الخرطوم (رويترز) - حثت الأمم المتحدة يوم الخميس الدول التي لها نفوذ في أفريقيا على المساعدة في إنهاء الصراع في السودان بعد ورود أنباء عن إحراز تقدم في محادثات بين الجيش وقوات الدعم السريع لإعلان هدنة.
وهزت الاشتباكات منطقة الحلفايا، أحد مداخل العاصمة، في ساعة مبكرة من صباح اليوم إذ سمع السكان طائرات حربية تحلق فوق الخرطوم ومدينتي بحري وأم درمان المجاورتين وإن بدا القتال أهدأ مما كان عليه يوم الأربعاء.
ولم يظهر أي من الطرفين علنا استعداده لتقديم تنازلات لإنهاء الصراع الذي اندلع فجأة الشهر الماضي ويهدد بانزلاق السودان إلى حرب أهلية. وحصد القتال أرواح المئات وتسبب في أزمة إنسانية.
وقال مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك في جنيف إن طرفي الصراع السوداني ضربا عرض الحائط بالقانون الدولي الإنساني، وحث "جميع الدول التي لها نفوذ في المنطقة على العمل لحل هذه الأزمة بكل الوسائل الممكنة".
ونُقل عن القائد بالجيش السوداني الفريق ياسر العطا اليوم قوله إن المحادثات يجب أن تهدف إلى إخراج قوات الدعم السريع من الخرطوم ودمج مقاتليها في الجيش النظامي ومحاكمة قادتها.
وقال لصحيفة الشرق الأوسط "هدفنا من الحوار هو فقط إخراج القوات المتمردة من العاصمة وتحديد معسكر واحد لما تبقى منها للانضمام لوحدات القوات المسلحة للمستوفين شروط الخدمة العسكرية، والمتبقي منهم يسلم لمفوضية التسريح لتأهيله للحياة العامة. ومن الأهمية بمكان محاكمة قادة الدعم السريع الكبار لما اقترفوه من جرائم بحق الوطن والمواطن. فأي حوار بخلاف هذه النقاط هو تأجيل للحرب إلى وقت آخر"، مضيفا أن الجيش هزم قوات الدعم السريع في موقع رئيسي بالخرطوم.
في المقابل، قالت قوات الدعم السريع يوم الأربعاء إنها سيطرت على 95 بالمئة من مدن العاصمة واتهمت الجيش بمواصلة "ارتكاب العديد من الفظائع بحق المدنيين". ولم يتسن لرويترز التحقق من تلك التقارير بشكل مستقل.
وقال الطبيب المصري عبد العاطي المناعي، استشاري جراحات المسالك والعقم، المقيم في وسط الخرطوم رغم القتال لتقديم خدمات صحية للسكان، إن المرضى يسعون للحصول على مساعدة في كل شيء من الجروح والحروق حتى رعاية مرض السكري.
وأضاف المناعي، الذي كان بصدد إنشاء مجمع طبي عندما اندلع القتال، أنه في حي يقع وسط القتال ولذلك يعرف جيدا أن هناك أناسا في حاجة لاستشارات طبية.
وأضر القتال بالنظام المصرفي وأبطأ الواردات والصادرات كما أدى إلى نقص الوقود والسلع الرئيسية في الخرطوم، وقال وزير المالية جبريل إبراهيم يوم الخميس إنه يحاول حل المشكلة.
وأضاف جبريل "تأكدنا أن كل الإشكالات البسيطة الموجودة قابلة للحلول هنا في بورسودان. نؤكد للناس أن السلع حتنساب، حتتخلص بصورة طبيعية، ما حيكون فيه شح في السلع بسبب إجراءات مالية معقدة".
* محادثات جدة
تمثل المحادثات في مدينة جدة السعودية أكثر الجهود جدية حتى الآن لوقف القتال، وقال وسطاء أمريكيون يوم الأربعاء إنهم "يشعرون بتفاؤل حذر".
وانتُهكت اتفاقات سابقة لوقف إطلاق النار مرارا ليواجه المدنيون الذين لا حول لهم ولا قوة ظروفا مرعبة طغت عليها الفوضى وعمليات القصف مع انقطاع الكهرباء والمياه ونقص الطعام وانهيار النظام الصحي.
قالت منظمة الصحة العالمية إن أكثر من 600 شخص قُتلوا في السودان وأُصيب أكثر من خمسة آلاف جراء القتال. وأفادت وزارة الصحة بأن 450 على الأقل لقوا حتفهم في منطقة دارفور الغربية.
وفر كثيرون من الخرطوم ودارفور وتسبب القتال في نزوح 700 ألف داخل البلاد ولجوء 150 ألفا إلى الدول المجاورة، وفقا لإحصاءات الأمم المتحدة.
وتركز محادثات جدة على إعلان وقف لإطلاق النار والحصول على ضمانات لتأمين وصول المساعدات الإنسانية في بلد كان 16 مليونا من سكانه يعتمدون بالفعل على المساعدات قبل نشوب القتال.
قال كاميرون هدسون الباحث بمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن إنه قد يكون هناك ضغط كاف على الطرفين المتحاربين لإبرام اتفاق لكن تنفيذه أمر آخر.
وأضاف هدسون "هما محاصران في هذه المعركة حتى النهاية وسيوقعان على قطعة ورق وستحتفل واشنطن بنصر كبير، لكنني لا أعتقد أنه سيغير آليات الصراع".
ونددت دول غربية بالانتهاكات التي يرتكبها الجانبان خلال اجتماع لمجلس حقوق الإنسان في جنيف، لكن سفير السودان قال إن الصراع "شأن داخلي".
من جهة أخرى قال يفجيني بريجوجن رئيس مجموعة فاجنر العسكرية الروسية الخاصة، إن قواته لا تعمل في السودان منذ الإطاحة بالرئيس السابق عمر البشير في انتفاضة عام 2019.
وكان وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن قد قال الشهر الماضي إنه قلق بشأن مشاركة مجموعة فاجنر في السودان، رغم أنه لم يقدم دليلا.
(تغطية صحفية نفيسة الطاهر من القاهرة وعزيز اليعقوبي من الرياض وحاتم ماهر من دبي وإيما فارج وجابريل تيترو-فاربر من جنيف - إعداد رحاب علاء ومحمد محمدين للنشرة العربية - تحرير علي خفاجي)