من ديفيد برونستروم وجون والكوت وهيونهي شين
واشنطن/سول (رويترز) - يبدو أن الولايات المتحدة تخلت عن نهج "كل شيء أو لا شيء" في تعاملها مع قضية نزع كوريا الشمالية للسلاح النووي في الوقت الذي يستعد فيه وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو للعودة إلى كوريا الشمالية هذا الأسبوع على أمل الاتفاق على خريطة طريق لنزع سلاحها النووي.
ويزور بومبيو كوريا الشمالية يومي الجمعة والسبت فيما ستكون ثالث زيارة له للبلاد هذا العام والأولى منذ القمة غير المسبوقة بين الرئيس دونالد ترامب والزعيم الكوري الشمالي كيم جونج أون في سنغافورة يوم 12 يونيو حزيران.
وستكون هذه أول مرة يقضي فيها بومبيو ليلة في البلاد التي ظلت في حالة حرب من الناحية الفنية مع الولايات المتحدة منذ أن انتهت الحرب الكورية التي دارت بين عامي 1950 و 1953 بهدنة وليس اتفاق سلام.
وخلال قمة سنغافورة تعهد كيم بشكل فضفاض "بالعمل من أجل نزع السلاح النووي من شبه الجزيرة الكورية" لكنه لم يحدد كيف ومتى ستتخلى بيونجيانج عن برنامجها للأسلحة النووية الذي يهدد الولايات المتحدة وحلفاءها.
ويحاول مسؤولون أمريكيون منذ ذلك الحين تحديد معالم اتفاق، يقول منتقدون إنه يفتقر للجوهر، ورسم مسار للتوصل إلى اتفاق ربما يرقى إلى مستوى الصورة الحماسية التي رسمها ترامب لنتائج القمة.
لكن مسؤولين أمريكيين تحدثوا بشرط عدم نشر أسمائهم قالوا إنه لا يوجد مؤشر على حدوث انفراجة كما لم يتحقق تقدم يذكر حتى في سبيل تحديد البنود الأساسية لأي اتفاق.
بيد أن ما لوحظ بدلا من ذلك هو تخفيف فيما يبدو لنهج إدارة ترامب رغم أن مسؤولين أمريكيين يقولون إن تقديرات المخابرات تشير إلى أن كوريا الشمالية تواصل خداع واشنطن بشأن برامجها للأسلحة.
وسبق أن طالبت الإدارة الأمريكية بأن توافق كوريا الشمالية على التخلي عن برنامجها النووي بالكامل قبل أن تتوقع أي تخفيف للعقوبات الدولية الصارمة. وقبيل قمة سنغافورة، قال بومبيو إن ترامب لن يقبل بأقل من "النزع الكامل للسلاح النووي، بشكل يمكن التحقق منه ولا رجعة فيه".
لكن بعد محادثات جرت يوم الأحد بين المبعوث الأمريكي سونج كيم ونظرائه الكوريين الشماليين لترتيب زيارة بومبيو الأحدث لبيونجيانج، بدا أن هذه المطالبة "بالنزع الكامل للسلاح النووي بشكل يمكن التحقق منه ولا رجعة فيه" اختفت فجأة من قاموس وزارة الخارجية.
وتقول الوزارة إن الضغوط ستبقى حتى تتخلى كوريا الشمالية عن السلاح النووي لكنها في بيانات هذا الأسبوع أعادت تعريف الهدف الأمريكي بأنه "نزع السلاح النووي (لكوريا الشمالية) بشكل نهائي يمكن التحقق منه كاملا كما وافق عليه الرئيس كيم".
* خطوة للوراء
قال مسؤولان أمريكيان إن إدارة ترامب تراجعت عن مطلبها الأساسي بناء على نصيحة من كوريا الجنوبية.
ويقول الكوريون الجنوبيون، الذين يجرون محادثات خاصة بهم مع بيونجيانج، إن نجاح التفاوض خطوة بخطوة أكثر ترجيحا من الإصرار على أن تمتثل كوريا الشمالية لكل مطالب الولايات المتحدة قبل تقديم أي تنازلات.
وذكر مسؤول أن الإدارة الأمريكية أدركت أيضا أن الحفاظ على تعاون الصين وروسيا بشأن كوريا الشمالية "سيكون صعبا إذا تمسكت الولايات المتحدة بموقف كل شيء أو لا شيء".
وقال المسؤول إن الكوريين الشماليين رفضوا إلى حد بعيد، خلال محادثات مع سونج كيم، الاستجابة لمحاولات تحديد البنود الأساسية لاتفاق نهائي، بما في ذلك استخدام كلمات "كامل" و"يمكن التحقق منه" و "لا رجعة فيه".
وقال أحد المسؤولين "كان الخيار إما التحلي بالمرونة أو خسارة كل شيء".
ووفقا لمصدر مطلع على المناقشات فقد أبلغ مسؤول كبير من كوريا الجنوبية مسؤولين أمريكيين خلال اجتماع في واشنطن الشهر الماضي أن على الجانب الأمريكي أن يكف عن الضغط من أجل تحقيق مطلبه "بالنزع الكامل للسلاح النووي بشكل يمكن التحقق منه ولا رجعة فيه" والذي تعتبره كوريا الشمالية نزعا للسلاح النووي من جانب واحد قد يجعلها عرضة لتغيير نظامها.
وأضاف المصدر أن المسؤول الكوري الجنوبي اقترح بدلا من ذلك أن تشير الولايات المتحدة إلى "التخفيف المتبادل للتهديد".
وجادل المسؤول الكوري الجنوبي أيضا بأنه سيكون من الصعب تفتيش منشآت كوريا الشمالية النووية والصاروخية بطريقة تقليدية تشمل "مئات" المحققين الدوليين لأن من غير المرجح أن تقبل بيونجيانج بذلك.
وقال باتريك كرونين، وهو محلل شؤون آسيا في مركز الأمن الأمريكي الجديد وعلى اتصال وثيق مع مسؤولين من واشنطن وسول، إن الاعتقاد القائم فيما يبدو هو أن كيم قد يود تفكيك أجزاء كبيرة من برنامجه النووي رغم أنه قد لا يرغب في التخلي عنه بالكامل في وقت قريب.
وأضاف "الولايات المتحدة ربما تستكشف إلى أي مدى هو مستعد لتفكيك برامج كبرى خلال الشهور المقبلة، وإذا كان التخلي عن بعض العبارات لتحقيق ذلك ضروريا، فإن واشنطن على استعداد على ما يبدو للقيام بذلك في هذه المرحلة".
(إعداد ليليان وجدي للنشرة العربية - تحرير مصطفى صالح)