نقف على أعتاب افتتاح الجلسة الأمريكية الثانية في الأسبوع، حيث سيبدأ الاقتصاد الأمريكي جولة جديدة في إصدار البيانات الرئيسية، إذ أن بيانات اليوم تتلخّص في أسعار المنازل وثقة المستهلكين في الولايات المتحدة، واضعين بعين الاعتبار أن الأسواق العالمية وخاصة الأمريكية تلقّت دعماً منذ تداولات أمس ووصولاً إلى اليوم، لتشهد المؤشرات الأمريكية ارتفاعاً في تعاملاتها الآجلة.
يوم أمس اتّسم ببروز تصريحات عدة أولّها كانت على لسان رئيس البنك المركزي الأوروبي ماريو دراغي، الذي أشار بأنه يتوجّب على حكومات منطقة اليورو أن تواصل اتباع الإجراءات التقشفية الصارمة بعد أن فتح البنك المركزي الاوروبي محابس السيولة النقدية للبنوك الأوروبية التي ساعدت في عودة الثقة للأسواق.
في حين أشار دراغي أيضاً بأن الحكومات الأوروبية اتخذت خطوات هامة لتعزيز منطقة اليورو مما سيدعم الانتعاش الاقتصادي العالمي كتقديم آلية الاستقرار الأوروبي التي ستدعم رأس المال لبلوغ الكفاءة التمويلية الكاملة بوقت أقرب مما كان مخطط سابقاً.
وبعد ذلك أتى محافظ البنك الفدرالي الأمريكي برنانكي ليعلّق على التطورات في الاقتصاد الأمريكي بشكل عام وقطاع العمالة بشكل خاص، وذلك خلال حديثه أمام الرابطة الوطنية للاقتصاديين لسياسات العام الجاري 2012، إذ أشار برنانكي بأن تعافي قطاع العمالة لا يزال بعيداً عن وضعه الطبيعي المرجوّ وذلك على الرغم من التحسن النسبي الذي شهده القطاع مؤخراً.
مضيفاً خلال حديثه بأن التحديات ما زالت تقف أمام تقدم الاقتصاد الأمريكي بالشكل المنشود، منوّهاً بأن الفدرالي الأمريكي سيراقب البيانات الصادرة عن الاقتصاد الأكبر في العالم عن كثب خلال الفترة المقبلة، كما وأنه لم ينفي احتمالية إطلاق برنامج تخفيف كمّي ثالث مؤكداً بأن سياسة الفدرالي ستبقى كما هي لدعم وتعزيز الأنشطة الاقتصادية، ملمّحاً في المقابل بأن وجود برنامج تحفيزي جديد ستعتمد على حاجة الاقتصاد لمثل هذه الأدوات أو لمثل هذا الدعم.
الأسواق تفاعلت إيجاباً مع هذه التصريحات لتبني آمال على أن تعافي الاقتصاد العالمي سيتسارع في خضم هذه الجهود من قبل صانعي القرار في كبرى اقتصاديات العالم، ولكن في المقابل نشير هنا إلى أن التشاؤم لا يزال حائماً في الأسواق، وقد ينقضّ على المستثمرين في أي وقت، حيث أن أزمة الديون السيادية الأوروبية لم تنتهي بعد، ناهيك عن الانكماش في النمو الذي تعاني منه بعض الاقتصاديات الأوروبية.
وبالعودة إلى أجندة البيانات الرئيسية الصادرة اليوم عن الاقتصاد الأمريكي، من المنتظر أن يصدر مؤشر ستاندرد أند بورز الشهري لأسعار المنازل وذلك عن شهر كانون الثاني/ يناير الماضي، حيث من المتوقع أن يتقلّص الانخفاض إلى -0.30% مقارنة بالانخفاض السابق الذي بلغ -0.50%، واضعين بعين الاعتبار أن أسعار المنازل تواصل انخفاضها على خلفية العقبات التي تقف أمام قطاع المنازل الذي يعاني من عدم الاستقرار.
بينما ستتحول أنظار المستثمرين عقب بيانات قطاع المنازل إلى تقرير ثقة المستهلكين بخصوص شهر آذار/ مارس الجاري، حيث من المحتمل أن تنخفض الثقة إلى 70.1 مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت 70.8، وهذا ما أشرنا إليه أعلاه، أن حالة من التخبّط في بناء المشاعر تنتاب المستثمرين فيما يتعلق بالتطلعات المستقبلية سواءاً على الصعيد المحلّي أو حتى بالنسبة لتعافي الاقتصاد العالمي.
وبأخذ سيناريو وجود خطة تحفيزية ثالثة عزيزي القارئ فإن ذلك من المؤكد سيدعم أنشطة الاقتصاد الأكبر في العالم، ولكنّه سيضعف من قوة الدولار الأمريكي مقابل باقي العملات الرئيسية، وهذا فعلاً ما شهدناه في سوق العملات منذ أن صدرت تصريحات برنانكي أمس الاثنين، حيث انخفض مؤشر الدولار الذي يقيس قوة الدولار أمام سلة من العملات من أعلى مستوياته خلال أمس عند 79.70 ليغلق عند 78.90.
كما وشهد الدولار الأمريكي مواصلة في الهبوط اليوم ليسجّل أدنى مستوياته حتى الآن عند 78.76 ولكنه عاد لحظة إعداد التقرير ليتداول بالقرب من مستويات الافتتاح عند 78.90، وتعتبر أية خطة جديدة لدعم النظام المالي الأمريكي نقطة سوداء في وجه الدولار وذلك باعتبار أن المعروض النقدي سيرتفع في السوق.
وأخيراً نجد بأن المؤشرات الأمريكية تواصل ارتفاعها مع بقاء حذر المستثمرين لما سيأتي في بيانات اليوم خاصة ثقة المستهلكين، حيث ارتفعت المؤشرات في تعاملاتها الآجلة ليصل مؤشر داو جونز الصناعي في تمام الساعة 06:17 بتوقيت نيويورك إلى 13209.00 نقطة وذلك في تعاملاته الآجلة مرتفعاً بحوالي 0.28%، بينما صعد مؤشر ستاندرد أند بورز 500 بما يقارب 0.37% وذلك في تعاملاته الآجلة ليصل إلى 1416.50 نقطة.