من فادي شناعة ومحمد سالم
خان يونس (رويترز) - قال سكان حي أبو طعيمة على مشارف مدينة خان يونس في قطاع غزة، عندما عادوا إلى منازلهم ليجدوا أن حيهم دمرته القنابل، إن القطاع بحاجة إلى وقف دائم لإطلاق النار وليس مجرد تمديد للهدنة بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس).
وفر السكان من المنطقة الواقعة على الطرف الشرقي للمدينة مع بداية الحرب ولم يعودوا حتى الهدنة التي دخلت يومها السادس يوم الأربعاء.
وقال جهاد نبيل، الذي تزوج في الآونة الأخيرة وكان يعيش مع زوجته في أبو طعيمة "اتفاجئنا بهذا الدمار، اتفاجئنا في بيوتنا، في شوارعنا، في أراضينا، في حواشنا، في كل إشي دمار".
وذكر وهو يقف على سطح يطل على المباني المدمرة وأكوام الركام الممتدة على مرمى البصر أن المنطقة كانت موطنا لنحو خمسة أو ستة آلاف شخص قبل الحرب. وتساءل إلى أين سيذهبون.
وأضاف "بيتي كله رايح، بيت أخوي، بيت عمي، بيت جاري، كل البيوت يعني دمار. هادي الهدنة ما بتلزمنا، إحنا بدنا وقف إطلاق نار"، وقال إن ما يراه يشبه منطقة ضربها زلزال.
وبينما كان نبيل ورجل آخر يجلسان على السطح ويتحدثان ويدخنان الشيشة، جلست مجموعة من الأطفال بالأسفل حول نار صغيرة موقدة فوق كومة من الركام وقاموا بتسخين الخبز وتقاسموه بينهم.
وصعد ثلاثة أطفال على هيكل سيارة مدمرة وأخذوا مواضعهم أمام كاميرا رويترز تحيط بهم الكابلات (TADAWUL:2370) الملتوية وكتل الخرسانة.
وبدأت الحرب في السابع من أكتوبر تشرين الأول عندما شن مسلحو حماس هجوما على جنوب إسرائيل، مما أسفر عن مقتل 1200 شخص، من بينهم رضع وأطفال، واقتياد حوالي 240 رهينة من جميع الأعمار إلى قطاع غزة، وفقا للإحصاءات الإسرائيلية.
وتعهدت إسرائيل بالقضاء على حماس وشنت هجوما على غزة أدى إلى مقتل أكثر من 15 ألف شخص، 40 بالمئة منهم من الأطفال، وفقا لمسؤولي الصحة في القطاع. كما أدى إلى نزوح معظم السكان إلى المدارس والمخيمات.
* راح في لحظة واحدة
قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش إن الحرب أدت إلى نزوح 80 بالمئة من سكان غزة من منازلهم ووصف يوم الأربعاء الوضع بأنه كارثة إنسانية ملحمية.
وتفقد عبد الرحمن أبو طعيمة، وهو أحد أفراد العشيرة التي أعطت المنطقة اسمها، شقته التي تعرضت للقصف وانتشل ملابس وحُشية وردية اللون من تحت الأنقاض.
وقال "أنا إلّي 30 سنة بناطح وبكد وبتعب وبشتغل في هاي البلد"، مضيفا أن الحياة كانت صعبة حتى قبل الحرب بسبب الحصار الذي تفرضه إسرائيل على غزة والإجراءات الأمنية المصرية المشددة على الحدود منذ عام 2007 عندما سيطرت حماس على القطاع.
وأردف "الفلوس ما كانت بتيجي بالساهل، فجأة شغل 30 سنة وشقى 30 سنة يروح في لحظة واحدة. في صاروخ واحد يودي الشقا هذا كله. طب ليش هاي؟ ما حد يوقف المهزلة هاي... لازم الدول العربية كلها تتحرك لحتى يوقفوا هاي المجازر".
وطلبت إسرائيل من الفلسطينيين الذين يعيشون في شمال غزة من بداية هجومها الانتقال إلى جنوب القطاع الذي يضم خان يونس وضواحيها.
ومع ذلك، قصفت القوات الإسرائيلية الجنوب أيضا ولكن بشكل أقل كثافة من الشمال. وتقول إسرائيل إنها تستهدف البنية التحتية لحماس وتتهمها بتعريض المدنيين للأذى حين تستخدمهم دروعا بشرية.
وتواصلت جهود دبلوماسية يوم الأربعاء لإطالة أمد الهدنة التي أتاحت فرصة لإدخال المزيد من شاحنات المساعدات إلى غزة وتحرير بعض الرهائن الإسرائيليين والأجانب والإفراج أيضا عن بعض المعتقلين الفلسطينيين من السجون الإسرائيلية.
لكن أبو طعيمة قال إن الهدنة القصيرة لا تكفي وإنه يتوق إلى حل دائم للصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
وأضاف "إحنا تعبنا، إحنا من أول ما خلقنا على الدنيا وإحنا قاعدين بنطلع على الحرب وعلى الدمار إللي بيسير فينا هاد، كل ما بنعمر بيجيك حرب أشرس وأشنع من اللي فاتت".
(إعداد نهى زكريا للنشرة العربية - تحرير أيمن سعد مسلم)