من جيمس ماكنزي ونضال المغربي
القدس/الدوحة (رويترز) - قالت القوات الإسرائيلية يوم الخميس إنها داهمت أكبر مستشفى لا يزال يعمل في غزة، فيما أظهر مقطع مصور نُشر على الإنترنت فوضى وصراخ وأصوات إطلاق نار في ممرات مظلمة امتلأت بالغبار والدخان.
ووصف المتحدث باسم الجيش دانيال هاجاري مداهمة مستشفى ناصر بأنها "دقيقة ومحدودة" وقال إنها استندت إلى معلومات تفيد بأن مسلحين من حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) يختبئون ويحتجزون رهائن بالمستشفى مع احتمال وجود جثث لرهائن هناك.
ونفى متحدث باسم حماس ذلك ووصفه بأنه "أكاذيب".
وقالت سلطات الصحة في القطاع، الذي تديره حماس، إن إسرائيل أجبرت عشرات الموظفين والمرضى والنازحين وعائلات الطواقم الطبية الذين لجأوا إلى مستشفى ناصر على الخروج، وإن نحو ألفي شخص وصلوا إلى مدينة رفح الحدودية الجنوبية خلال الليل بينما اتجه آخرون شمالا إلى دير البلح في وسط القطاع.
وبدأت الحرب في السابع من أكتوبر تشرين الأول عندما أرسلت حماس مقاتلين إلى إسرائيل في هجوم قالت إسرائيل إنه أسفر عن مقتل 1200 شخص معظمهم من المدنيين واحتجاز 253 رهينة.
ومنذ ذلك الحين، شنت إسرائيل هجوما جويا وبريا على القطاع الصغير المكتظ بالسكان قالت سلطات الصحة في غزة إنه أسفر عن مقتل نحو 28663 شخصا معظمهم من المدنيين أيضا وأجبر جميع سكان القطاع تقريبا على ترك ديارهم.
وفي عملية جديدة، قال الجيش الإسرائيلي إنه شن ضربة جوية أسفرت عن مقتل قيادي بحماس شارك في هجوم السابع من أكتوبر تشرين الأول واحتجز أيضا جندية إسرائيلية أعدمتها حماس.
وبشكل منفصل، قال مسؤولون طبيون إن ثلاثة فلسطينيين كانوا يستقلون سيارة قُتلوا في ضربة إسرائيلية بمدينة غزة. ولم تتضح هوياتهم بعد.
وذكر الجيش الإسرائيلي أن جنديا لقي حتفه في القتال بجنوب غزة ليصل إجمالي خسائره البشرية منذ بدء الاجتياح البري في 20 أكتوبر تشرين الأول إلى 235.
وقالت منظمة أطباء بلا حدود الخيرية الطبية إن إسرائيل قصفت المستشفى في الساعات الأولى من صباح يوم الخميس، رغم أنها أبلغت الطاقم الطبي والمرضى بإمكانية البقاء بالداخل.
وقالت المنظمة على منصة التواصل الاجتماعي إكس "اضطر طاقمنا الطبي إلى الفرار من المستشفى، تاركين المرضى وراءهم"، مضيفة أن أحد أفراد الطاقم احتجزته قوات إسرائيلية عند نقطة تفتيش أقيمت لفحص المغادرين.
ويأتي القتال في المستشفى في الوقت الذي تواجه فيه إسرائيل ضغوطا دولية متزايدة لإظهار ضبط النفس في حربها على غزة بعدما توعدت بالتوسع في الهجوم ليشمل مدينة رفح، آخر مكان آمن نسبيا للمدنيين في القطاع.
وأثارت الهجمات الإسرائيلية التي دمرت غالبية المرافق الطبية في غزة قلقا بالغا، بما في ذلك مداهمة مستشفيات في الضفة الغربية، وقصف محيط المستشفيات، واستهداف سيارات الإسعاف.
وأصبحت المستشفيات والمناطق المحيطة بها ملاذا للنازحين من التدمير الهائل للمناطق السكنية وأولئك الذين أُجبروا على ترك منازلهم، ظنا منهم أن المستشفيات أكثر أمانا.
وتتهم إسرائيل حماس باستغلال المستشفيات وسيارات الإسعاف وغيرها من المرافق الطبية لأغراض قتالية، وعرضت لقطات التقطتها قواتها أنفاقا تحتوي على أسلحة أسفل بعض المستشفيات.
وقال الجيش الإسرائيلي يوم الخميس إنه اعتقل عددا من المشتبه بهم في مستشفى ناصر وإن عملياته هناك مستمرة.
وقال سامي أبو زهري رئيس الدائرة السياسية لحماس في الخارج "ما تقوله إسرائيل هو أكاذيب لتبرير جرائمها لتدمير المستشفيات، وقتل المدنيين وكل ادعاءات إسرائيل السابقة بخصوص المستشفيات ثبت بطلانها".
* فيديو لفوضى في المستشفى
في تعليقات عن مداهمة المستشفى، قال هاجاري "تم الإعداد لهذه العملية الحساسة بدقة وتنفذها قوات خاصة تابعة للجيش الإسرائيلي خضعت لتدريبات معينة".
وقال إن أحد أهداف العملية هو ضمان قدرة المستشفى على مواصلة علاج مرضى غزة، وأضاف "أوضحنا ذلك خلال عدد من المحادثات مع طاقم المستشفى"، مضيفا أنه ليس هناك أي إلزام بالإخلاء.
وذكر أشرف القدرة المتحدث باسم وزارة الصحة في غزة أن الوقود في المستشفى سينفد خلال الأربع والعشرين ساعة المقبلة مما يهدد حياة المرضى، ومن بينهم ستة في العناية المركزة وثلاثة رُضع في جناح الأطفال حديثي الولادة.
وقال هاجاري إن إسرائيل رتبت لنقل الإمدادات الطبية والوقود إلى المستشفى بالتنسيق مع المنظمات الدولية.
وأظهرت مقاطع مصورة تحققت رويترز يوم الخميس من أنها صورت داخل مستشفى ناصر، إلا أنها لم تتمكن من التحقق من توقيت تصويرها، مشاهد من الفوضى والرعب.
وفي المقاطع كان رجال يسيرون عبر ممرات مظلمة باستخدام أضواء هواتفهم، بينما يحيط بهم الغبار والحطام المتناثر في الممرات، وفي وقت ما كانوا يدفعون سريرا عبر مكان متهدم.
وفي أحد مقاطع الفيديو، سُمع دوي إطلاق نار وطبيب يصرخ متسائلا "في حد لسه جوه؟ في طخ (إطلاق نار)، في طخ، نزلوا راسكم".
وقال أحد الرجال في المقطع إن الجيش الإسرائيلي طوق المستشفى وإنه ليس بإمكان أي أحد الخروج.
وذكر محمد المغربي، الذي كان يحتمي بالمجمع، أن بعض الأشخاص الذين حاولوا المغادرة يوم الأربعاء تعرضوا لإطلاق النار فعادوا إلى المستشفى.
وأضاف "دخلوا علينا بجرافة ودبابة، يغلطوا، بهدلوا فينا، وقفونا أربع ساعات بالشمس".
(شارك في التغطية إيما فارج من جنيف - إعداد أميرة زهران وعبد الحميد مكاوي ونهى زكريا للنشرة العربية - تحرير سها جادو)