من فرح سعفان وإميلي ماضي وبشرى شخشير
(رويترز) - من الرثاء إلى الثناء على حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس)، تعيد الأغاني التي كتبها موسيقيون من مختلف أنحاء الشرق الأوسط وضع القضية الفلسطينية في موقع الصدارة في وجدان الثقافة الشعبية العربية، في إطار رد الفعل الشعبي على الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة.
وتمزج الأغاني بين التحدي والعجز والغضب تجاه الحرب التي تشنها إسرائيل على حماس، التي تدير قطاع غزة.
وفي القاهرة، تستقبل المغنية الشهيرة في حفلات الزفاف المصرية رودي طلبات لغناء كلمات جديدة تمجد أبو عبيدة المتحدث باسم الجناح العسكري لحماس.
وغنت على قرع الطبول "أبو عبيدة يا عمهم... ولع فيهم كلهم، أبو عبيدة يا قلب الأسد، أنا خايفة عليه من الحسد".
في الأردن، اجتمع فنانون من مختلف الدول العربية في أكتوبر تشرين الأول لتسجيل أغنية عن حلم "عودة" الفلسطينيين إلى الأراضي التي تحتلها إسرائيل، وحققت هذه الأغنية ملايين المشاهدات عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
وتعكس زيادة شعبية الأغاني التي تعبر عن تعاطف الناس مع الفلسطينيين وتشجيعهم لحماس، ومنها أغان لفنانين يتجنبون السياسة بشكل عام، حالة الغضب من قصف إسرائيل لغزة واحتلالها للأراضي الفلسطينية والدعم الأمريكي والأوروبي لحملتها العسكرية.
وتظهر أيضا دعم الشعوب العربية لحماس وجماعات المعارضة المسلحة في الوقت الذي تحاول فيه إسرائيل القضاء على الحركة.
وشن مسلحو حماس هجوما على إسرائيل في السابع من أكتوبر تشرين الأول أسفر عن مقتل 1200 إسرائيلي واحتجاز 253 رهينة، حسب الإحصائيات الإسرائيلية. ويقول مسؤولو الصحة في غزة إنه تأكد مقتل زهاء 30 ألف فلسطيني في الهجمات الانتقامية التي شنتها إسرائيل.
وأحدث الصراع انقساما عالميا وأشعل جذوة صراع ثقافي على نطاق أوسع.
وشاب الجدل مسابقة الأغنية الأوروبية (يوروفيجن) التي تعقد سنويا، والتي تصف نفسها بأنها فعالية غير سياسية، بسبب مشاركة إسرائيل بأغنية تشير إلى هجوم السابع من أكتوبر تشرين الأول.
وأثرت المناقشات الحادة في حرم الجامعات الأمريكية بالسلب على المسيرة المهنية لبعض أعضاء هيئة التدريس، واتهم الطلاب بعضهم البعض بمعاداة السامية وكراهية الإسلام.
وفي إسرائيل، أنتج فنانون أيضا أغاني حول يوم السابع من أكتوبر تشرين الأول بعضها يتناول معاناة الضحايا والبعض الآخر يعبر عن الرغبة في الانتقام.
ويصور مقطع فيديو موسيقي حال أحد الناجين من هجوم حماس على مهرجان موسيقي في السابع من أكتوبر تشرين الأول. ويُظهر مقطع آخر لمغني الراب الإسرائيلي سبليمينال مباني سكنية في غزة تسويها الضربات الجوية بالأرض فيما تستعد الدبابات والقناصة الإسرائيليون للحرب.
* المفاتيح والكوفيات
تنظر الغالبية العظمى من الناس في المجتمعات العربية إلى الحرب باعتبارها اعتداء على المدنيين الفلسطينيين بدعم غربي.
وقالت مغنية الأعراس رودي إن مشاهدة الهجمات الإسرائيلية جعلتها تشعر بالعجز وترغب في الغناء دعما لحماس.
