من ستانلي كارفالو
أبوظبي (رويترز) - قال الرئيس التنفيذي الإقليمي لشركة ميديكلينيك الدولية للرعاية الصحية إن شركته تسعى لإقناع حكومة أبوظبي بإعادة النظر في تغيير قواعد التأمين الصحي التي أضرت بنشاطها بعد أن راهنت رهانا كبيرا بشرائها مجموعة مستشفيات النور.
وقال مصدران بقطاع التأمين الصحي طلبا الاحتفاظ بسرية هويتهما لحساسية الموضوع إن شركتين أخريين على الأقل في مجال الرعاية الصحية تعملان في أبوظبي تجريان محادثات أيضا مع السلطات سعيا لإلغاء الإصلاحات التي تقلص التغطية الحكومية التأمينية للمواطنين الذين يستخدمون المستشفيات الخاصة أو تعديل هذه الإصلاحات.
كانت أبوظبي خفضت التغطية التأمينية بموجب برنامجها "ثقة" إلى 80 بالمئة من 100 بالمئة وهو ما يعني أن على المرضى سداد 20 بالمئة من تكلفة العلاج إذا ما اختاروا العلاج في المستشفيات الخاصة.
لا تسري هذه القاعدة على المستشفيات الحكومية وقد بدأ العمل بها في يوليو تموز الماضي في أسوأ وقت ممكن لشركة ميديكلينيك لأنها كانت قد اشترت قبل ذلك بفترة قصيرة مجموعة مستشفيات النور الخاصة في أبوظبي مقابل حوالي 1.7 مليار دولار.
تبرز تجربة الشركة المقيدة في بورصتي لندن وجوهانسبرج المخاطر التي تواجه نشاطها في دول الخليج إذ أن انخفاض أسعار النفط يؤثر سلبا على الأوضاع المالية لتلك الدول.
وقال ديفيد هادلي الرئيس التنفيذي للشركة في الشرق الأوسط لرويترز في مقابلة إن الشركة بدأت تستحث هيئة الصحة في أبوظبي على تعديل برنامج ثقة.
وقال هادلي "شركات أخرى تقدم الخدمة فعلت الشيء نفسه" مضيفا أن البرنامج تسبب في تحويل المرضى إلى المستشفيات الحكومية.
وتابع "ليس لدينا مشكلة مع سياسة اشتراك الجانبين في السداد ما دامت تطبق على القطاع كله."
وقال أحد المصدرين إنه رغم أن السلطات لا تريد أن تبدو بمظهر الطرف المذعن للضغوط بأي شكل من الأشكال فمن المحتمل تعديل هذه السياسة قرب نهاية العام وذلك لأسباب منها أن تقليل التغطية التأمينية من خلال برنامج ثقة أدى إلى ارتفاع التكاليف في المستشفيات الحكومية الأمر الذي أثر سلبا على موازنة الحكومة.
ولم ترد هيئة الصحة في أبوظبي على طلبات للتعليق على استياء القطاع الخاص من برنامج ثقة وما إذا كانت تنوي إلغاءه أو تعديله أو توسيع نطاق العمل به ليشمل جميع المستشفيات.
وسبق أن قالت الهيئة إن تعديل القاعدة سيسهم في جهودها لزيادة كفاءة النظام وتوحيد العمليات وزيادة الكفاءة المالية للقطاع بما يفيد المرضى ونظام الرعاية الصحية ككل.
رياح معاكسة
وبمعايير كثيرة تعد منطقة الخليج وجهة مغرية لشركات التأمين الصحي الأجنبية فمستويات الدخل مرتفعة كما أن سكان البلاد يعانون من بعض من أعلى معدلات الأمراض المرتبطة بأسلوب المعيشة مثل مرض السكري.
وشجعت هذه الاتجاهات شركة ميديكلينيك التي تملك 73 مستشفى و43 عيادة في أنحاء جنوب افريقيا وناميبيا وسويسرا والإمارات على شراء مجموعة مستشفيات النور العام الماضي.
