من حميرة باموق ونضال المغربي
تل أبيب (رويترز) - قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لوزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن يوم الجمعة إن إسرائيل مستعدة لاقتحام مدينة رفح في قطاع غزة التي يلوذ بها أكثر من مليون نازح فلسطيني بمفردها إذا عارضت واشنطن خططها لتنفيذ الهجوم.
واجتمع بلينكن مع نتنياهو وجها لوجه ضمن مهمة سلام في الشرق الأوسط في وقت يشهد توترا واضحا وغير مسبوق في العلاقات الأمريكية الإسرائيلية وفي تحالفهما القائم منذ 75 عاما.
وقال نتنياهو إنه أبلغ بلينكن أنه يقدر الدعم الأمريكي في قتال حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وإن إسرائيل تعترف بأنه يتعين عليها حماية المدنيين. لكنه أكد على خطط التوغل في رفح عند السياج الحدودي الجنوبي للقطاع حيث يقيم أكثر من مليون من سكان غزة في ملاجئ مؤقتة.
وقال في بيان مصور للصحفيين "قلت أيضا إنه لا سبيل أمامنا لإلحاق الهزيمة بحماس يغير دخول رفح والقضاء على فلول الكتائب هناك. وأخبرته أن الأمل يحدوني في تنفيذ ذلك بدعم من الولايات المتحدة، لكن إذا اضطررنا، سنفعل ذلك بمفردنا".
وتقول إسرائيل إن رفح هي المعقل الأخير لمسلحي حماس وإن لديها خطة لإجلاء المدنيين قبل الهجوم. لكن واشنطن تقول إن الهجوم البري سيكون "خطأ" وسيضر بشدة بالنازحين هناك.
وتقدم الولايات المتحدة، الحليف الأقرب لإسرائيل منذ قيامها عام 1948، مليارات الدولارات سنويا كمساعدات عسكرية ودأبت على تسخير نفوذها الدبلوماسي لحماية المصالح الإسرائيلية.
وفي أحدث سجال دبلوماسي في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، استخدمت روسيا والصين حق النقض (الفيتو) أمام مقترح تقدمت به الولايات المتحدة يدعو إلى وقف لإطلاق النار على الفور في غزة واتفاق لتبادل الرهائن بين إسرائيل وحماس.
ويتجلى في نص المقترح تشدد في موقف واشنطن تجاه إسرائيل. فقد كانت واشنطن تكره في وقت سابق من الحرب استخدام كلمة "وقف إطلاق النار" لكن موسكو وبكين قالتا إنها ما زالت لا تفعل ما يكفي لكبح جماح إسرائيل.
وتؤيد موسكو وبكين نصا بديلا تقول واشنطن إنه لا يغري حماس بالمشاركة في الجهود الدبلوماسية الجارية. وتردد أيضا أن فرنسا تعمل على التقدم بمقترح بديل.
وفي قطاع غزة، قالت إسرائيل إنها قتلت أو اعتقلت المئات من مقاتلي حماس في عملية استمرت خمسة أيام في مجمع الشفاء، وهو أحد المرافق الطبية القليلة التي لا تزال تعمل ولو بشكل جزئي في شمال القطاع. وتنفي حماس والطاقم الطبي وجود مقاتلين هناك.
* توتر في العلاقات
وتزايد ظهور التوتر في العلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل إلى العلن، إذ وصف الرئيس الأمريكي جو بايدن الحملة الإسرائيلية في غزة بأنها "تجاوزت الحد" وقال إنها تسببت في خسائر فادحة في أرواح المدنيين.
واندلعت الحرب بعد أن شن مقاتلو حماس هجوما على جنوب إسرائيل قالت الإحصاءات الإسرائيلية إنه أسفر عن مقتل 1200 واحتجاز 253 رهينة. وتقول سلطات الصحة في غزة إن أكثر من 32 ألف فلسطيني قتلوا في القصف الإسرائيلي بعد ذلك، وسط مخاوف من وجود قتلى كثيرين آخرين تحت الأنقاض.
وكان بلينكن قال إنه سيضغط على نتنياهو لاتخاذ خطوات عاجلة للسماح بدخول المزيد من المساعدات إلى القطاع المكتظ بالسكان والذي تقول الأمم المتحدة إنه صار على وشك أن يشهد هلاكا جماعيا بسبب المجاعة.
