طرابلس/القدس (رويترز) - أقال رئيس حكومة الوحدة الوطنية في ليبيا عبد الحميد الدبيبة وزيرة الخارجية نجلاء المنقوش يوم الاثنين في محاولة لاحتواء الغضب المتزايد بسبب اجتماعها مع نظيرها الإسرائيلي الأسبوع الماضي، الأمر الذي أثار احتجاجات في عدة مدن ليبية الليلة الماضية.
وقالت المنقوش إن اجتماعها مع وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين في روما لم يكن معدا له مسبقا وغير رسمي، لكن مسؤولا إسرائيليا قال لرويترز إنه استمر ساعتين وتمت الموافقة عليه من "أعلى المستويات في ليبيا".
وأثار الاجتماع الجدل لأن ليبيا لا تعترف رسميا بإسرائيل وهناك دعم شعبي واسع في الأوساط السياسية للقضية الفلسطينية. ويسعى الفلسطينيون إلى إقامة دولة مستقلة لهم على الأراضي التي احتلتها إسرائيل في حرب 1967.
وأدى الخلاف حول الاجتماع إلى تأجيج الأزمة السياسية في ليبيا، مما أعطى معارضي الدبيبة فرصة لانتقاده في وقت تثار فيه التساؤلات حول مستقبل حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة.
ولا تزال ليبيا بدون حكومة مركزية مستقرة منذ الإطاحة بمعمر القذافي في عام 2011. ولا تعترف بعض الفصائل الرئيسية بحكومة الدبيبة المؤقتة، التي تتولى السلطة منذ عام 2021، وهناك زخم سياسي متزايد لاستبدالها بحكومة جديدة بهدف إجراء انتخابات عامة.
وتظاهر محتجون أمام وزارة الخارجية الليبية في وقت متأخر من مساء يوم الأحد، مما سبب بعض الأضرار خارج المبنى، حيث ظهر تواجد أمني كثيف في وقت مبكر يوم الاثنين. وخرجت احتجاجات في أجزاء أخرى من طرابلس ومدن أخرى.
وأغلق المحتجون بعض الطرق الرئيسية في طرابلس بإطارات مشتعلة يوم الاثنين ورُفع العلم الفلسطيني في وسط بنغازي، لكن لم تظهر أي علامات على وقوع أعمال عنف.
وحاول مكتب المنقوش في ساعة متأخرة من مساء يوم الأحد تهدئة الغضب بالبلاد فقال إن الوزيرة رفضت طلبا لعقد اجتماع رسمي مع كوهين لكنهما التقيا خلال "لقاء عارض غير رسمي وغير معد مسبقا أثناء لقاء مع وزير الخارجية الإيطالي" أنطونيو تاياني.
لكن المسؤول الإسرائيلي شكك في هذه الرواية. وقال "تم التنسيق للاجتماع على أعلى المستويات في ليبيا واستمر قرابة ساعتين. يرى رئيس الوزراء الليبي أن إسرائيل هي جسر محتمل إلى الغرب وإلى الإدارة الأمريكية".
وقال مسؤول ليبي ثان إن الدبيبة طلب من إيطاليا ترتيب الاجتماع أملا في الحصول على دعم أمريكي ودولي أقوى للحكومة المؤقتة.
وأضاف المسؤول "الحكومة متخوفة من أن يضعف الدعم الدولي أو يختفي".
وقال مصدر دبلوماسي في إيطاليا إن وزارتي الخارجية في ليبيا وإسرائيل كانتا على اتصال "لبعض الوقت" قبل الاجتماع دون مشاركة إيطاليا، لكنهما طلبتا من روما مساعدتهما في تحديد مكان للاجتماع.
ومنذ عام 2020 طبعت إسرائيل العلاقات مع الإمارات والبحرين والمغرب والسودان في إطار ما تسمى "اتفاقيات إبراهيم" التي توسطت فيها الولايات المتحدة.
* الدبلوماسية
حرصت حكومة الوحدة الوطنية، التي يرأسها الدبيبة، على تعزيز العلاقات مع جميع الدول الضالعة في الأزمة الليبية، ومن بينها الإمارات والولايات المتحدة الحليف الرئيسي لإسرائيل.
ويوم الأحد قال البرلمان الليبي، الذي يتخذ من شرق ليبيا مقرا له ويعارض حكومة الوحدة الوطنية، إنه سيعقد جلسات بشأن الاجتماع مع الوزير الإسرائيلي. وطلب المجلس الرئاسي، الذي يتخذ من طرابلس مقرا له، من الدبيبة توضيح أمر الاجتماع الذي ندد به المجلس الأعلى للدولة، وهو هيئة مهمة أخرى.
وبعد القتال الذي شهدته طرابلس الشهر الجاري، يراقب العديد من الليبيين ما إذا كانت الفصائل المسلحة المعارضة للدبيبة ستستخدم النزاع كذريعة للتحرك ضده.
وركزت الجهود الدبلوماسية على إجراء الانتخابات العامة من أجل حل الصراع. وقال مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا الأسبوع الماضي إن هناك حاجة لتشكيل حكومة وحدة جديدة لإجراء الانتخابات، مما أثار تساؤلات بشأن الدعم الدولي للدبيبة.
ولدى إيطاليا وحدة عسكرية صغيرة في ليبيا إلى جانب عقود نفط وغاز، وعبرت عن رغبتها في وقف الهجرة من الشواطئ الليبية إلى أراضيها.
وقال فرانشيسكو جاليتي، رئيس شركة بوليسي سونار لاستشارات المخاطر السياسية ومقرها روما، إن استضافة رئيسة الوزراء الإيطالية جورجا ميلوني للاجتماع هدفت إلى رفع مكانة إيطاليا الدبلوماسية لكن هذه الخطوة ثبت أنها جاءت "بنتيجة عكسية".
(إعداد أميرة زهران ونهى زكريا ومحمد عطية للنشرة العربية - تحرير سها جادو ومحمد محمدين)