجميع يفهم أن هذا ضروري".
* ’تبتز العالم بالجوع’
قالت موسكو إنها اضطرت للانسحاب من اتفاق الشحن بعد أن حمَّلت كييف مسؤولية تفجيرات ألحقت أضرارا بسفن تابعة للبحرية الروسية في ميناء سيفاستوبول بشبه جزيرة القرم يوم السبت.
ولم تنف أوكرانيا أو تؤكد مسؤوليتها عن تلك التفجيرات لكنها تقول إن سفن البحرية الروسية هدف عسكري مشروع. وقالت موسكو إن الانفجارات جاءت نتيجة هجوم من طائرات وغواصات مسيرة.
وبعد أن علقت روسيا مشاركتها في برنامج شحن الحبوب، اتهمت الولايات المتحدة روسيا باستخدام الغذاء كسلاح، وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إن موسكو "تبتز العالم بالجوع". ونفت روسيا هذه الاتهامات.
وقال ديمتري بيسكوف المتحدث باسم الكرملين إن الاتفاق الذي توسطت فيه الأمم المتحدة "بالكاد يمكن (تنفيذه)" لأن روسيا لم تعد قادرة على ضمان سلامة النقل البحري.
وتعد أوكرانيا وروسيا من أكبر مصدري الغذاء في العالم. وعلى مدار ثلاثة أشهر، عمل الاتفاق المدعوم من الأمم المتحدة على ضمان وصول الصادرات الأوكرانية إلى الأسواق، مما رفع الحصار الروسي الفعلي عن أوكرانيا. ودفعت أنباء انسحاب موسكو من الاتفاق أسعار القمح العالمية للارتفاع بأكثر من خمسة بالمئة صباح يوم الاثنين.
ومن بين السفن التي أبحرت يوم الاثنين سفينة يستأجرها برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة لنقل 40 ألف طن من الحبوب إلى أفريقيا التي تعاني من موجة جفاف.
وقالت وزارة الدفاع الروسية يوم الاثنين إن روسيا استكملت التعبئة العسكرية الجزئية التي أعلنها بوتين في سبتمبر أيلول وإنه لن تصدر لاحقا أي إخطارات أخرى بالاستدعاء.
وأعلن بوتين أول تعبئة في روسيا منذ الحرب العالمية الثانية يوم 21 سبتمبر أيلول، وكانت حلقة في سلسلة إجراءات تصعيدية ردا على مكاسب أوكرانيا في ميدان القتال.
وفي ذلك الوقت، قال شويجو إن نحو 300 ألف فرد إضافي سيُجندون وسيُدربون على الأعمال القتالية، لكن التعبئة مضت بشكل فوضوي وفر مئات الآلاف من روسيا تجنبا لتجنيدهم.
(إعداد أحمد السيد وأيمن سعد مسلم ومحمد علي فرج للنشرة العربية - تحرير على خفاجي)