(رويترز) - نشبت الحرب بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) بعد أن اقتحمت الحركة المسلحة بلدات وتجمعات سكانية إسرائيلية على الحدود مع غزة في هجوم مفاجئ يوم السابع من أكتوبر تشرين الأول. وهذه الحرب هي الأحدث في صراع مستمر منذ سبعة عقود بين الإسرائيليين والفلسطينيين أدى إلى زعزعة الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط.
وقتل مسلحو حماس نحو 1400 إسرائيلي، معظمهم من المدنيين، وأخذوا 229 رهينة.
وردت إسرائيل بقصف قطاع غزة جوا قبل أن تتوغل القوات والدبابات في القطاع الساحلي الضيق في هجوم بري أُعلن أن هدفه هو القضاء على حماس.
وقالت السلطات الطبية في قطاع غزة الذي تديره حماس يوم الأربعاء إن القصف الإسرائيلي أودى بحياة 8796، من بينهم 3648 طفلا.
* ما أصل الصراع؟
يضع الصراع المستعصي على الحل المطالب الإسرائيلية بالأمن، في منطقة تعتبرها منذ وقت طويل معادية لها، في مواجهة تطلعات الفلسطينيين في إقامة دولتهم.
وترفض حماس حل الدولتين وتعهدت بتدمير إسرائيل.
ووافقت الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1947 على خطة لتقسيم فلسطين إلى دولتين عربية ويهودية وفرض حكم دولي على القدس. ووافق زعماء اليهود على الخطة التي تمنحهم 56 بالمئة من أراضي فلسطين. ورفضت الجامعة العربية هذا الاقتراح.
وأعلن الأب المؤسس لإسرائيل، ديفيد بن جوريون، دولة إسرائيل الحديثة في 14 مايو أيار 1948، ليؤسس ملاذا آمنا لليهود الفارين من الاضطهاد والراغبين في إقامة وطن قومي على الأرض التي يقولون إن لهم بها روابط عميقة تعود إلى عصور سحيقة.
غير أن العنف ظل يتصاعد بين اليهود والعرب، وهاجمت قوات من خمس دول عربية إسرائيل بعد يوم واحد من تأسيسها.
وفي الحرب التي تلت إعلان دولة إسرائيل، فر نحو 700 ألف فلسطيني، أي نصف السكان العرب في فلسطين التي كانت خاضعة للانتداب البريطاني، أو طُردوا من منازلهم، وانتهى بهم المطاف في الأردن ولبنان وسوريا وأيضا في غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية.
ويصف الفلسطينيون ذكرى قيام دولة إسرائيل بأنها نكبة أدت إلى تجريدهم من ممتلكاتهم جماعيا وأجهضت أحلامهم في إقامة دولة.
وأوقفت اتفاقات هدنة القتال في عام 1949 لكن بدون سلام رسمي.
ويشكل الفلسطينيون الذين بقوا بعد الحرب وأحفادهم اليوم نحو 20 بالمئة من سكان إسرائيل.
* ما الحروب الكبرى التي دارت رحاها منذ ذلك الحين؟
في عام 1967، وجهت إسرائيل ضربة استباقية لمصر وسوريا، وبدأت حرب الأيام الستة. واستولت إسرائيل على الضفة الغربية، والقدس الشرقية العربية من الأردن، وهضبة الجولان من سوريا، وقطاع غزة من مصر، واحتلتها منذئذ.
وقدر تعداد سكاني إسرائيلي في ذلك العام أن عدد سكان غزة يبلغ 394 ألف نسمة و60 بالمئة منهم على الأقل من اللاجئين الفلسطينيين وأحفادهم.
وفي السادس من أكتوبر (EGX:OCDI) تشرين الأول عام 1973، شنت مصر وسوريا هجوما مباغتا على المواقع الإسرائيلية على طول قناة السويس والجولان. ثم دفعت إسرائيل كلا الجيشين إلى التراجع في غضون ثلاثة أسابيع.
وغزت إسرائيل لبنان عام 1982 وتم إجلاء آلاف المقاتلين الفلسطينيين بقيادة ياسر عرفات بحرا بعد حصار دام عشرة أسابيع. وانسحبت القوات الإسرائيلية من لبنان في عام 2000.
وفي عام 2005، سحبت إسرائيل المستوطنين والجنود من جانب واحد من غزة التي انتزعت السيطرة عليها من مصر عام 1967. وفازت حماس في انتخابات برلمانية عام 2006 وفرضت سيطرتها بالكامل على القطاع في عام 2007. وشهدت غزة تصعيدا كبيرا للقتال بين المسلحين الفلسطينيين وإسرائيل في أعوام 2006 و2008 و2012 و2014 و2021.
وفي عام 2006، أسر مقاتلو جماعة حزب الله اللبنانية المدعومة من إيران جنديين إسرائيليين في المنطقة الحدودية المضطربة وشنت إسرائيل عملا عسكريا مما أدى إلى حرب استمرت ستة أسابيع.
