من مارك تريفليان وكيفن ليفي
(رويترز) - ألح زعماء أفارقة يوم الجمعة على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين كي يمضي قدما في خطتهم للسلام لإنهاء الحرب الأوكرانية وتجديد اتفاق لتصدير الحبوب الأوكرانية انسحبت منه موسكو الأسبوع الماضي.
ولم ينتقد الزعماء روسيا مباشرة لكن كلماتهم في اليوم الثاني من قمة مع بوتين كانت أكثر اتساقا وقوة من تلك التي عبرت عنها الدول الأفريقية حتى الآن.
وجاءت كلماتهم كتذكير للرئيس الروسي بمدى عمق القلق الأفريقي من عواقب الحرب وتحديدا تأثيرها على ارتفاع أسعار المواد الغذائية.
وقال موسى فقي محمد، رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، لبوتين والزعماء الأفارقة في سان بطرسبرج "يتعين إنهاء هذه الحرب. ولا يمكن أن تنتهي إلا على أساس العدل والمنطق".
وأضاف "يتعين إنهاء الاضطرابات في إمدادات الطاقة والحبوب على الفور. يتعين تمديد اتفاق الحبوب لمصلحة جميع شعوب العالم، لا سيما الأفارقة".
وذكرت رويترز في يونيو حزيران أن الخطة الأفريقية وضعت سلسلة من الخطوات المحتملة لنزع فتيل الصراع تتضمن سحب القوات الروسية وإزالة الأسلحة النووية التكتيكية الروسية من روسيا البيضاء ووقف العمل بمذكرة المحكمة الجنائية الدولية لاعتقال بوتين وتخفيف العقوبات.
ورحب بوتين بالخطة لكن دون اكتراث كبير حين أرسلها الزعماء الأفارقة إليه الشهر الماضي. وقال يوم الجمعة إن موسكو تحترم المقترح وتدرسه بعناية.
وقال رئيس جمهورية الكونجو، دينيس ساسو نجيسو، إن المبادرة الأفريقية "تستحق أشد اهتمام، ولا يتعين التقليل من شأنها... ندعو مرة أخرى بإلحاح إلى استعادة السلام في أوروبا".
ودعا الرئيس السنغالي، ماكي سال، إلى "خفض التصعيد للمساعدة في إشاعة الهدوء". وعبر رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامابوسا عن أمله في أن تؤدي "المشاركة والمفاوضات البناءة" إلى إنهاء الصراع.
ودفع توالي الدعوات بوتين إلى التشبث بالدفاع عن موقف روسيا وتحميل أوكرانيا والغرب المسؤولية.
وقال إن كييف هي التي رفضت التفاوض معه بموجب مرسوم أصدرته بعد فترة وجيزة من إعلانه في سبتمبر أيلول الماضي ضم أربع مناطق أوكرانية تسيطر عليها روسيا جزئيا.
* "حقائق جديدة"
دأبت روسيا على قول إنها مستعدة للمحادثات لكن هذه المحادثات يتعين أن تأخذ في اعتبارها "الحقائق الجديدة" على الأرض.
ورفض الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي مبدأ وقف إطلاق النار الآن مما يترك روسيا مسيطرة على نحو خُمس أراضي بلاده ويمنح قواتها الوقت لإعادة ترتيب صفوفها بعد 17 شهرا من حرب طاحنة.
وقدم رئيس الاتحاد الأفريقي، غزالي عثماني، بعض الدعم لنهج بوتين، قائلا إن الزعيم الروسي أبدى استعداده للتحدث، و"الآن علينا إقناع الجانب الآخر".
وحث الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، في القمة روسيا على تجديد اتفاق حبوب البحر الأسود الذي سمح لأوكرانيا بتصدير الحبوب من موانئها البحرية على الرغم من الصراع، قبل رفض موسكو تجديده الأسبوع الماضي.
ومصر من المشترين الكبار للحبوب عبر طريق البحر الأسود، وقال السيسي إن من الضروري إحياء الاتفاق.
وأعاد بوتين ما قاله سابقا وهو أن ارتفاع أسعار الغذاء العالمية كان نتيجة لأخطاء السياسة الغربية التي سبقت الحرب الأوكرانية بفترة طويلة.
وأعاد بوتين قوله أيضا إن روسيا انسحبت من اتفاق البحر الأسود الأسبوع الماضي لأنها لم تقدم الحبوب إلى أفقر الدول كما أن الغرب لم يلتزم بالاتفاق.
ومنذ الانسحاب من الاتفاق، قصفت روسيا الموانئ الأوكرانية ومستودعات الحبوب، مما جعل أوكرانيا والغرب يتهمان روسيا بأنها تستخدم الغذاء كسلاح في الحرب، وجعل أسعار الحبوب العالمية ترتفع بنحو تسعة بالمئة.
وقدرت جمعية الحبوب الأوكرانية في مايو أيار أن أربعة ملايين طن من الحبوب الأوكرانية قد سُرقت منذ أن شنت روسيا غزوها في فبراير شباط من العام الماضي.
ووعد بوتين يوم الخميس بتقديم ما يصل إلى 300 ألف طن من الحبوب الروسية مجانا لست دول شاركت في القمة. ووصف الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش هذا بأنه "تبرعات زهيدة".
وقال عثماني إن عرض بوتين قد لا يكون كافيا وإن المطلوب هو وقف إطلاق النار.
ويسعى بوتين إلى استغلال الحدث لتوطيد علاقات بلاده بأفريقيا وحشد دعم القارة في مواجهة ما يصفه بالهيمنة الأمريكية والاستعمار الغربي الجديد.
وأدلى عدد كبير من الزعماء الأفارقة بكلمات ودية عن سجل موسكو في دعم بلدانهم في نضال التحرر في القرن العشرين. ووعد البيان الختامي بأن روسيا ستساعدهم في السعي للحصول على تعويض عن الأضرار التي سببها الحكم الاستعماري وتأمين استعادة الكنوز الثقافية المنهوبة من بلادهم.
أما زعيما مالي وجمهورية أفريقيا الوسطى اللذان اعتمدت حكومتي بلديهما كثيرا على خدمات مجموعة فاجنر العسكرية الروسية الخاصة فقد عبرا عن امتنانهما لبوتين.
وقال رئيس جمهورية أفريقيا الوسطى، فوستين أرشانج تواديرا، إن علاقات بلاده مع روسيا ساعدتها على إنقاذ ديمقراطيتها وتفادي حرب أهلية، وشكرها "على مساعدتنا في التصدي للهيمنة الأجنبية".
وقال اسيمي كويتا، الرئيس الانتقالي في مالي، لبوتين "أظهرتم براجماتية وواقعية في جهودكم للتوصل إلى اتفاق مع أوكرانيا".
(إعداد محمد حرفوش ودعاء محمد للنشرة العربية - تحرير رحاب علاء ومحمد محمدين وأيمن سعد مسلم)