من أحمد رشيد وتيمور أزهري
بغداد (رويترز) - قالت وسائل إعلام عراقية رسمية إن نحو 41 بالمئة من الناخبين أدلوا بأصواتهم في أول انتخابات لمجالس المحافظات تجرى منذ عشر سنوات والتي من المرجح أن تُحكم قبضة الائتلاف الشيعي الحاكم على السلطة في ظل مقاطعة رجل الدين الشعبوي مقتدى الصدر المنافس الرئيسي.
ويُنظر إلى التصويت على أنه اختبار للديمقراطية العراقية حديثة العهد التي أرستها الولايات المتحدة بعد الإطاحة بصدام حسين في عام 2003 قبل الانتخابات البرلمانية المقررة في عام 2025 والتي ستحدد توازن القوى في دولة حققت فيها الجماعات وثيقة الصلة بإيران مكاسب على الساحتين السياسية والاقتصادية في السنوات القليلة الماضية.
وذكرت وسائل الإعلام الرسمية مساء الاثنين أن حوالي 6.6 مليون ناخب أدلوا بأصواتهم من بين أكثر من 16.1 مليون ناخب يحق لهم التصويت. ويتوقع إعلان النتائج الأولية يوم الثلاثاء.
وتطابقت نسبة إقبال الناخبين بشكل كبير مع الانتخابات البرلمانية لعام 2021 والتي بلغت نسبة التصويت فيها 41 بالمئة أيضا.
وتتزايد لا مبالاة الناخبين بعمليات الاقتراع خاصة وأن أغلبهم من الشباب الذين يشعرون بأنهم لم يلمسوا فوائد ثروة العراق النفطية الهائلة والتي تم توجيه قسم كبير منها بشكل خاطئ أو سُرق في بلد يصنف بين أكثر دول العالم فسادا.
ودعا كبار السياسيين إلى الإقبال على التصويت في تصريحات لوسائل الإعلام بعد الإدلاء بأصواتهم في مركز خاص أقيم لكبار المسؤولين في قاعة فخمة بأحد أرقى فنادق بغداد.
وهناك ما يزيد عن 16 مليون عراقي مسجلون للتصويت يوم الاثنين لكن هذا أقل مما كان عليه في الانتخابات البرلمانية لعام 2021 عندما قالت السلطات إن 22 مليونا مؤهلون للتصويت. وبلغت نسبة المشاركة حينها 41 بالمئة.
وقال علي أسود (39 عاما) وهو يقوم بإعداد كوب من الشاي بجوار متجره الخشبي في مقابل مركز اقتراع بوسط بغداد إن قضاء حتى ولو خمس دقائق في التصويت إهدار كبير للوقت.
وأضاف "لن أصوت مرة أخرى، كانوا يقولون لنا إن الديمقراطية ستساعدنا في تحسين حياتنا ولكن لم يحصل أي شيء"، مضيفا أن ابنيه بلا عمل.
وتابع قائلا "الانتخابات هي عبارة عن مسابقة للكلمات دون أفعال، والديمقراطية ما هي إلا كذبة كبيرة".
لكن بعض الناخبين قالوا إنهم لا يزالوا يؤمنون بالنظام.
وقال عقيل الأسعدي (58 عاما) الذي يعمل مدير مدرسة "لم أفوت أي فرصة للانتخاب منذ عام 2005 لأني اؤمن بالتغيير".
وأضاف "يوما ما ستنتصر الديمقراطية، إن لم يكن من أجلنا فمن أجل أطفالنا".
وأجريت آخر انتخابات محلية في عام 2013 وتأجل إجراؤها منذ ذلك الحين بسبب الحرب ضد مسلحي تنظيم الدولة الإسلامية الذين سيطروا على أجزاء كبيرة من العراق ولكن الهزيمة لحقت بهم في نهاية المطاف.
وتحسن الأمن في البلاد تدريجيا منذ ذلك الحين وتحول التركيز العام إلى الخدمات الحكومية المتداعية وارتفاع معدلات البطالة والفساد المتفشي، وهي القضايا التي كانت في قلب الاحتجاجات الحاشدة لعام 2019 التي قمعتها قوات الأمن بعنف.
ويتابع مراقبون عن كثب مدينة كركوك النفطية، حيث تجري الانتخابات للمرة الأولى منذ عام 2005، وحيث تصاعدت التوترات بين المجموعات العرقية مؤخرا وتحولت إلى أعمال عنف مميتة لا سيما بين الأكراد والعرب والتركمان.
وقال آزاد عارف، وهو كردي يبلغ من العمر 58 عاما، إنه يأمل أن تسمح الانتخابات لسكان كركوك "بالتعايش السلمي".
* قوة متنامية
من المرجح أن يسيطر خصوم الصدر من الشيعة، الذين عرقلوا محاولته لتشكيل حكومة بعد فوزه في الانتخابات البرلمانية عام 2021، على معظم مجالس المحافظات لا سيما في المحافظات الجنوبية التي تقطنها أغلبية شيعية.
ومن شأن هذا أن يعزز قوة الائتلاف الشيعي الحاكم المعروف باسم الإطار التنسيقي المقرب من إيران ويعمق قوته من خلال الوصول إلى ثروات البلاد النفطية التي يمكن إنفاقها على المشروعات والخدمات المحلية.
ويشكل التحالف بالفعل أكبر كتلة في البرلمان بعد انسحاب أعضاء حزب الصدر.
وقال الصدر، وهو زعيم شعبوي قدم نفسه كمعارض قوي لكل من إيران والولايات المتحدة، إن الانتخابات ستعزز هيمنة الطبقة السياسية الفاسدة.
ويجري التصويت في 15 محافظة من محافظات العراق وعددها 18 لاختيار 285 من أعضاء المجالس الذين تشمل مهامهم تعيين محافظين والإشراف على الإدارة المحلية.
ويتنافس أعضاء الائتلاف الشيعي على عدة قوائم، حيث شكل رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي قائمته الخاصة بينما تخوض جماعات مدعومة من إيران ذات أجنحة مسلحة قائمة أخرى، لكنهم قالوا إنهم سيحكمون معا بعد الانتخابات.
ويتنافس أقوى زعيمين من المسلمين السنة في البلاد، وهما رئيس البرلمان المخلوع محمد الحلبوسي وقطب الأعمال خميس خنجر، معا.
وقال سجاد جياد، المحلل العراقي والزميل في مؤسسة القرن للأبحاث، إن انخفاض نسبة إقبال الناخبين المتوقع لا يشكل تهديدا للنظام السياسي.
وأضاف "النخبة السياسية غير منزعجة بشكل كبير، وغير قلقة بشكل كبير.
"(بين الجمهور) هناك شعور بأن نتائج الانتخابات لا تهم حقا، لأنه في النهاية، نفس الوجوه هي التي ستهيمن على السياسة في نهاية المطاف".
(إعداد حسن عمار وسامح الخطيب ومحمود رضا مراد للنشرة العربية - تحرير سلمى نجم ومحمد محمدين)