من ميشيل نيكولز وتوم بيري وجابرييل تترو فاربير
نيويورك/بيروت/جنيف (رويترز) - قالت منظمات إغاثة إن أي وقف لعمليات وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) بسبب اتهامات إسرائيلية بأن بعض موظفيها شاركوا في هجوم حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) في السابع من أكتوبر تشرين الأول قد يعرقل الجهود الإنسانية بأكملها في غزة المدمرة.
ويطالب مانحون بإجراء تحقيق سريع قبل استئناف التمويل لكنهم أشادوا بعمل أونروا في غزة واستجابتها حتى الآن بخصوص الاتهامات.
وترى أونروا أنها استجابت بسرعة وشفافية لادعاءات إسرائيل التي جاءت في وقت تواجه فيه تل أبيب قضية إبادة جماعية في محكمة العدل الدولية تتعلق بالحرب في غزة وبعد سنوات من مطالبتها بحل الوكالة.
وتسبب الهجوم الإسرائيلي على القطاع الفلسطيني في حدوث أزمة إنسانية هي الأكثر حدة في العالم مع تشريد 85 بالمئة من سكان غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة والتسبب في تضور أعداد كبيرة منهم جوعا وإصابة آخرين بالمرض.
وتحتل أونروا مكانة القلب في جميع أعمال الإغاثة في غزة بموظفيها البالغ عددهم 13 ألفا في القطاع، وبمراكزها الطبية ومدارسها التي يستخدم كثير منها الآن كملاجئ مكدسة ومراكز لوجستية.
وقالت شاينا لو، المتحدثة باسم المجلس النرويجي للاجئين، إن "نظام المساعدات برمته في غزة سيكون أقرب إلى نقطة الانهيار"، وإن أونروا "حيوية في تنسيق المساعدات وتوفير المأوى".
وقال المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك "لا توجد منظمة أخرى غير أونروا لديها البنية التحتية للاضطلاع بعملها".
وعلق نحو 15 دولة من أهم المانحين للوكالة، ومن بينهم الولايات المتحدة وألمانيا، التمويل بسبب مزاعم إسرائيل.
وقالت جولييت توما، المتحدثة باسم أونروا، إن نحو 440 مليون دولار معرضة للخطر.
وقالت منظمة "أكشن إيد" الخيرية إن "قرار تعليق التمويل من هذه الدول يعادل حكما بالإعدام على الفلسطينيين".
وتنخرط الوكالة والأمم المتحدة على نطاق أوسع الآن في سباق لإقناع المانحين بأنهم استجابوا بشكل ملائم للاتهامات الإسرائيلية قبل نفاد الأموال في نهاية فبراير شباط.
* استباقي
لم تتضح المدة التي قد يستغرقها التحقيق الذي يجريه مكتب الرقابة التابع للأمم المتحدة. وقال المتحدث باسم الأمم المتحدة دوجاريك إنه من المهم أن يكون التحقيق شاملا و "لا يرقى إليه شك" وسريعا أيضا.
واتهم المتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية إيلون ليفي أونروا بالعمل "كواجهة لحماس" وقال إن المشكلة "ليست في بعض العناصر الفاسدة" بل في الفشل المنهجي في معالجة الاتهامات بدعم التطرف في صفوفها.
وردا على هذه التصريحات، قالت توما إن أونروا أمرت في 17 يناير كانون الثاني بإجراء مراجعة مستقلة للتأكد من حقيقة الادعاءات القائمة منذ فترة طويلة والتي تطال أونروا وموظفيها.
وحدثت صدمة عميقة داخل المنظمة بسبب اتهام 12 موظفا بالمشاركة في هجوم حماس الذي أسفر عن مقتل 1200 شخص بحسب قول إسرائيل.
وقالت توما "إذا كانت هذه الادعاءات صحيحة، فهي خيانة لقيم الأمم المتحدة وخيانة للأشخاص الذين نخدمهم".
