من رهام الكوسى وعبد العزيز بومزار
رميش (لبنان) (رويترز) - على الحدود اللبنانية مع إسرائيل، يراود الأمل سكان قرية مسيحية في أن تنجو قريتهم من ويلات الحرب لكنهم في الوقت نفسه يعدون العدة لاحتمالات تفاقم أعمال القتال بين جماعة حزب الله اللبنانية وإسرائيل.
وتقع قرية رميش على بعد بضعة كيلومترات فحسب من الحدود، وكابدت القرية بالفعل ويلات ثلاثة أسابيع من الاشتباكات على طول الحدود بين إسرائيل وحزب الله المدعوم من إيران الذي يهيمن على جنوب لبنان.
وفر نصف سكانها شمالا منذ أن بدأت القذائف تتساقط على التلال القريبة. وأضر تعطل موسم حصاد الزيتون بمعايشهم أكثر مما أضرت بها أعمال العنف التي شهدها جنوب لبنان منذ الحرب بين حزب الله وإسرائيل عام 2006.
وتعيش القرية أيضا حالة الاضطراب التي تعم لبنان نتيجة الصراع الدائر على بعد نحو 200 كيلومتر بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، حليفة حزب الله المدجج بالسلاح.
ويتحاشى السكان الذين ظلوا مقيمين في رميش التفكير في الأزمة التي دفعت بالصراع إلى أعتاب منازلهم، ويحاولون المضي قدما في عيش حياة طبيعية في القرية التي ما زالت كنيستها التي تعود إلى القرن الثامن عشر تقيم ثلاثة قداديس يوميا.
وقال كاهن القرية طوني إلياس (40 عاما) بينما كانت طائرة عسكرية مسيرة تحلق في سماء المنطقة "حاسين نوعا ما، ما بدي (لا أريد) أقول بكتير أمان لكن الوضع ستابل (مستقر) يعني فيه استقرار معين".
وأضاف الكاهن أنهم اعتادوا على سماع صوت الطائرات المسيرة على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع.
ورميش واحدة من نحو عشر قرى مسيحية أو أكثر قرب الحدود مع إسرائيل في جنوب لبنان الذي تسكنه أغلبية شيعية. وخلال حرب عام 2006، لجأ نحو 25 ألف شخص من البلدات المحيطة إلى رميش.
وتلوح في الأفق ذكريات صراع عام 2006 بشكل كبير. وأقام سكان رميش المحليون والجمعيات الخيرية مستشفى مؤقتا في إحدى المدارس، تحسبا لتفاقم الاشتباكات بين حزب الله وإسرائيل التي اقتصرت إلى حد كبير حتى الآن على المناطق الواقعة على الحدود.
وقال جورج ماضي وهو طبيب من القرية إنهم أقاموا المستشفى الميداني تحسبا لتفاقم الأمور ولما قد ينشأ من ظروف كما حدث في حرب يوليو تموز 2006.
* الحرب والسلام
وتؤثر التوترات على الاقتصاد المحلي مما يؤدي إلى تفاقم الصعوبات التي يواجهها السكان الذين لا يزالون يعانون من آثار الانهيار المالي المدمر الذي حدث في لبنان قبل أربع سنوات.
وقال شربل العلم (58 عاما) الذي يستمد دخله من زراعة التبغ، وهي صناعة مهمة تاريخيا في جنوب لبنان إنه إذا طال أمد الحرب، لن يستطيع البقاء في القرية.
وأضاف أنه في حرب 2006 جفت نباتات التبغ في الحقول ولم يتمكن أحد من حصادها.
صحيح أن المزارعين تمكنوا من جمع محصول هذا العام، لكن الشكوك تساورهم حول قدرتهم على زراعة محصول العام المقبل. وقال كثيرون من السكان المحليين إن الأعمال التجارية في رميش توقفت عموما.
وعلى عكس المناطق المحيطة، لا يوجد أي أثر لراية حزب الله باللونين الأصفر والأخضر في رميش.
وتجنب رئيس بلدية رميش، ميلاد العلم، توجيه أي انتقاد لحزب الله، وقال إن الجيش اللبناني يجب أن يكون القوة العسكرية الوحيدة في لبنان، وهو الرأي الذي عبر عنه معارضو حزب الله الذين يقولون إن ترسانته قوضت الدولة.
وقال العلم "ما في أي ملجأ، ولا مواطن عنده ملجأ... يعني لو فيه ملجأ أو طابق اندر جراوند (تحت الأرض) بيساع (يسع) 10 أو 15 (شخص) بس ما في طابق بيساع 4500 (عدد سكان القرية)... وهايدي كمان من مساوئ الدولة، إذا كان فيه حرب المفروض هي تأمننا (توفر لنا الأمان)".
وأضاف "إحنا (نحن) ما بنتواصل (لا نتواصل) إلا مع الجيش اللبناني... مش إحنا اللي بأيدنا (ليس بأيدينا) قرار الحرب يعني لو كان القرار بأيدنا كان الوضع غير هيك (مختلف)".
وقال "في حرب تموز (يوليو) 2006 من أول ساعة في الحرب قطعوا كل الطرقات والأهالي بقيوا هونا (مكثوا هنا) لليوم السبعتاشر (السابع عشر)... (لا يريدون أن) يتركوا الضيعة وما كان عندهم ولا شيء... ولا أدوية (عقاقير) ولا شيء".
وقال القس إلياس إنه واثق من أن رميش لن تتعرض للقصف وأضاف "في النهاية عارفين أن ما في شيء راح يصير بقلب الضيعة... اتكال (توكلا) على ربنا. هذا هو الاستابل (الاستقرار) وطالما موجودين وطالما هيك عايشين بقلب الضيعة... إذا بدك (يمكنك القول إنه لا يوجد) النية باتجاهنا أو من قبالنا، ما بدنا حرب ما بدنا شيء احنا ضيعة مسالمة".
(إعداد محمد حرفوش للنشرة العربية - تحرير أيمن سعد مسلم)