وفي حفلات زفاف كثيرة تغني فيها، يطلب منها الحضور أن تغني عن غزة، بما في ذلك أغنيتها عن أبو عبيدة الذي أصبحت بياناته مقطعا متواترا في القنوات الإخبارية العربية منذ بدء الحرب، حيث يظهر ملثما وهو يتلو بيانات حماس.
وقالت رودي "أبو عبيدة... إحنا شايفينه هو البطل إللي قدر يقف ضد إسرائيل... في أطفال بتموت وده إللي وقف عشان يدافع عنهم".
ويتغنى فنان الراب اللبناني جعفر طوفار بأبو عبيدة وطوفان الأقصى، ويقول إن "المزيد قادم" لإسرائيل.
وأظهر استطلاع أجراه معهد الدوحة للدراسات العليا في قطر في يناير كانون الثاني أن 67 بالمئة من ثمانية آلاف مشارك يعتبرون هجوم السابع من أكتوبر تشرين الأول "عملية مقاومة مشروعة" ضد الاحتلال.
وقال خمسة بالمئة فقط إنه هجوم "غير مشروع". واعتبر ثلاثة أرباع المشاركين أن الولايات المتحدة وإسرائيل تشكلان أكبر تهديد للأمن والاستقرار الإقليميين.
وأظهر استطلاع أجراه معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى أن 96 بالمئة من المشاركين في السعودية يعتقدون أن الدول العربية يجب أن تقطع كل علاقاتها مع إسرائيل.
وقبل السابع من أكتوبر تشرين الأول، كانت القضية الفلسطينية قد طواها النسيان إلى حد كبير بعد أن أقامت دول خليجية علاقات مع إسرائيل وتخلت عن مطالبها بإقامة دولة فلسطينية.
والآن عادت القضية لتهيمن على المناقشات المتعلقة بالسياسة الإقليمية، من منصات التواصل الاجتماعي إلى المنازل والمقاهي وأوساط صنع القرار السياسي.
وفي مقطع للمطرب الكويتي حمود الخضر، تكثر الرموز التي يستخدمها الناشطون المؤيدون للفلسطينيين منذ فترة طويلة مثل مفاتيح المنازل التي فقدها الفلسطينيون بعد حرب 1948، والكوفية الفلسطينية والرسم الكاريكاتوري الشهير الذي أبدعه ناجي العلي لطفل فلسطيني لاجئ أطلق عليه اسم "حنظلة".
* "لن ننسى ما يحدث أبدا"
وقال الملحن اللبناني زيد حمدان إن موسيقاه تركز الآن على الحرب وامتدادها إلى لبنان حيث تتبادل إسرائيل وجماعة حزب الله المسلحة إطلاق الصواريخ.
وأضاف حمدان "لم أعد أؤدي أي عروض للترويج لنفسي كفنان. أنا على المسرح لإيقاظ الناس ولنشر رسالة ملحة. سأنتقل من حفل لجمع التبرعات إلى حفل جمع التبرعات للاحتجاج".
ويدرك الموسيقيون العرب أن موسيقاهم قد لا تغير مسار الحرب، أو تؤثر على القادة العرب.
وتقول المغنية السورية غالية شاكر التي تم تسجيل أغنيتها "راجعين" في الأردن مع 24 فنانا من الدول العربية، إن هدفها هو إبقاء محنة غزة في دائرة الضوء.
وقالت "يحدوني أمل حقا أن يعرف سكان غزة أننا ندعو لهم في صلاتنا".
وأضافت "هذا أقصى أمل لنا... أن نستمر في الحديث عما يحدث ولا ننساه أبدا".
(تغطية صحفية فرح سعفان وسليمان الخالدي ومي شمس الدين وإميلي ماضي وبشرى شخشير وعبد الهادي الرمحي وأيدن لويس ونيرة عبدالله وجون دافيسون - إعداد دنيا هشام ومحمد حرفوش للنشرة العربية - تحرير أيمن سعد مسلم)