وتقول المنظمة إنها تصرفت بسرعة على الرغم من أن إسرائيل لم توجه لها اتهامات مباشرة إلا فيما يتعلق بنحو 12 موظفا، في حين تسربت مزاعم إلى وسائل الإعلام بأن عددا أكبر من الموظفين لهم صلات بحماس.
وقالت توما "تبنت أونروا نهجا متجاوبا بشدة". وأضافت أن رئيس المنظمة فيليب لازاريني توجه إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش وإلى الولايات المتحدة وكبار المانحين الآخرين بعد أن أبلغته إسرائيل شفهيا في 18 يناير كانون الثاني بأن لديها أدلة ضد 12 من موظفي أونروا.
ومضت توما تقول إن لازاريني طرد مشتبها في تورطهم في خطوة استثنائية مسُموح له باتخاذها "لمصلحة الوكالة".
وأضافت "ثم أعلنت أونروا هذه المعلومات قبل أي أحد".
ومضت توما تقول إنه لا إسرائيل ولا أي مصدر رسمي آخر أطلع أونروا على ملف يزعم أن 190 من موظفي الوكالة في غزة هم من مقاتلي حماس أو الجهاد الإسلامي، ولم تعلم الوكالة بالأمر إلا من تقارير صحفية. واطّلعت رويترز على ملف المخابرات الإسرائيلية ونشرته يوم الاثنين.
وتشارك أونروا بانتظام قوائم موظفيها مع إسرائيل ومع حكومات الدول التي تستضيف اللاجئين الفلسطينيين. وقالت توما إن المرة السابقة التي فعّلت فيها المنظمة ذلك كان في مايو أيار 2023. وأضافت أن إسرائيل لم تعلق قط على هذه القوائم "ناهيكم عن الاعتراض" عليها.
ولم يرد متحدث باسم الحكومة الإسرائيلية على أسئلة رويترز فيما يتعلق بالمعلومات التي شاركتها مع أونروا والأمم المتحدة ومانحين رئيسيين أو منذ متى كانت على علم بصلات حماس بموظفي أونروا.
* دور طويل الأمد
لطالما انتقدت إسرائيل أونروا وتقول إن تفويضها يجب منحه لوكالات أخرى تابعة للأمم المتحدة. ويقدم موظفو أونروا البالغ عددهم 30 ألف موظف خدمات التعليم والرعاية الصحية الأولية للاجئين الفلسطينيين في عدد من دول الشرق الأوسط.
وتأسست أونروا، وهي أول وكالة تابعة للأمم المتحدة على الإطلاق، بموجب قرار من الجمعية العامة في عام 1949 لرعاية اللاجئين الذين فروا أو طُردوا من منازلهم مع قيام دولة إسرائيل.
ولطالما انتقدت إسرائيل المناهج الدراسية في المدارس التي تديرها أونروا وتشكك في عدد اللاجئين الذي تحدده الوكالة، وهي قضية سياسية مهمة في أي محادثات سلام نهائية، حيث يطالب الفلسطينيون بحق العودة.
وقال كريس جينيس، وهو متحدث سابق باسم أونروا، "إسرائيل ترغب في أن يكون هناك تهديد وجودي لأونروا لأنها تعتقد خطأ أنه إذا تخلصت من أونروا فإنك تتخلص فجأة من اللاجئين وحقهم في العودة".
وقال المتحدث الإسرائيلي ليفي "قيل للفلسطينيين عبر منشآت الأمم المتحدة إنهم ما زالوا لاجئين من حرب دارت منذ عقود، ويمتلكون حقا غير موجود".
لكن الجمعية العامة للأمم المتحدة جددت تفويض أونروا في عام 2023 حتى منتصف عام 2026 ولا يمكن حل الوكالة إلا بقرار جديد للجمعية العامة.
(تغطية صحفية توم بيري ومايا الجبيلي في بيروت وميشيل نيكولز في نيويورك وسليمان الخالدي في عمان ومعيان لوبيل في القدس وإيما فارج وجابرييل تترو فاربير في جنيف وجون آيرش في باريس وألكسندر راتز وأندرياس رينكي في برلين - إعداد محمد حرفوش للنشرة العربية - تحرير محمد محمدين)