وبالإضافة إلى الحروب، حدثت انتفاضتان فلسطينيتان، بين عامي 1987 و1993، وبين عامي 2000 و2005. وشهدت الثانية موجات من التفجيرات الانتحارية نفذتها حماس ضد الإسرائيليين، وقصفا جويا ومدفعيا إسرائيليا على المدن الفلسطينية.
* ما محاولات صنع السلام؟
في عام 1979، وقعت مصر وإسرائيل معاهدة سلام أنهت 30 عاما من العداء.
وفي عام 1993، تصافح رئيس الوزراء الإسرائيلي إسحق رابين وياسر عرفات، زعيم منظمة التحرير الفلسطينية، في إطار اتفاقات أوسلو التي منحت الفلسطينيين حكما ذاتيا محدودا. وفي عام 1994، وقعت إسرائيل معاهدة سلام مع الأردن.
وشارك الرئيس بيل كلينتون ورئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود باراك وعرفات في قمة كامب ديفيد عام 2000، لكنهم لم يتمكنوا من التوصل لاتفاق سلام نهائي.
وفي عام 2002، عرضت خطة للجامعة العربية على إسرائيل إقامة علاقات طبيعية مع جميع الدول العربية مقابل الانسحاب الكامل من الأراضي التي استولت عليها في حرب 1967، وإقامة دولة فلسطينية و"حل عادل" للاجئين الفلسطينيين. لكن حماس فجرت فندقا إسرائيليا كان يغص بناجين من المحرقة في عيد الفصح اليهودي، لتلقي هذه الواقعة بظلالها على الخطة.
وتعثرت جهود السلام الأخرى منذ عام 2014 حين فشلت المحادثات بين الإسرائيليين والفلسطينيين في واشنطن.
وامتنع الفلسطينيون عن التعامل مع إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في الفترة من 2017 إلى 2021 حين تراجعت عن السياسة الأمريكية المستمرة منذ عقود باعترافها بالقدس عاصمة لإسرائيل. ويسعى الفلسطينيون إلى إقامة دولة مستقلة لهم تكون عاصمتها القدس الشرقية.
* أين وصلت جهود السلام الآن؟
ركزت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن على محاولة التوصل إلى "صفقة كبيرة" في الشرق الأوسط تتضمن تطبيع العلاقات بين إسرائيل والسعودية.
وأحدثت الحرب الجارية حاليا حرجا دبلوماسيا للرياض ودول عربية أخرى مجاورة للسعودية في الخليج وقعت اتفاقيات سلام مع إسرائيل.
* ما القضايا الإسرائيلية الفلسطينية الرئيسية؟
يكمن في لب النزاع قضايا حل الدولتين والمستوطنات الإسرائيلية على الأراضي المحتلة ووضع القدس والحدود المتفق عليها ومصير اللاجئين الفلسطينيين.
بالنسبة لحل الدولتين، فهو يتمثل في اتفاق يقيم دولة للفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة إلى جانب إسرائيل. وترفض حماس حل الدولتين وتألوا على نفسها تدمير إسرائيل. وقالت إسرائيل إن الدولة الفلسطينية يتعين أن تكون منزوعة السلاح حتى لا تهدد أمنها.
أما المستوطنات، تعتبر معظم الدول المستوطنات اليهودية المقامة على الأراضي التي احتلتها إسرائيل عام 1967 غير قانونية. وترفض إسرائيل ذلك وتستشهد بعمق روابطها التاريخية والتوراتية بهذه الأراضي. والتوسع الاستيطاني المستمر من بين القضايا الأكثر إثارة للجدل بين إسرائيل والفلسطينيين والمجتمع الدولي.
وفيما يتعلق بالقدس، يريد الفلسطينيون أن تكون القدس الشرقية، التي تضم مواقع ذات مكانة دينية خاصة لدى كل من المسلمين واليهود والمسيحيين، عاصمة لدولتهم. وتقول إسرائيل إن القدس يجب أن تظل عاصمتها "الأبدية غير القابلة للتقسيم".
ولا تحظى مطالبة إسرائيل بالجزء الشرقي من القدس باعتراف دولي. واعترف ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل، دون أن يحدد نطاق ولايتها القضائية في المدينة المتنازع عليها، ونقل السفارة الأمريكية إلى هناك عام 2018.
أما عن اللاجئين، يعيش اليوم نحو 5.6 مليون لاجئ فلسطيني، معظمهم من نسل الذين فروا في عام 1948، في الأردن ولبنان وسوريا والضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل وغزة. وتقول وزارة الخارجية الفلسطينية إن نحو نصف اللاجئين المسجلين مازالوا بلا جنسية ويعيش كثيرون منهم في مخيمات مكتظة.
ولطالما طالب الفلسطينيون بالسماح للاجئين بالعودة إلى جانب الملايين من أحفادهم. وتقول إسرائيل إن أي إعادة توطين للاجئين الفلسطينيين يتعين أن تكون خارج حدودها.
(إعداد محمد حرفوش ونهى زكريا ومحمد أيسم للنشرة العربية - تحرير محمد اليماني)