من علي صوافطة وهنريت شقر
رام الله (الضفة الغربية) (رويترز) - تواصلت فتاة فلسطينية مذعورة ومحاصرة في سيارة مع جثث أفراد من أسرتها، قتلوا في ضربات على غزة، مع الهلال الأحمر الفلسطيني وطلبت منهم الحضور لإنقاذها بعد أن فتحت القوات الإسرائيلية النار عليهم. ولكن، بعد أيام من إرسال فريق من الهلال الأحمر بسيارة إسعاف إلى المنطقة، لم تعد الفتاة ولم يعد فريق الإنقاذ.
ونشرت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني تسجيلا صوتيا لجانب من محادثات هاتفية بين هند رجب، التي تبلغ من العمر ست سنوات فحسب، على مدى ثلاث ساعات مع فريق مركز الطوارئ بالهلال الأحمر الذين الذين أرسلوا فريقا لإنقاذها يوم الاثنين.
واضطر الفريق للانتظار لحين هدوء القتال بالمنطقة حتى يتمكنوا من انتشالها.
وبصوت مخنوق من شدة التأثر قالت رنا الفقيه التي كانت على اتصال مع هند لرويترز "مناشدتها كتير كانت مؤلمة لما تسمع صوت كان يرتجف وحزين كان عنده أمل وبدو طمأنينة أنه حد ينقذه. وأنت بالنهاية عاجز أو بالأحرى شعرنا أنه إحنا مشلولين مش بس عاجزين لأنه تخلينا البيئة إلي كانت متواجدة فيها داخل سيارة مع ست جثث شهداء ومع دم".
وعلى الرغم من أن الهلال الأحمر قرر أن الوضع آمن بما يسمح بإرسال سيارة إسعاف بعد أربع ساعات من بدء المكالمة، إلى أنه سرعان ما فقد الاتصال بها، بل فقد الاتصال أيضا مع طاقم سيارة الإسعاف المؤلف من فردين.
وكان أول من تحدث مع الهلال الأحمر فتاة تدعى ليان حمادة وتبلغ من العمر 15 عاما وهي إحدى قريبات هند وكانت محاصرة معها في نفس السيارة بالقرب من محطة بنزين في مدينة غزة مع اقتراب الدبابات الإسرائيلية والجنود.
ويمكن سماع ليان وهي تصرخ في تسجيل صوتي آخر نشره الهلال الأحمر "بيطخوا (يطلقون) علينا (النار)، بطخوا علينا".
وقال الهلال الأحمر إن ليان وخمسة آخرين من أفراد الأسرة لاقوا حتفهم.
وقال الجيش الإسرائيلي إنه لا علم له بالحادث.
وبقيت الناجية الوحيدة، وهي هند، على الهاتف تتحدث مع رنا الفقيه وأخصائي الدعم النفسي لمدة ثلاث ساعات، محاولين تهدئتها بينما كانا يقومان بالاستعدادات لإرسال سيارة إسعاف.
ويواجه عمال الإنقاذ الفلسطينيون قرارات مستحيلة في غزة بعد ما يقرب من أربعة شهور من الحرب في ظل قصف إسرائيلي مكثف وقيود مشددة على حركتهم وتكرار انقطاع الاتصالات.
وقالت نبال فرسخ المتحدثة باسم الهلال الأحمر "قصة الطفلة هند وليان هي واحدة من مئات المناشدات التي تصل يوميا الى الهلال الأحمر الفلسطيني اللي في كثير من الأحيان لا نستطيع تقديم المساعدة لها لانه الاحتلال يتواجد، فيه آليات العسكرية الإسرائيلية بتعتبر هاي المناطق مناطق عسكرية حتى مع وجود مدنيين عزل جرحى ومرضى محاصرين في بيوتهم بيمنع طواقم إسعاف الهلال الأحمر وفرق الإنقاذ من الوصول الى هذه المناطق بالتالي قصة هند ليان واحدة من هاي (هذه) القصة".
وأدى الهجوم الإسرائيلي على غزة إلى مقتل أكثر من 27 ألف فلسطيني وفقا للسلطات الصحية في غزة، وتشريد معظم سكان القطاع البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة، وإلقاء القطاع الساحلي المحاصر في كارثة إنسانية.
وتقول إسرائيل إن هدفها هو تدمير حركة المقاومة الإسلامية (حماس) التي نفذت هجوم السابع من أكتوبر تشرين الأول الذي انتهى بمقتل 1200 شخص واقتياد أكثر من 240 رهينة إلى غزة.
وطالبت فرسخ المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية بالتدخل وبذل كل ما في وسعهم للمساعدة في الكشف عن مصير هند وفردي الإنقاذ التابعين للهلال الأحمر.
وقالت "اليوم احنا نداءنا واضح نطالب كل المنظمات الانسانية والمجتمع الدولي إنها تضغط على الاحتلال للكشف عن مصير هند وعن مصير طاقم الهلال الأحمر الفلسطيني الذي لا يزال حتى هذه اللحظة مصيره مجهول".
وأضافت "التساؤلات كثيرة، هل تمكنوا من إنقاذ الطفلة هند؟ هل لا زالوا على قيد الحياة؟ هل هم الآن قيد الاعتقال؟ احنا بحاجة لإجابة لحتى نعرف مصير الطاقم المفقود ومصير هند. بكل تأكيد كل دقيقة بتشكل فرق في حياة الطفلة هند اللي كانت مرعوبة أنها تقضي ساعات وحدها محاصرة بالدبابات".
(إعداد محمد حرفوش للنشرة العربية - تحرير أيمن سعد مسلم)