غير أنه منذ تطبيق برنامج ثقة انخفض عدد المرضى نزلاء مستشفيات النور بنسبة 38 بالمئة وعدد مرضى العيادات الخارجية فيها بنسبة 43 بالمئة.
ومما أدى إلى تفاقم مشاكل ميديكلينيك أنه في نفس الفترة التي بدأ تطبيق الإصلاحات فيها اشتدت حدة المنافسة في أبوظبي مع ثلاث شركات جديدة دخلت القطاع في حين رحل آلاف من الوافدين وعائلاتهم بسبب فقدان الوظائف مع تباطوء الاقتصاد.
كذلك رحل 147 طبيبا من بين 600 طبيب في مستشفيات النور إذ انضم كثيرون منهم للمستشفيات الجديدة في المنطقة واضطرت الشركة لتعيين أطباء جدد.
وقال هادلي "أصابتنا رياح معاكسة متعددة. أعتقد أن المشكلة في التوقيت فلم يكن بوسعنا التنبؤ. سيكون هذا العام عاما صعبا."
وانخفضت أسهم ميديكلينيك في لندن بنسبة ثمانية بالمئة منذ أطلقت الشركة الأسبوع الماضي تحذيرا بشأن الأرباح من عملياتها في الشرق الأوسط.
وفي حين أن للتوقيت دورا في هذا الأمر فربما ساهمت عوامل أخرى في المصاعب التي واجهتها الشركة في المنطقة.
وقال نيل براون المحلل لدى إلكتوس إحدى شركات إدارة الصناديق بجنوب أفريقيا "في المدى البعيد سيتضح على الأرجح أن ميديكلينيك دفعت رقما مبالغا فيه لشراء النور.
"مع ذلك نعتقد أن سعر سهم ميديكلينيك سعر مغر للمستثمرين للآجال الأطول في ضوء مستويات أسعار السهم حاليا عند 120 راندا والتي تقل الآن نحو 40 بالمئة عما كانت عليه في منتصف 2016 عندما تغيرت القواعد المذكورة في أبوظبي."
"ضرورة الإصلاح"
لم تعمل ميديكلينيك على تنويع نشاطها في مختلف أنحاء المنطقة بالقدر الذي عمدت به بعض الشركات المنافسة لتوزيع مخاطرها.
ويتباين أداء سهمها تباينا صارخا مع أداء سهم منافستها ان.ام.سي هيلث الذي ارتفع نحو 13 بالمئة على مدار عام حتى الآن وفقا لبيانات تومسون رويترز.
ولشركة ان.ام.سي التي تعد من أقدم شركات الرعاية الصحية في أبوظبي عمليات في الإمارات السبع بدولة الإمارات بالإضافة إلى السعودية وقطر في حين أن نشاط ميديكلينيك يقتصر على أبوظبي ودبي.
كذلك تقول بعض الشركات المنافسة إنها لا تتفق مع الرأي القائل إن برنامج ثقة سلبي للقطاع الخاص.
وقال براسانث مانجات نائب الرئيس التنفيذي لشركة ان.ام.سي هيلث "هو مقياس لإدارة الاستخدام المفرط والتشخيص المفرط. فعندما تكون التغطية مجانية لن يأبه أحد."
وقال شامشير فياليل العضو المنتدب لشركة في.بي.اس هيلثكير "توقفت زيارات طبية لا ضرورة لها منذ سريان السياسة الجديدة. كان من الضروري التصحيح."
وتهدف ميديكلينيك إلى استكمال دمج مستشفيات النور وإعادة تسميتها بنهاية العام الجاري.
وقد تم الاستغناء عن 432 وظيفة في مستشفيات النور خلال 2016 وقال هادلي إن من المقرر الاستغناء عن 511 وظيفة اخرى في الشهور القليلة المقبلة.
ومن بين الاستغناءات المزمعة 183 وظيفة ترتبط بإغلاق منشآت وعيادات صغيرة إحداها في سلطنة عمان قال هادلي إنها غير مربحة.
(شاركت في التغطية هديل الصايغ - إعداد منير البويطي للنشرة العربية - تحرير أحمد إلهامي)