ويقول مسؤولون أمريكيون إنه يتعين سريعا زيادة عدد شحنات المساعدات التي تدخل القطاع برا، ويتعين استمرارها لفترة طويلة.
وقال بلينكن في مؤتمر صحفي في وقت متأخر من يوم الخميس "يعاني 100 بالمئة من سكان غزة من مستويات خطيرة من انعدام الأمن الغذائي الحاد. لن نسمح، ولا يتعين علينا السماح باستمرار هذا".
وتنفي إسرائيل التي تفتش جميع الشحنات المتجهة إلى غزة وأغلقت السياج شمال القطاع فرض قيود على الغذاء وتقول إنها تعتقد أن ما يمر عبرها كاف.
وقال الكولونيل الإسرائيلي موشيه تترو قائد مديرية التنسيق والارتباط-غزة "بقدر ما نعلم من خلال تحليلاتنا، لا توجد مجاعة في غزة. يدخل غزة يوميا ما يكفي من الطعام".
* مقتل ثمانية في قصف
وأسفرت غارة جوية على منزل في منطقة النصر شرقي رفح عن مقتل ثمانية يوم الجمعة. وأظهرت صور من مقاطع فيديو حشودا من المشيعين حول الجثث الملفوفة بأكفان بيضاء بينما كانت دمية حمراء ملقاة في وسط أنقاض منزل.
وقالت تركية بربخ التي كانت بين المشيعين إن من بين القتلى أسرة من أم وأب وأولادهم الخمسة.
وأضافت "كلهم أطفال لا قاوموا ولا عملوا اشي والله. والله ظلم الي صار فيهم والله حرام... لمتى راح نضل نتحمل، لمتى؟".
ومن المقرر أن يجتمع مسؤولون إسرائيليون وأمريكيون بارزون في واشنطن الأسبوع المقبل ويتوقع أن تقدم الولايات المتحدة للإسرائيليين سبلا بديلة لملاحقة حماس دون اللجوء إلى هجوم شامل في رفح.
وقالت نائبة الرئيس كاملا هاريس (NYSE:LHX) يوم الجمعة إنه لا يوجد مخرج آمن للمدنيين من رفح.
وتعقد اجتماعات أيضا في الدوحة يوم الجمعة تستهدف التوصل لوقف إطلاق النار. وتركز محادثات الهدنة في قطر على اقتراح لوقف القتال لستة أسابيع يُطلق خلالها سراح نحو 40 من الرهائن الإسرائيليين المحتجزين لدى حماس مقابل إطلاق سراح مئات الفلسطينيين من السجون الإسرائيلية.
لكن إسرائيل لا تبدي استعدادا للالتزام إلا بهدنة مؤقتة للصراع وتريد حماس إنهاء الحرب بصفة دائمة وانسحاب القوات الإسرائيلية.
قال بلينكن يوم الخميس إن الفجوات تضيق.
وفي غزة، تركز القتال في الأيام القليلة الماضية على مجمع الشفاء الطبي الذي يؤوي أيضا مئات النازحين.
دخلت القوات الإسرائيلية يوم الاثنين المستشفى المترامي الأطراف وقامت بتمشيطه، إذ تقول إنه متصل بشبكة أنفاق تستخدمها حماس.
وقالت إسرائيل إنها قتلت مئات المسلحين واعتقلت أكثر من 500 مشتبه به في عمليتها في الشفاء منهم 358 عضوا في حركتي حماس والجهاد الإسلامي. وأضافت أنها اعتقلت ثلاثة من كبار القادة العسكريين في حركة الجهاد الإسلامي وعضوين في حماس مسؤولين عن العمليات في الضفة الغربية المحتلة.
تنفي حماس وجود مقاتلين لها في المجمع وتقول إن القتلى هناك مدنيون وإن عاملين بالقطاع الطبي بين المعتقلين.
(شارك في التغطية جيمس ماكينزي في القدس - إعداد أميرة زهران ومحمد أيسم ومحمد حرفوش للنشرة العربية - تحرير سها جادو وأيمن سعد مسلم)